عرض مشاركة واحدة
قديم 08-28-2010, 08:13 PM
المشاركة 6
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ليلة العشرين من آذار



وعدتُها أن أهديَها غسالةً آلية
قال الأولُ ...
ردَّ الثاني وقد رفع عقيرتَه
سجادةٌ أعجبتها سأُفاجئها بها ...
الثالثُ كان مستغرقاً في التفكير ..
انصحوني يا شباب
غسالةَ أطباقٍ ؟؟ أم عصارة جزرٍ ??
أحسُّ حتى صدى أنفاسِهم
كانوا يضحكون وهم يلهثون من الصراخ ...
لم أكنْ معهم
كنت في عالمِ المخاضِ أتشظَّى..
وكأنني وقد قاربتُ الأربعين
سأُعيدُ شهقتي الأولى...
يدُ الحياةِ ستُسدِّدُ أقسى ضرباتِها
على ظهري ك(الداية)*
أمي تُحْتَضرُ في المشفى
وعيُها حزمَ حقائبه ورحل
شرايين رأسها تعبتْ من اللهاثِ
خلفَ قوافلِ عمري المثقَلةِ بالجراح
انفجرتْ في رأسها .....
آسفٌ كم كنتُ شقيَّاً يا أمي
لو تشاركينني عيدك في الغدِ ؟؟؟؟
شبانٌ ثلاثةٌ
يومَ كنتُ أؤمنُ بالصداقة
وأنا رابعُهم
وشيخٌ هرمٌ لا يشبه إلا كيس قمامة
مجهول الهوية
مبعوجاً من كل الأطراف
حتى المزبلة تتحاشى نتنَه
اليوم ......
صرتُ أكفر بكل شيءٍ
حتى بالكفرِ ذاته **...
شيءٌ ما استحوذ على تفكيري ...
سأفعلُه ....
سأفعلُه ....
نعم يجبُ ذلك .....
الهاتفُ يرنُّ...
الرجل الذي كلمني
لا أعرف في الوجودِ سواه
من بين صُلبه وترائبه خرجتُ
بعثرتُ أيامَ عمري تحت حذائه
ويستكثرُ عليَّ أنْ أقولَ آه ....
(يابو)*** ... أمك راحلةٌ غداً أو بعد غدٍ
جهِّزْ أكفانَها ****
وكعادته في الأعوام الثمانية والثلاثين
الأخيرة فقط من حياتي !!!
أقفلَ السماعةَ في وجهي .....
لهذا السبب ...
أذنايَ فقدتِ التمييزَ بين ...
نعم و...لا
بين ...
بِئسَ و... نِعمَ
بين ...
الموتِ و... الحياة
ما كنتُ أفكرُ أن أصنعه بنفسي
صارَ أمراً ملَكيَّاً ....
يا لساديَّةِ الدنيا ...
لا تحترم رغباتنا حتى لو وافقتْ هواها ...
امتثلتُ بشغفٍ
حاولتُ أن أقبِّلَ تقاطعَ كل خيطين
من أثوابِ كفنها ....
رجعتُ سعيداً إلى الأدعياءِ الثلاثة...
كانوا يضحكون بوقاحة...
اصمتوا...
اصمتوا...
سأقول كلمتي ...
وأنا أيضاً صار عندي هديتي !!!
ألجمتهم الدهشة ...
تبادلوا نظراتٍ حائرةٍ ...
(أمُّه تموتُ ..لم نفطن لذلك)
زمنُ الفطنة ولَّى ...
يومَ قتلَ قابيلُ هابيلَ وأرشده الغراب ...
يا أغربةَ ***** العالم علموني ...
البكاء الداخليُّ يقتلني ...
هل لدموعي من سبيلٍ ؟؟
من يومِها ما صاحبتُ فَطيناً قط ..
غربانُ العالم كلهم أصدقائي ...
يا الله .... لو أتعلمُ بعضاً من حكمتهم ؟؟
الحقَّ أقول ...
أكره أن أَهديَ أو أُهدى ....
لو كان لي لدفنتُها عارية ..!!
18-3-2010
.......................
* الداية ... هي النسخة الأصلية من الطبيبة المختصة بالتوليد
** ....... الكفر بالكفر إيمان .. حتى لا يرجمني أحد
*** يابو..... تعني يا بني
**** ..... الكفن ما دفعتُ ثمنه فأنا أبيع مئات الأشياء ومنها الأكفان
***** أَغربة وغِربان وغُرُب ... كلها من جموع الغراب !! ..
... مباركٌ هذا الكائن بكثرة جموعه

نكأت الجرح الذي ما لبث أن التئم حتى عاد ونزف

متوكأً على غياهب النسيان وما من أمل للعودة

مع حشرجة سكنت الروح ..وغصة اختنقت بها أنفاسي

وقدر رحيل والدتي ..وذكريات وجع الليلة الأخيرة معها

سبقتني دموعي من فيض حنانها على شواطئ حضنها الدافئ

بصمت مشاعري .. رحم الله والدتك ..ورحم الله والدتي

ورحم الله جميع الأمهات ..وأدام الصحة والعافية للأحياء




الأخ الشاعر عبد السلام بركات زريق


جرح من الأمس من مداد نازف وذكرى أليمة

لكن ما يعزينا أننا كلنا إلى زوال

باقة ورد لروح أمهاتنا

وصمت الروح إجلالاً للحرف

لك الود دمت بخير