عرض مشاركة واحدة
قديم 01-13-2013, 03:01 PM
المشاركة 229
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
أيضا, إذا كنت قد قرأت رواية جوزيف كونراد نوسترومو (1904) فسوف تعرف ان فيها حبكة معقدة جدا, فالرواية استطاعت ان تكون مروية بطريقة التسلسل التاريخي المستقيم والسهل للغاية. لكن لماذا رواها كونراد بطريقة كهذه معقدة وغير متسلسلة تاريخيا؟ وفي تلك الحالة, لماذا لم تشأ إيميلي برونتي ان تروي لنا مرتفعات ويذرينج بسحبة واحدة مسلسلة تسلسلا تاريخيا ملائما ــ ربما عن طريق جعل نيلي دين يقصها في اجتماع واحد مع لوكوود؟
==

جوزف كونراد
هو أديب إنجليزي بولندي الأصل ولد في ما يعرف بأوكرانيا البولندية عام 1857 لوالد أديب مغمور انتقل مع والده إلى بولندا حيث توفى والده ومنها انتقل إلى فرنسا عام 1874 حيث عمل بالملاحة ثم انتقل إلى إنجلترا واستمر في عمله بالبحر. توفي عام 1924 بنوبة قلبية وترك 13 رواية و 28 قصة قصيرة.
أغلب رواياته لها علاقة بالبحر ويرويها بحار عجوز اسمه مارلو من رواياته "قلب الظلام" "العميل السري" و"النصر" و"تحت عين غريبة " و"لورد جيم".
تخيلوا هذا كل ما هو مكتوب عن هذا العبقري في وكيبيدا العربية؟!
==
الكتابة كما يشتهيها جوزيف كونراد


" نوم بعد مشقة ، ومرفغأ بعد عاصفة ، ويسر بعد حرب ، وموت بعد حياة . تجلب أعظم السرور ".

هذه الكلمات تعتلي قبر الكاتب الأنجليزي جوزيف كونراد المتوفي في عام 1924 م. الكلمات التي ختم بها إحدى أواخر أعماله وطلب أن تكون على ناصية قبره.
جوزيف كونراد، من أعظم كتاب القرن العشرين والكاتب الوحيد الذي له 3 روايات في قائمة أعظم 100 رواية في القرن العشرين، شخصية فذة ومكافحة؛ إختار البحر وسرقته منها الكتابة. هذا ليس كل شيء. جوزيف كونراد الكاتب البريطاني ذو الأصول البولندية لم تكن اللغة الأنجليزية لغته الأم ولا لغته الثانية، لكنها اللغة الثالثة التي تعلمها في منتصف العشرينات من عمره ولم يمارس الكتابة إلا عندما أتم الثلاثين عاماً بقليل. اختار الكتابة بهذه اللغة الغريبة عنه ليصبح أكثر الكتاب تأثيراً في الحركة الحداثية في الأدب الأنجليزي قُبيل الحرب العالمية الأولى. كتب بالأنجليزية بشكل ملفت وباهر. كتب بالأنجليزية في براعة متناهية وتفوق على جميع كتاب جيله بخمس روايات تعتبر من الأعمال الخالدة التي كُتبت باللغة الأنجليزية. رواياته التي تُدرس لطلاب الأدب الأنجليزي في أمريكا وبريطانيا في وقتنا الحاض. هذا شيء يدفعك للتأمل حقاً. إنها معجزة بحق.

بدأ حياته بحاراً في الأسطول التجاري الفرنسي وهو ابن السادسة عشر ربيعاً في مدينة مارسيليا، بعد أن هُجر والديه من بولندا المستعمرة من قبل روسيا القيصرية إلى أوكرانيا وهو في الثالثة من عمره، تعلم الفرنسية في البحر، ثم إنتقل إلى الأسطول التجاري البريطاني بعد إصابته بطلق ناري كاد أن يودي بحياته. أمضى وقته في القراءة وسبر أغوار اللغة الأنجليزية على متن السُفن.

إنه الكاتب الذي يكتب "لمن لا صوت لهم"، تميزت كتاباتها بتعرية المستعمر الأوروبي وجشعه من أجل المال والسلطة والعراقيل التي تكون أمامه. بشخصيات تضحي بكل شيء من أجل المُثل العليا والمباديء. كتب عن البحر كما لم يكتب أحد آخر عنه. كتب عن الانسان وطموحاته وخيباته وكفاحه من أجل المباديء والبحث عن الإستقلالية والعيش بكرامة.

طريقته في الكتابة تميزت بحرصه على إختار الألفاظ الدقيقة في وصف الحدث، الحركة والإنفعال. ربما أنه يعود إلى أنه يتحدث أكثر من لغة فإختياره للفظ يكون بهذه الدقة المنتاهية. فمثلا بدلاً من أن يكتب: أحمد ذهب إلى السوق، يجعل الجملة أكثر دقة في وصف هذا الحدث البسيط إلى أحمد ذهب إلى السوق ماشياً أو مشى إلى السوق. وربما يكون أكثر دقة في وصفه إلى درجة أن يصف كيف كان أحمد يمشي، متخبطاً سريعاً ببطأ وهلمجرا. إنه لا يكتفي بإي فعل لوصف الحدث أو الحالة – لستُ لغويا للأسف- لكنه يتعمق في اللغة ليختار الفعل المناسب والنعت الدقيق ليكتب بدقة متناهي ويصور لك المشهد متكاملاً ويضع القاريء في منتصفه.

الخاصية الثانية كثرة إستخدامة للنعوت حين يتطرق إلى تحليل الحدث بكل تفاصيله مما لا يدع مجالاً للقاريء بأن يخمن المجهول. قال عنه الكاتب البريطاني العظيم فورد مادوكس فورد أن كونراد حين يقوم بوصف حادثة قتل فإنه سيأخذك إلى أسبابها وعلاقة القاتل بالمقتول. سينتقل بك معه إلى الطريقة التي حصلت بها الجريمة وكيف طعن القاتل القتيل، وبأي يد كان يمسكها، وحدت السكين وشكلها وصانعها. وربما أنه يعود بك للوراء إلى الوقت الذي إشترى فيه القاتل السكين وشخصيته المضطربة والتي أثارت الشك في البائع. وما الذي دفع البائع إلى تجاوز شكوكه ليبيع هذه السكين له. وربما أنه يعود بنا إلى البائع وحالته المادية ومشاوراته مع العاملين معه حول بيع هذه السكين. إنتهى كلامه بتصرف كبير. جوزيف كونراد يحلل ويتعمق في الحدث بكل تفاصيله وحذافيره من أجل أن يقنع القاريء بما يكتبه. إنه من النوع من الكتاب الذين يحترمون القراء بشكل كبير ولا يدعون ثغرة واحدة في نصوصه تقع في دائرة الشك.

جوزيف كونراد لم يتخذ الكتابة عملاً أو هواية، لكنها كانت حياته التي أختارها. إنه شخص متفاني جداً في حبه للكتابة إلى الدرجة التي كان يجعل زوجته تغلق عليه باب مكتبه في الصباح والمساء ولا تفتح الباب إلا من أجل تناول وجبتي الغداء والعشاء ثم الذهاب إلى النوم. هذه الشخصية العظيمة لا يمكن تجاهل مدى تفانيها وإخلاصها من أجل الكتابة الأدبية الإبداعية برغم أنه عاش فقيراً ولم يحضى بنصيب من الشهرة إلى في أواخر عمره. حيث كانت رواياته تناقش قضايا انسانية عميقة وتهاجم الإمبريالية الأوروبية وحب المال والتسلط وإستغلالها للشعوب الأخرى ونهب أموالها وممتلكاتها.

إنه يكتب كما لو أنه ينحت على الصخر، تقول أحدى الروايات التي ذكرتها زوجته أنه أمضى يوم كامل يراجع جملة واحد في رواية نوسترومو، لم يكن يراجعها من أجل تركيب الجملة أو كلماتها لكن من أجل الفاصلة. تقول زوجته أنه حذف الفاصلة في الصباح وأعادها في المساء. أو كما تقول الحكاية أنه في أحد الأيام سألته على وجبة الغداء ماذا فعلت اليوم فقال "حذفت فاصلة" بعد ذلك سألته على طعام العشاء ماذا فعلت فقال "أعدت الفاصلة".

أهم رواياته :
ـ زنجي السفينة نرجس ـ 1897م.
ـ قلب الظلام - 1899
- لورد جيم ـ 1900 م .
ـ نوسترومو ـ 1904 م.
ـ العميل السري ـ 1907 م .
ـ تحت عيون الغرب ـ 1911 م .
ـ الصدفة ـ 1913 م .
ـ النصر ـ 1915 م .
ومن مجموعاته القصصية :
ـ الشباب وقصتان أخريان 1902 م.
ـ العاصفة وقصص أخري 1903م .
ومن أعماله النثرية :
ـ سجل شخصي 1912 م.
ـ مذكرات عن الحياة والأدب 1921م .