سجدة الشكر إن البعض يظن أن سجدة الشكر خاصة بالصلاة الواجبة ، والحال أن سجدة الشكر كما هو معلوم من اسمها يؤتى بها بعد حصول نعمة من الله سبحانه ، أو دفع نقمة منه ، وتكون في كل وقت . مثلا : إنسان جالس في المنزل ، فيتذكر نعمة من نعم الله ، فيخر لله ساجدا . هذه حركة مشكورة من العب. والبعض في المستشفى عندما يقال له : فلان برأ من مرضه ، فيخر لله ساجدا . هناك ثلاث جمل شرطية وردت في القرآن الكريم ، ورب العالمين أصدق الصادقين { وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ } : الأولى : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } . طبعا هناك فرق بين ذكر العبد لربه ، فهذا الإنسان المسكين يذكره لقلقة لسان . وبين ذكر الله عز وجل لعبده، لأنه إذا ذكره ؛ قلب كيانه !. الثانية : { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } . اللام لام التأكيد ، والنون نون التوكيد الثقيلة . فهو إما أن يُعطى من جنس النعمة المشكورة ، أو من جنس آخر . مثلا : إنسان أعطي ولدا ، فشكر الله : فإما أن يعطى ولدا آخر صالحا ، أو يعطى من جنس آخر ، كالمال الوفير مثلا . فالعبارة مفتوحة ، ورب العالمين لا مانع لعطائه . الثالثة : { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } . فرب العالمين كما نقرأ في المناجاة : ( وليس من صفاتك يا سيدي ، أن تأمر بالسؤال وتمنع العطية ) !. فإذن ، إن سجدة الشكر يمكن استعمالها في كل الحالات ، والأفضل أن تؤدى على نحو سجدتين . ويُستحبّ فيها تعفير الجبينين بين السجدتين ، وكذا تعفير الخدّين . ويستحب فيها أن يفترش ذراعيه ، ويلصق صدره وبطنه بالأرض . لطالما الإنسان أراد أن يسجد لله شكرا ، وإذ بهذا الشكر يجره إلى المناجاة مع رب العالمين . بعض العلماء يقول : ليس هناك مانع أبدا ، أن تبكي على مشكلة من مصائب الدنيا ، وبمجرد أن تدمع عيناك ، ويرق قلبك ؛ تحوّل الحالة إلى رب العالمين . ( تبكيك عيني لا لأجل مثوبة ولكن عيني لأجلك دامعة ) . ولعل الله يبتلي المؤمن ببعض هذا الضيق حتى يذكره به !. فإذن ، إن المؤمن يشكر الله أن ابتلاه بهذه المصيبة ، حتى يذكر رب العالمين . نحن نعرف أن السجود لا يكون إلا لله عز وجل { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } ، قد يكون التفسير أن المساجد السبعة ، هي الأعضاء السبعة التي يسجد عليها في الصلاة : الكفين ، والركبتين ، والإبهامين ، والجبهة . إن هذا السجود، هو سجود الشكر لله , وإلا أن يسجد الإنسان لغير الله ، فإن هذا ليس من الإيمان . إن من موارد سجود الشكر ، أن يُوفق الإنسان للإصلاح بين متنازعين . يا لها من فضيلة عند الله عز وجل !. لأن الإنسان عندما يتخاصم مع أحد ، يتجاوز الحدود الشرعية : غيبة ، وبهتانا ، وفحشا . فهو عندما يصلح بين مؤمنين ، أو بين مؤمن ومؤمنة ؛ يكون قد منع عنهما هذا الحرام الكبير . حميد عاشق العراق 12 - 2 - 2013