عرض مشاركة واحدة
قديم 03-30-2013, 07:28 PM
المشاركة 2
عبدالله باسودان
أديـب وشاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي تابع حول الشعر بين التلوث والفقدان
تابع حول " الشعر بين التلوث والفقدان"

إذ لا فرق بينه وبين عمر بن أبي ربيعة ، بل لا نغالي إذا قلنا إن روح الأصالة في شعر عمر بن أبي ربيعة أقرب إلى واقعنا الحضاري من نزار، فقصائده بعضها ليست شيئًا باستطاعتنا أن نعتبرها بحق مكتسبات شعرية حضارية وذات رؤيا شعرية.
ونقادنا اليوم كما هم نقادنا بالأمس تبهرهم تلك الكلمات الرنانة لأن كل ما هو شعري لديهم ليس إلا الشكل والمضمون ، الشكل بكل ما لديه من موسيقى خارجية. أما الرؤيا التي هي الشعر ذاته فلم تنل حظًا وافرًا من التفاتهم إليها بالنسبة للمضمون. .
ولكن لو نظرنا بعين الباحث الجاد نجد أن نقادنا معذورون وغير معذورين في آن واحد فهم معذورون لأن أكثر قصائد الشعر الحديث والشعر التقليدي منعدمة من الرؤية المثقفة الحضارية الحقة التي تتغلغل في أعماق النفس الشاعرة ، ولا معذورون لأنهم قلما يلتفتون إلى هذه الناحية التي هي بمثابة الشعر ذاته ؛ ذلك لأن الرؤيا بكل ما لديها من قبح وجمال تحمل في ثناياها إرهاصات عبقرية فذة حاطمة لكل ما هو نهائي ، إنها مطلق يثقب جميع الأبعاد والآفاق المكانية والزمانية .
وجميع الفلذات العبقرية التي تصطدم بأعماق الفنان أو الشاعر في بعض لحظات تجليه ما هي إلا فلذات رؤيا صادمة لكل ما هو محدود لأن كل ما هو محدود ما هو إلا حقيقة قديمة في وقت ما ، وكل ما هو لا نهائي ما هو إلا المطلق ذاته.
ولو نظرنا إلى الأعمال الشعرية لوليم بليك وشكسبير ورامبو نجد أن الرؤية في بعض قصائدهم لا تزال تعيش معنا ولا نزال نعتبرها حقيقة أما الأفكار المنعدمة الرؤيا التي هي من عمل العقل والواقع فقد تلاشت . فالرؤيا هي كل شيء هي الروح ذات الأبعاد اللامتناهية.
نرى إدجار الن بو وهو من أفذاذ الشعراء العالميين يقسم القوى الطبيعية الإنسانية إلى عقل، وضمير، ونفس وأن الأخيرة هي وحدها المسؤولة عن الشعر، ذلك لأن الشعر الحق هو الذي يصدر عن النفس ، لا عن العقل. لأن العقل من إختصاص النثر، والشعر من اختصاص النفس.
وإذا اعتبرنا الشعر والنثر هما جناحا الأدب، لذلك نقول لا يجوز أن يتلاقى الجناحان في موضع واحد. وهذا ما يثبت لنا أن النفس من اختصاص الشعر والعقل من اختصاص النثر.

يتبع