عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
10

المشاهدات
8307
 
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي


أحمد فؤاد صوفي is on a distinguished road

    موجود

المشاركات
1,812

+التقييم
0.31

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6386
08-27-2010, 09:26 PM
المشاركة 1
08-27-2010, 09:26 PM
المشاركة 1
افتراضي ++ لك ياقدس ++ قصة من ستة فصول
++ لك يا قدس ++







- الفصل الأول-



أرجوك سيدي . . فأنا لست صغيرا كما تظنني. . لقد بلغت الرابعة عشرة في الشهرالماضي. .أرجوك وأتوسل اليك أن تقبل ا نضمامي لكم. . أرجوك . . اسمح لي . .
وسأكون عند حســـن ظنك . . .
ولم يستطع أمير الجماعة أن يسمح لثائر. . بالذهاب فهو يرى أنه ما زال صغيرا. . بل إنه يبدو أصغر من عمره بكثير. . و ما زال أمامه الكثير الكثير ليتعلمه . .
عاد ثائــر الى طريــق البيـت . . يجر نفســــه جراً. . عيناه مخضلتان بالدمع . .
لا يدري ماذا يفعـل . . فهو لن يستطيع الانتظار. . لقد قتلوا عابد أخاه الأصغر. . قتلوه بدم بارد وتركوا جثته ملقاة مشوهة في وسط الساحة . . حتى الصباح التالي. . لقد سهر الليل بطوله في الزقاق. . يطل من مكمنه بفزع. . ينتظر تراجع المجرمين . . اللذين تمترسوا خلف دباباتهم حتى الفجر . . عندها فقط تمكن من الوصول الى جثة أخيه . . يضمها ويذرف عليها الدمع . . حمل جثمان أخيه الشهيد . . ولم يرض من أحد أن يعاونه . . وقد جف الدمع في مقلتيه . . ويمم وجهه شطر البيت . . والبلدة كلها تسير في مواكبته . . يعزونه و يشدون من أزره وأزر عائلتـه . .
يتذكر تماما ما حصل بعد ذلك . . اذ أصرعلى دفن أخيه في فناء البيت . . و ما أن انتهت المراسم البسيطة . . حتى أحضر علم فلسطين و أقسم أمام الجمع . . لأنتقمن لك يا أخي . . ان روحي فداء لك ياوطني . . كان ذلك منذ عام مضى . . و صار يزور أخاه كل يوم . . ليقرأ له القرآن و يبشره باخبار المقاومة . . لا يتناول طعامه الا قرب ضريحه . . فقد كان صديقه و أليفــه في كل حيــن . .




كبر ثائر بسرعة . . نسي وراءه عمره وطفولته . . كان أمامه هدف ثابت . . عليه أن يحققه
. . تشابكت العواطف في قلبه الصغير. . وعاد بذاكرته الى الوراء . . الى عام مضى . . كانوا يلعبون قرب السوق . . وجمع كبير من الأهل و الجيران يبتاعون حاجياتهم و لوازمهم . . مرت طائرة هليوكبتر من بعيد . . لم يعرها أحد أي اهتمـام . . وظهرت ثانية قرب الظهيرة
. . ثم حصـلــــــت الفاجعــــــــة . . كانـت العملية سريعة و قاتلة . . صاروخ واحد أطلقته الطائرة وسط السوق . . سبعة عشر شخصـا تناثرت أشلاؤهم وسط باقي المصابين . . واصطبغت الساحة باللون الأحمر و تحولت البهجة الى حزن أسود . . و تحول الحزن بعد ذلك الى غضب . . في البدء ساد الخوف . . ثم أعقب ذلك شجاعة لا حدود لها . . شجاعة مع رغبة في الموت . . رغبة في الدفاع عن الأرض. .هل يظن الصهاينة أننا جبناء. . سنريهم من هو الجبان. . لا نهاب الردى . . حياتنا لأرضنا فداء . .

- الفصل الثاني-

في اليوم الثاني للمجزرة . . خرج المخيم في مسيرة هادرة . . حرقـوا العلمــين الاسـرائيلي و الأمريكي. .و مضوا يهتفون . . . .
مجـــرمون. مجرمـون. . . يهـــود غاصبـون . .
بالقــرآن والإنجيـــل. . . نحمي غزة والخليــل . .
و انتبهت طلائع الجند إلى ما يجري . . فتمترسوا في دباباتهم . . ثم شكلوا صفاً واحدا ً. . ثم بدأ سيل النيران ينطلق عشوائياً . . باتجاه الناس العزل . . تفرقت المظاهرة . . وجرى ثائر ينجو بنفسه . . وبطرف عينه لمح أخاه يسقط . . يتدحرج . . ثم يسكن . . اختبأ خلف أول ساتر يحميه . . و حاول أن ينظر. . أن يبحث . . أن يستنجد . . ولكن هيهات . . زخات من الرصاص كانت تمنعه . . تطلق على كل ما يتحرك . . و بقي في موقعه. . وحيداً حتى الفجر . . حين تراجعت الدبابات . .
وخلت الساحة . . إلا من جثة أخيه . .
أراد أن ينضم لمجموعات الإستشهاديين . . و لكن أحداً من أصدقائه الأكبر ســــــناً لم يرض أن يدله على الطريق . . وجدوه ما يزاال صغيراً . . فقرر أن يتصرف بمفرده . . تخفى
بين الأزقة ينتظرالظلام . . حتى شاهد حسام ابن الجيران . . يتجه متخفياً في طريق البساتين
. . تبعه بصمت و خفية . . دون أن يراه . . مدة ساعة كاملة . . وصلا بعدها إلى مكان بين البساتين . .اجتمع فيه حوالي العشرون شاباً . . يشكلون حلقة . . في طرفها يقف أميرهم . . لحية قصيرة . . ثياب بيض . . كأنها لباس الجنة . . يحيط رأسه بعلامة العز . . علامة الاستشهاديين . . نظرته مليئة بالتقى والورع . . تعشقه حين تراه . . .
" الســـــلام علـــيكــم ! ! ! ! " . .
فوجىء الجمع بالصوت الآتي من جهة الأشجار. . اقترب ثائر من أمير الجماعة . . و بنظرة ملؤها الثقة والاعتداد بالنفس. . قال له . . أنا ثائر
. . قتل الصهاينة أخي. . أريد أن أنتقم . .
أنا فداء للقدس . . قالها بصلابة الرجال . . و بدون تردد ! . . ســــكون كمم الأفواه . . شعور فخر و عز ملأ الأبدان . . لم ينبس أحد ببنت شفة . . فالموقف ينير القلوب . .

و ما حياتنا إلا مواقف نقابل بها المولى عز و جل في العلى يوم الحساب .

" تعال و اجلس بجانبي " . . وأومأ الأمير للطفل البطل . . أجلسه بقربه . . و مضى يكمل الدرس الديني و التوعية و التدريب . . و ما أن فرغ من واجبه . . حتى التفت صوب ثائر. . عرفه بنفسه و تعرف عليه . .
ومضى يقنعه أن يهتم بدراسته و أهله في الوقت الحاضر . . و بأنهم كلهم فداء للأقصى . . و هم لن يقصروا أبداً بحق أرضهم . . ولا بحق أخيه الذي اغتالته الأيدي الجبانة . . كان كلام الأمير مقنعاً . . وثقة إيمانية عظيمة تملأ حديثه . . و لكن ثائر كان في عالم آخر . . كلا ! . . لن أستطيع الإنتظار. . لقد عاهدت أخي على الانتقام . . كلا لن أنتظر أكثر من ذلك . . فقد آن الأوان . .
ومضى ثائر يتقلب في فراشه . . عساه يأخذ قسطاً من الراحة . .
و لكـن . .
هيهات لمن وهب حاضره لمستقبله أن يهدأ له بال أو تغمض له عين . .

*** يتبع