عرض مشاركة واحدة
قديم 02-22-2013, 11:05 PM
المشاركة 3
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والتقية مبدأ إسلامى بدون شك ولكن حكمه فى الإسلام أنه ( رخصة ) , مجرد رخصة فى حدود ضيقة للغاية لا تجوز إلا فى الحرب مع أعداء الدين أو فى حالة خوف الهلكة والموت من عدو باطش , أى أنها شيئ مثل أكل لحم الميتة , فجاء الإخوان فقلدوا الشيعة فى هذا الشأن أى أنهم قلبوها من رخصة إلى ( عزيمة ) أى أنها أصبحت فرضا مفروضا ..
ولهذا مارس الإخوان الكذب الفاجر بلا أدنى ذرة من حياء , وبلغت الفضيحة حدا جعل أحد المراسلين الأجانب قبل لقائه مع محمد مرسي يتلقي تحذيرا من رؤسائه بألا يأخذ كلام محمد مرسي كله على محمل الصدق !
وهذه فضيحة عالمية لم يُسبق إليها فيما أعلم إلا فى حالة قيادات الثورة الشيعية بقيادة الخمينى فى القرن الماضي حيث اشتكى أحد الصحفيين الأجانب لمحمد حسنين هيكل من شيوع المراوغة واللف والدوران من قيادات الثورة الإيرانية , وقد أورد هيكل تلك الملاحظة بشكل دارج فى كتابه ( مدافع آية الله )
ويحكى لنا الخرباوى واقعة أذهلته هو شخصيا ,
ولعلها كانت البوابة التى قادته لمعرفة فكر الجيل الحالى فى الإخوان , ولا شك أنه حمد الله كثيرا على الخلاص من هذا المعترك الفاسد ,
فبعد ابتعاد الخرباوى عن الإخوان انتوى أن ينتقد فكر الجماعة انتقاد المحب الخائف على بيته السابق الذى كان يظنه بيتا للتقوى والدعوة الإسلامية طمعا فى شد أزر تيار الإصلاح داخل الجماعة , فكتب عدة مقالات نقدية فى صحيفة صوت الأمة أيام كان المستشار مأمون الهضيبي مرشدا عاما للإخوان ..
وكان مما انتقده أن مأمون الهضيبي فى المناظرة الشهيرة التى جرت فى معرض الكتاب تحت عنوان ( مصر بين الدولة الدينية والمدنية ) وكان فيها الهضيبي مع د. محمد عمارة و الشيخ الغزالى يناظرون الجانب العلمانى الذى مثّله فى ذلك الوقت فرج فودة ومحمد خلف الله ..
وأفلتت من الهضيبي عبارة فى معرض دفاعه عن الإخوان حيث قال ( إننا نتقرب إلى الله بأعمال النظام الخاص )
فاندهش الخرباوى ــ وكان حاضرا ــ ولفتت نظره تلك العبارة التى تضفي الشرعية على جرائم الإخوان الأولى والتى قتلوا فيها النقراشي والقاضي أحمد الخازندار وقاموا بتفجير أقسام الشرطة ومحاولة نسف محكمة الإستئناف وغير ذلك من الجرائم التى خلفت عشرات الأبرياء قتلى ..
وعنما انشق الخرباوى فى بدايات القرن الحالى كتب فى صدر مقاله الأول منتقدا عبارة الهضيبي ..
وفوجئ بعدها برد من الهضيبي ينكر فيه تماما أنه قال هذه العبارة !!
وذُهل الخرباوى من جرأة الكذب التى يمارسها الهضيبي , وشك فى نفسه ولهذا عاد لشريط فيديو المناظرة وتابعها من جديد فلم يجد العبارة ! , وقام بمطالعة النص المكتوب للمناظرة والذى أصدرته الهيئة العامة للكتاب فلم يجد العبارة أيضا , !
فلم يعد أمامه إلا أن يشك فى ذاكرته التى يثق بها ويثق فى أن العبارة قيلت فى المناظرة , أو أن يشك فى الإخوان أنهم عبثوا بمحتوى شريط فيديو المناظرة وكذلك بطبعة الكتاب لمحو أى أثر لعبارة الهضيبي التى تزكى أعمال النظام الخاص بينما كان الإخوان فى تلك الفترة يتبرءون علانية من فكر الإرهاب
وظل الخرباوى حائرا حتى أهداه أحد أصدقائه شريطا جديدا كان عم هذا الصديق قد سجله للمناظرة مباشرة فى وقتها تسجيلا شخصيا واحتفظ به لنفسه , فتلقفه الخرباوى فى لهفة واستمع إليه لتصك أذنه عبارة الهضيبي واضحة لا لبس فيها !
وبالطبع كانت فضيحة للهضيبي فى وقتها عقب نشر جريدة صوت الأمة لرد مختصر على اعتراض الهضيبي وأعلنت فيه أن تحت يدها شريط فيديو للمناظرة مثبت فيه نص العبارة ..
ليثبت للعيان ساعتها أن الإخوان تمكنوا بشكل ما من العبث فى أشرطة المناظرة وكذلك فى الطبعة الرسمية التى أخرجتها هيئة الكتاب !
ومن الطرائف حقيقة أن أستاذنا الخرباوى كان بيده الحل لهذه المشكلة دون عناء إلا أن طول المدة بين نشره المقال وبين المناظرة التى أقيمت عام 1991 م , كان السبب فى عدم انتباهه للدليل ..
فالنص المكتوب الحرفي للمناظرة لم تصدره هيئة الكتاب وحدها , بل أصدرته مطبوعا أيضا دار النشر المصرية اللبنانية وكذلك أصدره مركز الإعلام العربي , وعبارة الهضيبي فى الطبعتين واضحة بحروفها فى الفصل الأخير , بل إن طبعة المركز العربي جعلت هذه العبارة عنوانا لمداخلة الهضيبي الأخيرة فى المناظرة !

وأخيرا وليس آخرا ..
فكتاب سر المعبد فى مجمله يعتبر الخطوة الثانية الأكثر احترافا للأستاذ الخرباوى ــ بعد كتابه الأول قلب الإخوان ــ وهما كما سبق القول بداية الطريق الصحيح لمواجهة فكر بالإخوان بالفكر ذاته , وهى المواجهة التى عجز عن تصورها نظام الحكم فى مصر من عبد الناصر إلى مبارك
هذه المواجهة الفكرية الضرورية والتى تجهزت ساحتها فعليا بعد تولى الإخوان للحكم وظهور طبيعة سياساتهم , ولعل الثورة كانت كاشفة للغاية عن تناقضات الإخوان , تلك التناقضات التى تسببت فى إفاقة العديد من أعضائها من الشباب مثل هيثم أبو خليل وسامح عيد وعبد الجليل الشرنوبي , ومن القيادات أيضا كالخرباوى وكمال الهلباوى ومختار نوح وعبد المنعم أبو الفتوح ومحمد حبيب ..
لتتحقق كلمة القرضاوى فى شأن الإخوان أنهم يخسرون أصحاب الفكر المستقل واحدا تلو الآخر ولن يتبقي عندهم إلا المماليك ــ على حد تعبير سامح عيد ــ أحد قياداتهم الشابة المنشقة أيضا

تم بحمد الله