عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
15

المشاهدات
5661
 
محمد غالمي
كاتب وقاص مغربي

محمد غالمي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
91

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Dec 2005

الاقامة

رقم العضوية
734
03-31-2013, 12:11 AM
المشاركة 1
03-31-2013, 12:11 AM
المشاركة 1
افتراضي ما انفك أبي ينتظر!
ما انفك أبي ينتظر!
تأهبت للنوم ولم تعد أنفاسها منقبضة.. تمددت على الفراش في غمرة ضوء شمعة باهتة. ضمت حقيبتها اليدوية إلى صدرها في حنو أثير. اندفعت الأحلام الشاحبة تتراقص أمام مقلتيها، تمطرها بوابل من رذاذ الذهب، وفيض من لجين تساقطا الليلة، وغمرا الثرى من تحت قدميها. أسندت رأسها إلى وسادة مهترئة لصق حائط مهترئ، وتحت سقف متداع. جعلت تتملى في ما جمعت عليه حقيبتها اليدوية! حولت ناظريها جهة اليمين، ونبست: "فلتقر عينا يا بكر الدار أخي.. غدا أو بعد غد ستلحق بركب من ستبحر بهم قوارب الموت جهة العالم الوردي الساحر .. هلل طربا يا بن أبي! فما عدت الليلة بخفي حنين.. استخلصت حلمك من جيوبهم طوعا، وتحت سكرة سعادة لا تلبث تنقشع كغيمة صيف.. وغير خاف عليك الموارد المعطاء! أو ما أغدقت أنا نظيرها من لحم ودم طازجين يا ابن أمي". أدارت رأسها يسارا حيث يضجع أبوها المسلول. لم يطق مسمعها سعاله الحاد.. حفزها ما هي عليه من ثمالة سكر، فانخرطت في نوبة بكاء.. لن أتوانى في استخلاص حلمك الجريح نقدا ودما.. غدا أو بعد غد.. انتظر يا أبي.. انتظر. من وحي بهاء طلعتها وسحر ما ينفث لسانها، سوت آلة فتك على مقاس قلاع آدمية مصفحة، ثعالب وضباع تهوى لحوم حواء مكفوفة البصيرة. وأمست هيام عروسا هائمة في وهج الأماسي الحمراء. على حين غرة استفزها دمها ولحمها المنهوبان في مواخير النخاسة، حيث تتكالب السباع منتفخة البطون من تخمة.. استبد بسائر جوارحها منطق الثأر. ربما صحت صحوة عاهر أضناها عبث الأقدار وطول السهر والانتظار.. جمعت أنفاسها المنهارة، نطقت عيناها بما يعتمل في طي ذاتها من سر مكين. فجأة ألفت نفسها توجه بنادق الدهاء تطيح بالرؤوس الصماء.. "جرعة قليلة من زعاف الموت كفيلة برد الاعتبار.. جديرة بتطهير دمائي الملوثة وجعلها نجيعا ورديا دافقا.. وأجمعت أمرها لتغرس سهامها في العقول الخرقاء، وتبقر بها البطون المنتفخة والمتسربلة بفساتين الغرور والاستعلاء. أخذتها سنة من نوم.. رأت نفسها تتفرد بأول قلعة أدمية مصفحة. ناولت الضبع السمين كأسا مزاجها لغم يذيب السمنة بالتقسيط. وإذ هم بإفراغها في جوفه أمسكت بساعده. صاحت ملء عقيرتها صيحة من داهمها مس أو عالجتها حالة صرع:
ـ لا، لا تفعل.. ما يزال أبي ينتظر.. انتظر يا أبي !!
واستفاقت من رحلتها على قبس الشمعة يأفل رويدا رويدا..