عرض مشاركة واحدة
قديم 08-27-2010, 09:38 PM
المشاركة 3
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
- الفصل الخامس -


وتلت أيام قليلة بعد ذلك على منوال واحد. . حيث هيأ ثائر مجرافاً بسيطاً عند حداد البلدة . . يساعده على حفر الخندق . . ومضى يحفرويحفر يوماً بيوم . . حتى تمكن من تهيئة فجوة تسمح بمروره . . . إذن . . فكل شـــــيء أصبح جاهزا . . .
وجـــاء اليوم الموعــود . . يــوم الجمعة المباركـة . . وكـان موعد التنفيذ في الواحد ة . . فجر الســــبت . .
وقد كان هذا اليوم . . يوم فرحة بالنسبة للبطل . . أخذ صديقه وذهب معه يزور أهل بلدته . . يسلم على هذا و يمازح ذاك . . ومن لم يجده . . يلتقي به في المسجد. . . وفاجأ محمد صديقه بكلمات قليلة . . استقرت عميقاً في وجدانه . . وانشرح بها صدره . . " صديقي العزيز. . لن يطول غيابك. . انتظرني. . وسوف تجدني عندك ". . الحمدللـــه . . الحمدللـــه . . هكذا هلل ثائر. . خرج جوابــه من أعما قـــه . . وعلم أنه على الصراط المستقيم. . ما أحلاها من كلمــــات في مــثل هـذا الـيوم . .
وكلما اقترب الموعد. . زادت سعادة ثائر و حما سه . . و استعجل الزمن . . فالجنة صارت قريبة قريبة . . للـــــــه كم هي طويلـــــــــة هذه الحيــــــــاة . .
في فترة المساء. . ذهب ثائر إلى بيته. . قابله أهله بأحلى ابتسامة . .اعتبروا أن يومه هذا هوعيد لهم . . فتهـيأوا له . . ولم يزعجوه بسؤال أو تعليق . . كانوا يعرفون أنه على الطريق القويم . . نعم . . هذا هــــــو طريقنــــــا. . وهذا هو قدرنــــا . .
أخذ ثائر يبحث و يبحث في البيت عن شيء ما . . ولم يجده . . وأمه ترقبه من طرف خفي . . و فهمت بقلبها ماذا يريد ولدها . .أ حضرت له ثوباً أبيض كان لخاله الشهي د. . ودفعته إليه . . أهذا ما تبحث عنه! !
وبكل الحب. . وكل العاطفة . . قفز ثائر إلى صدر أمه يودعها و تودعه. . لقد قرأت أفكاره . . وعرفت ماذاينتوي . . وعرفت ماذا يريد . . الزمن يجري . .وقد قارب الوقت منتصف الليل






- الفصل السادس


ارتدى ثائر ثوبه الأبيض . .وقـبل أفراد عائلتـه فـرداً فـرداً . .ودع صديق عمره عند أطراف البلدة . . ومضى إلى مصيره وحيدا . . إلا من اللــــــــه معه . . وإلا من صور من سبقوه إلى الشهادة في ذاكرته . . لم يعرف الخوف إلى نفسه سبيلا ً. .
ومن يهب عمره في ســــــبيل قضية. . لا يشعر بالرهبة أبداً. . .
وصل ثائر إلى منطقة الهدف . . أزال الأكمة النباتية التي تخفي النفق . . وزحف إلى الداخل. .
تحزم بالمتفجرات. . حمل مسدسه. . مر تحت السور. . واقترب من الخيمة الكبيرة. . تتصاعد منها أصوات الصهايــنــة و ضحكــــاتهم . . ســــــترون ياأعداء اللـــه من يضحك أخــيـــرا . . .
وبسكين صغير معه . . أحدث ثقباً في قماش الخيمة كي يضع خطة الدخول . . شاهد في وسط الخيمة باراً خشبياً مرتفعاً . . فذهب خلفه من خارج الخيمة . . وأعمل سكينه في الحبل السفلي حتى قطعه . . ثم أبعد قماش الخيمة بهدوء و حذر ونزل تحته . . وفي لحظة واحدة . . كان قد أصبح في الداخل . . في وسط الصهاينة تماماً . . يخفيه البار المرتفع . . .
قرأ الفاتحة. . وقرأ آية الشهادة ودعا اللـــــــه. . " اللهم لا أملك في هذه الدنيـــاإلا نفسي. . أهبها لــك و في ســــبيلك. . اللهـــم تقبلهــــا منــي. . إنـك أنــــت الســـميع المجــيب " .
جهز مسدسه. . وقفز إلى وسط الجمع تماماً . . أطلق الرصاصة الأولى فأصاب الضابط الأول . . والثانية أصابت ضابطاً آخر. . وقبل ان يدرك أحد ماذا يحصل . . كان دوي انفجار عظيم يهز المعسكر . . ويهز البلدة من أقصاها إلى أقصاها . . ولم تسمع إلا كلمة واحدة . . اللــــــه أكبر . . اللــــــه أكبر . . .
لم ينج من الصهاينة أحد . . وكان عددهم كبيراً . . واستمر العدو بإخلاء قتلاه و جمع أشلائهم لساعات عديدة . . دلت على قوة الضربة و قساوتها . . .
أما في البلدة . . وبعد دقائق معدودات من سماع الانفجار. . أسرع محمد الصديق الوفي إلى أهل الشهيـــد . . يطرق الباب . . يظهر الوالد والوالدة ومن ورائهم الأخوات الصغار. . ويتوجه إليهم بوجه دامع يملؤه الحماس و الفخر. . لدي أمانة من ثائر. .أرجو ان تتقبلوها. .
. . ضم الوالد صديق ولده إلى صدره . . دلفا إلى الداخل . . وفتح الأمانـة فوجد العلـم و المصحف والصورة . . والرسالة . . رسالة قصيرة . . بسيطة . . أعطت المعنى الكامـل لحياة هذا المناضل البطل . . .

أهلـــي . . . أحبائــي . . . أصدقائـــي . . .
يـا أرض الرســــالات. . . يا قــــد س. . . .
إني أجـود بنفســــي فـــداء لكـــــم . . .
لقد انتقمـت لأخي . . وانتقمـت لأرضــــي . . .
هذا هو قدرنــــا . . . وهذا هو الطريـــق . . .
من ســــار عليـه . . وصل إلى الشـهـادة . . .
لا تنتظروا من يحرر فلـــسطين عنكـــــم . . .
لن نسترد القدس بالخطـب والهتافـــــات . . .
لن نستردها بالاتفاقيــات والمعاهـــــدات . . .
اتفاقـيات السلام مرفوضـــة مرفـوضـــة . . .
حرروهــــا بدمـــائـــــــــــكم . . .
واكــســـبوا بذلـــــك الجنــــــة . . .


ابنكم البار . . ثائر . .





انتهت




** أحمد فؤاد صوفي **