عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
7

المشاهدات
4910
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,201

+التقييم
0.17

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
02-22-2013, 10:55 PM
المشاركة 1
02-22-2013, 10:55 PM
المشاركة 1
افتراضي قنابل الخرباوى فى ( سر المعبد ) ؟!
قنابل الخرباوى فى ( سر المعبد ) ؟! [1]

الإخوان لم تقتلهم الدكتاتورية , ولكن الديمقراطية فيما يبدو أنها ستطيح بهم ..
كان هذا هو الإنطباع الأول الذى خرجت به من خلال تأمل التجربة الإخوانية المعاصرة فى طورها التمكينى الذى عاشت تحلم به منذ نشأتها ,
ولم يكن هذا الإنطباع أو تلك النظرة من فراغ , لأن الإخوان المسلمين فى الواقع استفادوا من عهود القمع منذ صدامهم مع نظام الثورة وحتى نهاية عصر مبارك , حيث كان التعاطف والتكالب على دعوتهم يعود إلى رد الفعل الشعبي من عمليات القمع التى واجهتها بهم الأنظمة ,
وقد أحسن الإخوان استغلال ذلك جيدا حتى أنهم أخفوا حقيقة أهدافهم وطبيعة أفكارهم وقدموا أنفسهم للمجتمع باعتبارهم من قوى الإسلام السياسي المعتدل فى مواجهة قوى الظلام والتكفير , ولم تفلح جهود الباحثين الذين نبهوا مبكرا إلى أن المنبع الذى استقت منه التنظيمات التكفيرية أفكارها .. هو منبع الإخوان فى الأصل ,
وهذا بسبب أن كتب وبحوث نقّاد الإخوان جاءت فى معظمها من خصومهم السياسيين , وبالذات من اليساريين ,
مما شكل خط دفاع تقليدى للإخوان عندما يفاجئون بهذه الإتهامات التى تستند إلى كتاباتهم أو إلى ماضيهم الدموى برد الإتهام تحت ذريعة أنه قادم من بوابة افتراء النظام والخصومة السياسية .. ويكتفون بذلك دون تقديم أى رد موضوعى على أى نقطة يثيرها هؤلاء الخصوم ..
مع أن منهج الهروب من نقاط البحث والنقد ليس منهجا إسلاميا على الإطلاق ,
فلو أخذَتْ أجيال المسلمين الأولى والوسيطة بهذا المبدأ ــ ألا وهو رفض الرد على نقاط الإعتراض من الخصوم باعتبارهم خصوما للدعوة ــ لخسر الفكر الإسلامى آلافا مؤلفة من الكتب والأبحاث والدراسات التى قام بتصنيفها علماء المسلمين ردا على شبهات المستشرقين عبر القرون الطويلة , وهى ذخر تراثي هائل برهن على عظمة الرسالة الإسلامية برهانا ساطعا
فمنذ بدأ طوفان شبهات المستشرقين فى وقت مبكر , تزامن مع الحملات العسكرية الهادفة لتقويض دولة الإسلام , بدأ فى المقابل نشاط علماء المسلمين حثيثا فى استقبال كل شبهة وكل طعن على الإسلام بصدر رحب , والرد عليه بالرد العلمى والمنطقي ففشلت حملات المستشرقين بالتزامن مع فشل الحملات الصليبية التى اتخذت الجانب العسكري فى حربها ضد الإسلام
وكان استقبال علماء المسلمين لشبهات المستشرقين يدل دلالة قاطعة على ثقتهم فى أنفسهم فى دينهم وفى وحيهم , ولهذا لم يلتفتوا أصلا إلى طبيعة عقيدة أعدائهم , ولم يكتفوا بأن يردوا على جمهور المسلمين قائلين بأن هذه الشبهات لا يجب الإلتفات إليها باعتبار أنها صادرة من خصوم الإسلام , هذا رغم أن هوية المستشرقين كانت معلنة وأهدافهم كانت واضحة ..,
فقد أعلن المستشرقون أنهم سيتصدون للإسلام عن طريق دراسته دراسة متعمقة بهدف كشف التناقضات والشبهات من داخله ..
واستمرت المعركة زهاء ثمانية قرون خرجت فيها آلاف الشبهات ولقي المستشرون هزيمة فادحة للغاية ,
فلم ينجحوا فى إقامة شبهة واحدة أو تشكيك مسلم واحد فى عقيدته بعد الردود المسكتة البليغة التى قدمها علماء المسلمين عبر العصور , والتى بدأت من عصر أبي حنيفة وابن حنبل بشبهات الفلاسفة والمعتزلة وبلغت ذروتها فى عهد ابن تيمية وابن القيم وبن الجوزى وبن قتيبة وغيرهم وصولا إلى العصر الحديث ,
وإن المرء ليتأمل بمزيج من الدهشة والإكبار تلك المصنفات التى أفردها علماء المسلمين للرد على الشبهات ضد القرآن والسنة , مثل تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة أو درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية أو تلبيس إبليس لابن الجوزى أو تهافت الفلاسفة للغزالى , وغيرها بالآلاف
وقد لا يلاحظ الكثيرون أن علماء المسلمين المتقدمين لم يتركوا للأجيال المعاصرة شبهة واحدة لم يتم الرد عليها ! , فكل الشبهات المعاصرة التى يثيرها البعض من بدايات القرن العشرين وحتى اليوم والتى رد عليها العلماء هى شبهات قديمة فى الأصل وردودها موجودة فى قلب كتب التراث لا سيما الشبهات ضد الحديث النبوى ..

القصد أن هروب الإخوان من الرد على نقاط النقد الموضوعية من خصومهم تحت ذريعة أنها كتابات الخصوم ليست منهجا علميا ولا حتى إسلاميا , لأن الإسلام قام على قبول الحق ولو من الكافر , على حد قول سعد بن معاذ رضي الله عنه ( اقبلوا الحق ولو من الكافر .. )
ولا نعرف فى تاريخ المسلمين أحدا تهرب من المناظرة والنقد إلا أصحاب الفرق الشاذة التى ضلت عن عقيدة أهل السنة وسلكت التفكير الباطنى ولهذا هربوا بفكرهم بعيدا عن محاورات ونقد خصومهم
ومنهج الإخوان المسلمين منذ نشأته مع حسن البنا ثم تطوره الملحوظ على يد سيد قطب , هو منهج شديد التناقض , بالغ الخطورة , وهو منهج فرقة إسلامية لا منهج لأهل السنة ــ وتلك نقطة بحث تستحق مؤلفا مستقلا لإثباتها ــ
وأثر هذا الفكر على الأمة الإسلامية كان فادحا فيكفي أنه باستقراء التاريخ سنكتشف أن مأساة أفكار الخوارج القديمة لم يحيها إلا الإخوان المسلمون , وتهمة الإرهاب التى التصقت بالإسلام لم تنشأ إلا مع نشأة هذا الفكر ..
والأزمة الحقيقية التى تواجه أى باحث فى تاريخ الإخوان , هو عدم وجود دراسات محايدة لهذا التاريخ , فقبل عشر سنوات لم يكن موجودا على الساحة إلا نوعين من الكتب ,
كتب أصدرها الإخوان والمتعاطفون معهم مثل محمود عبد الحليم ومحمود حتحوت وعلى عشماوى وأحمد رائف وجابر رزق وحسن دوح وأحمد الشوربجى ..
وهذه النوعية يغلب عليها صفة الملائكية التى يحاول يضفيها المؤلفون على تجربة الإخوان , فيشعر القارئ كما لو أن الإخوان هم زمرة من الملائكة فى عالم من الشياطين ..
والنوع الثانى هو الكتب التى أصدرها خصوم الإخوان التاريخيين مثل مؤلفات على الدالى ورفعت السعيد وفؤاد علام وهيكل ( ولو أنه لم يفرد كتابا للإخوان وإنما تحدث عنهم فى فصول بعض كتبه ) وغيرهم كثير ..
ولم تكن كتب الخصوم تؤثر تأثيرا كبيرا بسبب نجاح الإخوان فى الترويج لفكرة الإضطهاد , كما أن الخصوم حاولوا إقناع القارئ بأن منبع الإرهاب جاء أصلا من أفكار الإخوان , إلا أنهم لم ينجحوا فى تقديم الدليل الساطع المانع على أن بذور التكفير وتنظيمات الإرهاب المسلح تمت برعاية الإخوان وخرجت من تحت عباءتهم ..
هنا ..
وهنا بالتحديد تكمن خطورة كتاب الأستاذ ثروت الخرباوى ( سر المعبد ) وهو القيادى السابق المتحرر من ربقة الإخوان ,
وقد صاحبت كتابات الخرباوى مؤخرا كتابات منشقين آخرين مثل هيثم أبو خليل وسامح عيد ,
لكن خطورة كتاب الخرباوى أنه ليس كتابا فى المذكرات الشخصية , بل هو درة فى سلسلة عقد فكرى متكامل ينتوى الخرباوى من خلاله الإستمرار فى نقد منهج الإخوان من داخله مزودا بالأدلة التى لا تقبل الجدل هذه المرة
يتبع ..

[1]ــ تم نشر المقال على صفحة كاملة بجريدة ( الدستور ) المصرية , فى عددها الصادر يوم الخميس 21 / 2 / 2013