عرض مشاركة واحدة
قديم 01-28-2013, 11:06 AM
المشاركة 8
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع،،

اقتباس "شاشة التلفاز خرقة منقماش وسخ ،،،، !!لمحت بائع الليمون في حارتنا ،،، يقود مظاهرة ضد الدولة المدنية"!!!

ينتقل بنا الراوي بكاميراته التصويرية إلى مكان آخر، ويسلط الأضواء هذه المرة باتجاه شاشة التلفزيون تحديدا، ونجده هنا يشبه شاشة التلفزيون بالخرقة من قماش وسخ، وحتما أن السبب يعود إلى انه جهاز يمثل سيناريو الزيف والرتابة، وهو وصف لحالة التردي للبرامج التي تبث على تلك الشاشة والمنفصلة عن الواقع المأساوي والمؤلم والبائس الذي وصلت إليه الأمور، والذي يعيشه الناس.

ذلك الواقع الذي أحسن القاص تصويره في المشهد الأول فالليل شديد العتمة، وأطباق العشاء فارغة توحي بالفقروالبؤس، والمزهرية غابت عنها الأزهار رمز الجمال والحب، ومؤشر إلى الزمن الجميل الذي كان مفعما بالحياة والرفاه الاجتماعي، لكن شاشة التلفزيون مستمرة في بث برامج زائفة وشديدة الرتابة وكأن الحديث يجرى عن كوكب آخر، فصار كأنه خرقة من قماش وسخ.

وهنا نجد القاص وكأنه يشرح لنا وفي كلمات قليلة جدا، أسباب قيام الثورة التي لم تقتصر على النخبة، لا بل شملت كل الشرائح المجتمعية، حتى وصلت إلى بائع الليمون، حيث نجد أن الراوي قد سلط عليه الأضواء الكاشفة، وكأنه انتقل بالكاميرا عبر النافذة لينقل لنا صورة ذلك البائع وهو يشارك في مظاهرة ضد الدولة المدنية في الشارع المجاور.

ولا شك أن القاص حينما جعل بائع الليمون يقود المظاهرة، نجح في تصوير مرارة الوضع البائس في الشارع والذي أوصل الأمور إلى حد تحول هذا الشخص من بائع إلى قائد لمسيرة احتجاج.

وأتصور أن القاص قد اختار بعناية طبيعة المهنة التي يمارسها الشخص المذكور، فجعله بائع ليمون تحديدا وليس بائع برتقال مثلا، وذلك لاستثارة حاسة الذوق بحدة من ناحية ولتعزيز صورة الظروف البائسة التي فيها الكثير من المرارة والمذاق الحامض. ذلك ان كلمة مذاق الليمون ترتبط في ذهن المتلقي بتلك الحالة الشعورية حتما.

طبعا في موقع آخر من النص ما يستثير المشاعر بطريقة اخرى، ويدفع المتلقي بالشعور بحالة القرف من جديد وذلك من خلال استخدامه لكلمات ( خرقة من قماش وسخ ).

وفي استخدامه لكلمة (لمحت) استثارة لحاسة البصر، ولا شك أن اختياره لكلمة لمحت نجح في تسليط الضوء على ذلك الشخص بكثافة، فأصبحت الكلمة كأنها عدسة مكبرة عند المتلقي.

والجميل في وصف هذه الشخصية أن القاص جعلها شخصية ديناميكية فهي تحولت من بيع الليمون إلى قائد لمظاهرة ضد الدولة.

وفي النص حركة تبعث فيه الحيوية والحياة،ولذلك نجده بالغ التأثير.

وهذه الفقرة تعزز الاعتقاد بأن القاص إنما يختار كلماته بعناية فائقة، وكل كلمة في النص لها دلالة ومعنى، وتوحي بالكثير، وترتبط من ذهن المتلقي بالكثير، كما ترمز إلى الكثير، مما يعزز الاعتقاد بأنه نص بارع كتب بمهارة فائقة.

يتبع،،