الموضوع
:
أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
عرض مشاركة واحدة
03-29-2013, 05:29 PM
المشاركة
958
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,768
تابع.........والان مع عناصر القوة في رواية
-20-
مدارات الشرق
–
نبيل سليمان
–
سوريا
- رواية «مدارات الشرق» استوعبت في
ثناياها الكثير من الأحداث التاريخية وصاغتها صياغة روائية ـ تمثيلاً وتخييلاً ـ
عبرت بالأزمنة والأمكنة الحدود الروائية التقليدية في إطارها العام، وتعاطفت مع
الشّخصيات التي عانت ما عانت، من جراء خذلان أصحاب الزّعامات لها وهي تبحث عن
ممكنات عيشها الرّغيد على حساب الطبقات المسحوقة، في نمط خفي من الصّراع الطّبقي
المهيمن على ذهنيّة مجتمع تشكّلت نسقيته على هذا
الأساس
.
-
تجاوزت الرواية في هذا السياق السمات السردية التقليدية
الجاهزة، لتخلق لها سمات مبتكرة تفرضها الطبيعة الملحمية للحدث الروائي، وصياغة
حوارات ذات وظائف انفعالية وتفسيرية وإشارية، لتؤسس عبرها لغة روائية خاصة يندمج
فيها المديني بالرّعوي والشرقي بالغربي، مع ما فيها من صدامات ومشاحنات وتنافر تصل
حد الإذلال المتعمّد والمهين لكرامة الإنسان واستحقاقات وجوده الطبيعي في الحياة
عبر كشف أساليب تعذيبية وحشية.
-
فالرواية على وفق هذه الجدلية
زاخرة بالمقابلات
الضدّية مادياً ومعنوياً
:
الحياة والموت
/
الاتصال والانفصال/الثورة والرضوخ/السلطة
والاستعباد/
المقاومة والعجز
،
حيث التضاد شكل من أشكال الصراع الملحمي
العنيف
.
-
فوضع الحدود الفاصلة للمفاهيم واجتراحها، هي النقطة الأهم
والأشمل، خاصة إذا تعلق الأمر بالآخر، ذلك أن هذا الآخر لا يبقى على وتيرة واحدة
وشكل واحد ورؤية واحدة وحساسية واحدة بمرور الزّمن، كما هو الحال في «مدارات
الشرق
».
-
وبفعل الروح الوطنية التي يحملها، فإنه يتحطم إنسانياً
بفعل الضربات الموجعة التي تلحق بروحه وجسده وحلمه هزيمة ساحقة، هذه الهزيمة التي
تترك أثرها في علاقته بنجوم، ومن ثم يبرز الهروب بوصفه بديلاً أو وسيلة للتخلّص من
عقدة الذنب التي يحسّها، هذه العقدة التي نشأت لديه بعد أن ترك شمّا تُذبح أمام
عينيه وهو ساكن وعاجز لا يتحرّك ولا يتمكّن من فعل شيء. هنا تتحول الشخصية التي
عرفناها في بداية الرواية ـ مرحة، ثورية، فاعلة ومتفاعلة مع الآخرين، محبّة ـ إلى
شخصية أخرى محطّمة، منسحقة، فيثور،
وتبرز هذه الثورة في نقمته على نفسه، والتمرّد
عليها، إذ ينشأ الصراع داخليا وذاتياً أكثر مما هو خارجي،
وبفعل الضّغوط والمواجهة
الحادّة مع النّفس تتشكّل رؤيته الخاصة لذاته ولشخصه ككيان يحمل في داخله آثار
الدّمار والعجز ومحاولة إفناء الآخرين من غير
تعمّد
.
-
من خلال شخصية عمر التكلي نقف على نشأة
البرجوازية الحديثة في الشرق العربي، واهتمامها بمصالحها الشخصية، وتحيّنها الفرصة
للصعود، فهي شخصية نرجسية، تعيش في عالم آخر أكثر ثراء من العالم الذي تركته خلفها،
فهاهو عمر مزهواً بذاته، متملّقاً حتى في أبسط الأمور، انتهازياً بكل معنى الكلمة،
ونرجسيته هذه تجعله ينظر إلى نفسه بمنظار آخر إذ يحتفي بذاته ويتمركز حولها تمركزاً
شديداً
.
-
كذلك شخصية فيّاض العقدة الذي أحب نجوم الصوان، ورغب
الزواج منها، وبعد أن خطبها وحدث احتلال مرجمين، أُصيب فياض وتشردت نجوم بعد أن
قُتِل أبوها وماتت أمها، تلتقي بعزيز فيأخذها إلى العم حاتم أبو راسين ويغيب عنها،
تتزوج نجوم من العم حاتم، في أثناء ذلك يستطيع فياض الهرب من المستشفى والبحث عنها،
يلتقيها هناك في بيت العم حاتم بعد أن يكون قد استشهد وتركها
أرملة
.
-
يتحوّل فياض إلى شخصية انتهازية وجشعة، نرجسية، يتنكّر
لأصدقاء الأمس بغرور، يحاول السيطرة على الآخرين، محاولاً الاستحواذ على كل ما
يمكنه الاستحواذ عليه في سبيل الإعلاء من شأن وجوده الشخصاني، وكأنه يعاني من «مركب
النقص» ذلك أن إحساسه بفقدان الكثير مما كان يأمل الحصول عليه قبل الاحتلال، نمّى
لديه شعوراً قويا بالعقدة - لاحظ التسمية المقصودة في اسمه - وهذه العقدة تدفعه إلى
التعامل مع الآخرين بقوة مزعومة، فيتعامل مع الفرنسيين ويضطر الثوار إلى
قتله
.
-
أما شخصية فؤاد، فهو مثقف أولاً، عاش في الغرب مدة من
الزمن، تنتمي عمته إلى إحدى الدول الغربية التي عاشت فيها وتزوجت هناك من المستر
بيجيت، ينتمي إلى أسرة عريقة فأبوه الباشا شكيم أحد باشاوات سورية، له صلة
بالإنكليز، عاش حياة مترفة، متنقّلاً بين الشرق والغرب. يتجاذبه طرفان، الغرب من
جهة، والشرق من جهة أخرى، ومع هذا الانتماء فإنه لا يحس بانتمائه لأي جهة منهما، بل
ينتمي إلى وطنه ويسمّي عشيقاته بسورية. ويتجلى أنموذج الأنا من خلال عنصر الشخصية،
حيث تتمادى في أنويتها على حساب الذوات المجاورة مما يكسبها حسّاً فاعلاً بوجوب
حصولها على استحقاقات إضافية ليست لها في
الأصل
.
إشكالية
الأنا/الآخر
:
-
تغدو الأنا في علاقتها بالآخر المحور
المهم في توجيه الصراع الدائر ووضعه على طاولة المفاوضات الثنائية التي لا تجد
مفراً سوى الرضوخ لهذه الثنائية وبالتالي التماهي بين الاثنين، وإن كانت النتيجة
تحسم دوماً في صالح الجانب الآخر بوصفه الحلقة المسيطرة في عمليات الصراع
ودينامياته
.
-
فشعور العربي بتفوق الغرب عليه، في كافة
المجالات خلق لديه هاجساً مريراً، فنشأ الصراع بين «الأنا والغرب» مع الأخذ بعين
الاعتبار عدم تساوي كفتي الصراع. فصورة الآخر المتفوق والمهيمن والمركزي والمتسلط
والصانع للحضارة دوماً، تجعل العربي يظهر بمظهر المهزوم، المضطرب والضعيف ويندرج
ضمن هذا المحور عدة أقانيم تحدد شكل العلاقة
وتفسّرها
.
الآخر/الإنساني،
وفيه
:
-
أن الأهم هو الخصائص النوعية، فمع أن تركيز
سليمان غالب على الرواية إبداعا ونقداً، إلا أن أعماله النقدية تنوعت، فبالإضافة
إلى النقد الروائي هناك اهتمام واضح بالأيديولوجيا والثقافة عامة والماركسية
والتراث العربي.
-
نبيل سليمان لا يتورع من تجريب كل أشكال الكتابة
الروائية من حيث الطول، فلديه القصيرة (جرماتي)، والخماسية التي تتجاوز الألفي صفحة
(
مدارات الشرق)، ومن حيث التوجه الفني بين الواقعية والسيرة الذاتية وتيار الوعي
والحلمية
.
-
تفيض الرواية بقلق إزاء الأحداث السياسية المحيطة، وفي
طليعتها الحرب المتوقعة في العراق حين كتبت الرواية.
رد مع الإقتباس