عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
3

المشاهدات
2834
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    موجود

المشاركات
1,187

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
03-09-2013, 01:12 PM
المشاركة 1
03-09-2013, 01:12 PM
المشاركة 1
افتراضي ليست سلفية .. وليسوا بسلفيين
ليست سلفية .. وليسوا بسلفيين
( دفاعا عن الإسلام فى مواجهة الإسلاميين )

واهمٌ من يظن أن مهمة الباحثين المسلمين هى مدافعة الشبهات التى يلقيها المستشرقون أو العلمانيون أو منكرى السنة النبوية أو غيرهم من أصحاب الفرق الضالة وحسب ..

بل المعركة الكبري فى هذا العصر هى الذب عن الدين فى مواجهة أولئك الذين حذر النبي عليه الصلاة والسلام من ظهورهم فى آخر الزمان , وأخبر أنهم سيكونون من جلدتنا ويقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم , ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ,

ثم والأهم ,

أننا سنُحــقـّر ــ أى سنهوّن ـــ عبادتنا إلى عبادتهم وصلاتنا إلى صلاتهم !

أى أن هؤلاء النفر المنفّرين عن دين الله سيكون لهم عبادة ظاهرة , وصلاة ملحوظة , وهو ما قد يسبب الفتنة للناس ..

ولا أرى أن هذه النبوءة النبوية قد تحققت فى عصر بقدر ما تحققت فى عصرنا الحالى الذى شهد انفلاتا فى تصدر الجهلاء للمشهد العلمى ــ على حد تعبير الشيخ الحوينى ــ وتسببوا ــ بقصد أو بدون قصد ــ فى تنفير الناس عن دين الإسلام والصد عن سبيل الله ,

ثم كانت الطامة الكبري التى سندفع ثمنها جميعا..

وهى أنهم مهدوا للإنفلات الدينى ورفض الدين فى مجمله بعد أن يئست التيارات الداعية لذلك من أن يكون لها موطئ قدم فى مصر بعد فشلها لأكثر من مائة عام فى أن تتسلل إلى الجموع أو الجماهير ! ,
بل مهدوا الطريق أكثر أمام حركات الإلحاد التى تهاوى فيها شباب كثير لم يتقبلوا التدين بهذه الصورة ولم يصدقوا أن الدين مرده إلى أمثال هؤلاء فـفـُـتنوا عن دينهم كله .. ومنهم ــــ للطامة الكبري ــــ مفكرين وصحفيين وكُــتّــاب تورطوا فى إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة تحت تأثير رفضهم لمنهج هؤلاء الدعاة فى التمسك بتلك الثوابت

وصدقت كلمة الإمام الغزالى رحمه الله عندما قال إن كل مبتعد عن المنهج الدينى الصحيح يقف وراءه فى الغالب نموذج نـفرّه من الدين والتدين ,

وبالقطع لم يكن المطلوب هو التخلى عن الثوابت لكن المطلوب كان حصر الثوابت على مفهومها الحصري ,وعدم التوسع فى إدخال أمور فقهية خلافية تحت بند ثوابت العقيدة , فهذا فوق أنه من الجهل المدقع , يُمثل مصيبة حقيقية فى منهج الدعوة , فالذى لم يتقبل الثوابت المبتدعة لهؤلاء الشيوخ قام برفض الثوابت فى المطلق تحت تأثير رفضه لهذه النماذج ,

وليس هذا الأسلوب من أساليب الدعوة إلى الإسلام بحال , فعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عندما نهض لإعادة الأمة إلى نهج السلف الصالح , حمل الناس شيئا فشيئا على ذلك ,ولم يبادرهم بتطبيق المنهج النبوى دفعة واحدة فى غير ملاحظة لتغير الزمن والأحوال , وعندما عوتب فى ذلك من ولده قال له :

( يا بنى إنى إن حملت الناس على الحق جملة , تركوه جملة .. )

وهذه كلمات تـُـكتب بماء الذهب لمن يعى ويدرك ..



لقد جاءت الثورة فى مصر فلم تكتف بكشف الحزب الوطنى البائد وأفعاله وسياساته , بل أصرت على كشف الجميع , وكان انهيار الرموز ــ ومن يتصور الناس أنهم رموزا ــ مروعا فى حدوثه, ولافتا فى تراكمه , وظهرت آيات من النفاق على من كان الشعب يظنهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا ,

فإذا بهم بعد طول سكوت فى عهد مبارك , بل وطول نفاق ومساندة , يتجاهلون سياستهم السابقة فى نبذ السياسة إلى درجة الإفتاء بأن الإلتحاق بمجلس الشعب هو شرك بالله , وتركوا كل هذه العهود لينزلوا إلى السباق الإنتخابي والسلطة بشهوة مدمرة ويتحالفوا مع أعدى أعدائهم فى العقيدة والمنهج طمعا فى اقتسام مكتسبات الثورة ,

وأصبحوا هم وارثي الثورة بعد أن كانوا بالأمس القريب , هم أصحاب الصوت الأعلى فى تكفير المشاركين فيها والداعين إليها والراضين بالخروج على حكم مبارك !!

وأعنى بهم سلفية القنوات الفضائية الذين افتضحوا سياسيا فضيحة يعجز عنها رتق الراتق , تتساوى مع فضائح الإخوان المسلمين ليثبت للعيان أن كلا التيارين الممثلين للإسلام السياسي ما هم إلا متاجرين بالدين والشعارات وعشاق للسلطة المطلقة , ولديهم دائما الحجج التى يغزون بها عقول أتباعهم لتبرير هذا الإنسياق المستبد

وليت أنهم اكتفوا بالتغرير الذى مارسوه طيلة عقود على جماهيرهم أصحاب العقليات المعلبة , بل استغلوا فضاء الإعلام لارتكاب أبشع الموبقات التى تعطى لغلاة العلمانية أفضل فرصة للطعن على الإسلام باعتبار أن سلفية الفضائيات هى من يعرفها الشعب , وشخوصها ونجومها هم جمهور علماء الأمة فى نظرهم ..

وهذه هى المعضلة الكبري ..

أن الناس لا تفرق , ولا يمكن أن تفرق بين الشهرة وبين القيمة العلمية , فالقيمة العلمية عندهم مرتبطة ارتباطا واحدا بالشهرة , والعكس غير صحيح

ولهذا ,

فإن العلماء الأكابر فى كافة تخصصات الشريعة داخل الأزهر وخارجه لا يعرفهم أحد ولا يهتم بقولهم أحد , رغم أنهم أهل الخبرة والعلم والدراية , بل إنه حتى فى مجال التيار السلفي فى مصر فإن النجومية من نصيب أصحاب الظهور الإعلامى وهم فى جملتهم الكاسحة لا يخرجون عن كونهم وعاظ وليس أكثر من ذلك بمقدار خردلة ,

بينما لا يتمتع أهل العلم الكبار فى التيار السلفي بذات السطوة والنفوذ المعنوى لهؤلاء الواعظين.. نظرا لقلة ظهورهم على الفضائيات أو لزهدهم فى الشهرة وألاعيب السياسة



وما ارتكبه هؤلاء من الإجرام بحق الدعوة , عجز عنه الإعلام السلطوى طيلة عصر مبارك كله ,وكانت الناس تستمع إلى التشويه المتعمد للدين والمتدينين , ثم تلقيه خلف ظهورها ,فلم يصدقوا أبدا أن بعض شيوخ السلفية يكفّرون مخالفيهم من عموم الأمة , ولم يصدقوا أن منهم من يتاجر بالدعوة كعملية بيزنس لا علاقة لها بالدين من الأساس , ولم يصدقوا أنهم مجرد فصيل مستأنس من نظام غاشم .. !

حتى جاءت الثورة وكشفت الجميع ..
ولا أعنى بالجميع هنا عموم الدعاة ولكنى أعنى فصيلا معينا أصبح ظاهرا للعيان الآن وهم أقرب لرجال الأعمال والسياسيين منهم إلى الدعوة والدعاة , وهم أولئك الذين تحالفوا مع الإخوان قلبا وقالبا رغم طول عهد الإختلاف العقائدى بينهم !

فالذى يجهله الكثيرون أن الخلاف فى المنهج بين الإخوان والدعوة السلفية خلاف متسع للغاية , وسبق للسلفيين أن اتهموا الإخوان بأقذع التهم فى عقيدتهم ومساندة التشيع والتصوف المغالى واشتغالهم بالسياسة , ولكن عندما لاحت الفرصة للسلفيين ولوح لهم الإخوان بالمكاسب رضي التيار السلفي السياسي بالمشاركة وضرب عرض الحائط بالخلافات القديمة..

وقد استغلهم الإخوان أسوأ استغلال , ومـثـّـل السلفيون بالنسبة للإخوان مخلب القط والجماهيرية فى مواجهة التيارات المناوئة , ثم افتضح ذلك كله عندما اختلفوا مؤخرا حول تقسيم الكعكة , ورغم بيانات التأييد اللاحصرية التى أصدرها السلفيون لتأييد الإخوان , إلا أنهم ظهروا فى الأيام الأخيرة فى ثوب المعارضين بعد رفض الإخوان إكمال الصفقة السياسية المبرمة بينهما ..

ولأن الغدر طبيعة إخوانية صرفة , فقد رفض السلفيون الإستماع لنداءات أطراف متعددة وتحذيرهم لهم من غدر الإخوان وأن جزاءهم من الإخوان سيكون كجزاء سنمار الشهير , وكانت النتيجة أن أفاق السلفيون من سكرة التحالف على اكتشاف طبع الإخوان السياسي وكيف أصبح السلفيون مجرد يد باطشة يستخدمها الإخوان لتلويث خصومهم دون أن تنالهم ضريبة هذا التلويث

فظهر السلفيون الآن بمعارضتهم الغريبة المستغربة لأخونة الدولة واستبداد الإخوان بالمناصب وكأنهم اكتشفوا هذا فجأة !

ولهذا انكشف للجميع أن معارضة السلفيين للإخوان فى الأيام الأخيرة ليست لوجه الله والوطن , بل هى نتاج الأطماع فى المكاسب السياسية وإلا كيف يمكن أن ننسي الدفاع المستميت لنجوم السلفيين على الفضائيين وإشادتهم بمحمد مرسي ووصفه بأوصاف لا تليق إلا بالخلفاء الراشدين وفتاويهم بجواز قتل المعارضين , واعتبار أن فجر الإسلام بدأت تباشيره بولاية محمد مرسي !!

هذا فضلا على أن السلفيين كانوا هم الجبهة الأمامية للهجوم على خصوم الإخوان والإنهيال عليهم بأقذع الشتائم والألفاظ بخلاف التكفير والإتهامات الأخلاقية !
يتبع