عرض مشاركة واحدة
قديم 04-09-2013, 07:54 PM
المشاركة 32
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الفائدة الثانية والثلاثون
صفوة عقيدة أهل السنة وخلاصتها المستمدة من الكتاب والسنة






أولاً: وذلك أنهم يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره؛ فيشهدون أن الله هو الرب الإله المعبود المتفرد بكل كمال؛ فيعبدونه وحده، مخلصين له الدين؛ فيقولون أن الله هو الخالق البارئ المصور الرزاق المعطي المانع المدبَّر لجميع الأمور، وأنه المألوهُ المعبود الموحد المقصود، وأنه الأول الذي ليس قبله شيء، الآخر ليس بعده شيء، الظاهر الذي ليس فوقه شيء، الباطن الذي ليس دونه شيء، وأنه العلي الأعلى بكل معنى واعتبار، علو الذات وعلو القدر وعلو القهر، وأنه على العرش استوى استواءً يليق بعظمته وجلاله، ومع علوه المطلق وفوقيته فعلمه محيط بالظواهر والبواطن والعالم العلوي والسفلي، وهو مع العباد بعلمه، يعلم جميع أحوالهم وهو القريب المجيب، وأنه الغني بذاته عن جميع مخلوقاته، والكل إليه مفتقرون في إيجادهم وإيجاد ما يحتاجون إليه في جميع الأوقات، ولا غنى لأحد عنه طرفة عين وهو الرؤوف الرحيم، الذي ما بالعباد من نعمة دينية ولا دنيوية ولا دفع نقمة إلا من الله، فهو الجالب للنعم، الدافع للنقم، ومن رحمته أنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا يستعرض حاجات العباد حين يبقى ثلثُ الليل الآخر، فيقول: لا أسأل عن عبادي غيري، من ذا الذي يدعُوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأعطيه! من ذا الذي يستغفرني فأغفر له! حتى يطلع الفجر؛ فهو ينزل كما يشاء ويفعل كما يريد، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ويعتقدون أنه الحكيم الذي له الحكمة التامة في شرعه وقدره؛ فما خلق شيئًا عبثًا، ولا شرع الشرائع إلا للمصالح والحكم، وأنه التواب العفو الغفور، يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات، ويغفر الذنوب العظيمة للتائبين والمستغفرين والمنيبين، وهو الشكور الذي يشكر القليل من العمل، ويزيد الشاكرين من فضله، ويصفونه بما وصف به نفسه ووصفه به رسول الله  من الصفات الذاتية؛ كالحياة الكاملة، والسمع والبصر وكمال القدرة والعظمة والكبرياء، والمجد، والجلال، والجمال والحمد المطلق، ومن صفات الأفعال المتعلقة بمشيئته وقدرته؛ كالرحمة والرضا، والسخط والكلام، وأنه يتكلم بما يشاء كيف يشاء وكلماته لا تنفد، ولا تبيد، وأن القرآن كلام الله غير مخلوق؛ منه بدأ، وإليه يعود.
وأنه لم يزل ولا يزال موصوفًا بأنه يفعل ما يريد، ويتكلم بما شاء، ويحكم على عباده بأحكامه القدرية، وأحكامه الشرعية وأحكامه الجزائية فهو الحاكم المالك، ومن سواه مملوك محكوم عليه؛ فلا خروج للعباد عن ملكه ولا عن حكمه، ويؤمنون بما جاء به الكتاب وتواترت به السنة: أن المؤمنين يرون ربهم تعالى عيانًا جهرة، وأن نعيم رؤيته والفوز برضوانه أكبر النعيم واللذة.
وأن من مات على غير الإيمان والتوحيد فهو مُخلد في نار جهنم أبدًا، وأن أرباب الكبائر إذا ماتوا على غير توبة ولا حصل لهم مُكفر لذنوبهم ولا شفاعة فإنهم وإن دخلوا النار لا يخلدون فيها، ولا يبقى في النار أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان إلا خرج منها.
وأن الإيمان يشمل عقائد القلوب وأعمالها، وأعمال الجوارح وأقوال اللسان؛ فمن قام بها على الوجه الأكمل فهو المؤمن حقًا الذي استحق الثواب وسلم من العقاب، ومن انتقص منها شيئًا نقص من إيمانه بقدر ذلك، ولذلك كان الإيمان يزيد بالطاعة وفعل الخير، وينقص بالمعصية والشر.
ومن أصولهم السعي والجد فيما ينفع من أمور الدين والدنيا مع الاستعانة بالله؛ فهم حريصون على ما ينفعهم ويستعينون بالله، وكذلك يحققون الإخلاص لله في جميع حركاتهم ويتبعون رسول الله في الإخلاص للمعبود والمتابعة للرسول، والنصيحة للمؤمنين أتباع طريقهم، ويشهدون أن محمدًا عبده ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو خاتم النبيين، أرسل إلى الإنس والجن بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، أرسله بصلاح الدين وصلاح الدنيا، وليقوم الخلق بعبادة الله ويستعينوا برزقه على ذلك.
ويعلمون أنه أعلم الخلق وأصدقهم وأنصحهم وأعظمهم بيانًا؛ فيعظمونه ويحبونه، ويقدمون محبته على محبة الخلق كلهم ويتبعونه في أصول دينهم وفروعه، ويقدمون قوله وهديه على قول كل أحد وهديه، ويعتقدون أن الله جمع له من الفضائل والخصال والكمالات ما لم يجمعه لأحد؛ فهو أعلى الخلق مقامًا وأعظمهم جاهًا، وأكملهم في كل فضيلة، لم يبق خير إلا دلَّ أمته عليه ولا شر إلا حذرهم منه.
وكذلك يؤمنون بكل كتاب أنزله الله، وكل رسول أرسله الله، لا يفرقون بين أحد من رسله ويؤمنون بالقدر كله، وأن جميع أعمال العباد – خيرها وشرها - قد أحاط بها علم الله، وجرى بها قلمه، ونفذت فيها مشيئته، وتعلقت بها حكمته؛ حيث خلق للعباد قدرة وإرادة تقع بها أقوالهم وأفعالهم بحسب مشيئتهم، لم يجبرهم على شيء منها؛ بل جعلهم مختارين لها، وخص المؤمنين بأن حبَّب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وكرَّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان بعدله وحكمته.
ومن أصول أهل السنة والجماعة أنهم يدينون بالنصيحة لله ولكتابه ورسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة، ويأمرون ببر الوالدين وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران والمماليك ببر الوالدين وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران والمماليك والمعاملين، ومن له حق، وبالإحسان إلى الخلق أجمعين.
ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها، وينهون عن مساوئ الأخلاق وأرذلها.
ويعتقدون أن أكمل المؤمنين إيمانًا ويقينًا وأحسنهم أعمالاً وأخلاقًا، وأصدقهم أقوالاً وأهداهم إلى كل خير وفضيلة وأبعدهم من كل رذيلة.
ويأمرون بالقيام بشرائع الدين على ما جاء عن نبيهم فيها وفي صفاتها ومكملاتها، والتحذير من مفسداتها ومنقصاتها، ويرون الجهاد في سبيل الله ماضيًا مع البر والفاجر، وأنه ذروة سنام الدين، جهاد العلم والحجة، وجهاد السلاح، وأنه فرض على كل مسلم أن يدافع عن الدين بكل ممكن ومستطاع، ومن أصولهم الحث على جمع كلمة المسلمين، والسعي في تقريب قلوبهم وتأليفها، والتحذير من التفرق والتعادي والتباغض والعمل بكل وسيلة توصل إلى هذا.
ومن أصولهم النهي عن أذية الخلق في دمائهم وأموالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم، والأمر بالعدل والإنصاف في جميع المعاملات. والندب إلى الإحسان والفضل فيها.
ويؤمنون بأن أفضل الأمم أمة محمد  وأفضلهم أصحاب رسول الله  خصوصًا الخلفاء الراشدون العشرة المشهود لهم بالجنة، وأهل بدر، وبيعة الرضوان والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار؛ فيحبون الصحابة ويدينون لله بذلك وينشرون محاسنهم ويسكتون عما قيل عن مساوئهم.
ويدينون لله باحترام العلماء الهداة وأئمة العدل ومن لهم المقامات العالية في الدين والفضل المتنوع على المسلمين، ويسألون الله أن يعيذهم من الشك والشرك والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، وأن يثبتهم على دين نبيهم إلى الممات؛ هذه الأصول الكلية بها يؤمنون ولها يعتقدون وإليها يدعون ( ).
***


~ ويبقى الأمل ...