كيف نجمع بين العزة الإيمانية وبين الصفح عن أخطاء الآخرين ؟.إن هناك حيرة عند المسلمين ، حيث يقولون : لا ندري ما هو التكليف في هذه الحالة حيث يقول تعالى : { وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } . فالله عز وجل أوكل أمور المؤمن إلى نفسه ، إلا أن يذل نفسه . ليس له الحق أن يجعل نفسه في مواضع الذل والوهن ، وهذه قضية بديهية واضحة في الشريعة . ولكن من ناحية أخرى أمرنا بالصفح عن زلل الغير ، حيث يقول تعالى في كتابه الكريم : { رُحَمَاء بَيْنَهُمْ } ، { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ } . عن الإمام علي ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ألا أدلك على خير أخلاق الأولين والآخرين ؟.. قال : قلت : يا رسول الله ، نعم . قال : تعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ) . فكيف نجمع بين العزة الإيمانية ، وبين الصفح عن زلل الغير ؟. وهذه من المشاكل الأخلاقية . إن القضية تختلف باختلاف الموارد ، فالعزة الإيمانية أو إثبات الشخصية الإيمانية لها موراد ، وكذلك العفو له موارد . والقوانين غير منضبطة في هذا المجال ، ولكن إجمالا : إذا كان العفو عن الظالم يوجب له مزيدا من الظلم ، نعم في هذا المورد يجب أن يأخذ موقفا حاسما ؛ ولكن من باب دفع الظلم ، وعدم تمادي الغير في الباطل . أما إذا كانت القضية بالعكس ؛ أي أن عفوي عمن ظلمني يوجب احترام الطرف المقابل؛ فإنه يجب العفو . فهذه قاعدة معروفة ، عندما تغضب المرأة على الرجل ، ويسكت ويحسن إليها بسكوته ؛ فإنه يدخل إلى قلب المرأة بهذه الحركة . هو أراد أن يملكها بالعنف وغيره ، ولكنه احتواها بتصرفه هذا . وعليه ، فإن المؤمن في هذا المجال ينظر إلى الأمر ، ويدرسه دراسة ودية . هناك قاعدة في القرآن الكريم تقول : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ، وهناك قاعدة أخرى تقول : { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } نحن عندما نتخاصم مع أحد ، فإن الحل عندنا هو المحاكم ، ولكن القرآن يقول : { فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } . وبالنسبة إلى الزوجين المتخاصمين يقول تعالى : { إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا } . فإذن ، إن القاعدة العامة هي : رحماء بينهم ، وإذا أراد الإنسان أن يخرج من الرحمة ؛ لا بد له من سبيل !. حميد عاشق العراق 18 - 1 - 2013