عرض مشاركة واحدة
قديم 08-27-2010, 04:17 PM
المشاركة 14
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الأخت الكريمة سحر الناجي
الأخوات والإخوة الكرام هنا

تقولين "أولا لنبدأ من أول قطرة ..ونتناول الموهبة في الأساس لكونها الركيزة التي تستند عليها كافة المعطيات الإبداعية , حيث يقول لانج وإيكيوم عن الموهبة :
" إن المواهب قدرات خاصة ذات أصل تكويني لا ترتبط بذكاء الفرد، بل أن بعضها قد يوجد بين ذوي الحاجات الخاصة "
ويقول إبراهيم عيد :
" إن القدرة والإمكانية والموهبة ما هي إلا تنويعات على معنى واحد هو الإبداع "
وخلاصة الأمر أن الموهبة عبارة عن قدرة وهبها الخالق سبحانه وتعالى لخلقه، وهي متنوعة ومتعددة ويمكن تصنيفها إلى أربعة أنواع على النحو التالي :
( 1 ) المواهب الفذة أو النادرة :
وهي قدرات فائقة تقدم للبشرية إنجازات في مجالات عديدة .
( 2 ) المواهب الفائضة :
وهي قدرات تؤهل للانتاج الوفير المؤثر في النواحي الإنسانية .
( 3 ) المواهب النسبية :
وهي قدرات تخصصية مهنية كالطب والهندسة وغيرها .
( 4 ) المواهب الشاذة :
وهي قدرات ذات طبيعة خاصة تفتقد القيم ."

- إن تعريف ( لانج وإيكيوم عن الموهبة ) ربما هو واحد من آلاف التعريفات التي حاولت البشرية تقديمها لشرح الإبداع.... وتمتد هذه المحاولات إلى زمن الإغريق وربما ما قبل ذلك... فكانت البشرية تنظر إلى الإبداع على انه شيء له علاقة بالسحر. البعض الآخر كان يظن انه لا يمكن فهم سر الإبداع. والبعض آمن بأنه شيء غريزي يولد مع الإنسان. والبعض الآخر طبعا آمن بأنه موهبة ولا حاجة للتعرف على ماهيته أو كنهه، وانصب التركيز على وصف طبيعة هذه الموهبة وأشكالها ومخرجاتها.

- فقط بعد ولادة علم الفيزياء وقانون الطاقة والذي يقول "إن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث" وبعد ولادة علم النفس الذي اخذ ينظر إلى سمات الشخصية الإنسانية مثل الإبداع على اعتبار أنها في الواقع دفق من الطاقة حاول البعض تقديم تفسير وشرح لماهية الطاقة الإبداعية.

- طبعا على رأس علماء النفس يأتي فرويد وهو صاحب النظرية الأهم في الشخصية الإنسانية. وعند فرويد إن الجنس هو محرك الحياة ككل...ولذلك فهو ينظر إلى إن اختلال العلاقة بين الابن وألام مثلا يؤدي إلى إحباط جنسي يتحول لاحقا إلى طاقة إبداعية. Sexual deprivation assimilated into creative activity وذلك يعني بأن موت الأم أو الأب عند فرويد يؤدي إلى الإبداع بسبب إلاحباط الجنسي.

- طبعا فرويد يشرح كيف يتم كبت الألم الناتج عن مثل تلك الاحباطات كنتيجة لصراع الفرد مع المجتمع المحيط، وهذا الكبت هو الذي يشكل الطاقة المحركة في العقل الباطن ويرى فرويد أن هذه المكبوتات تتفلت أحيانا، محاولة لان تطل برأسها ويكون ذلك عن طريق نشاطات إبداعية أو أحيانا أمراض نفسية تختلف في درجتها وحدتها مع اختلاف حدة الألم المكبوت.

- ولذلك نجد أن فرويد يقول بأن الإبداع والجنون لهما نفس المنبع... وظل ينظر إلى الإبداع على أساس انه متنفس مهم لمكبوتات النفس البشرية وحينما يحصل ما يمنع خروج هذه المكبوتات قد يقع المرض النفسي.

- والمعروف أن فرويد أقام نظريته في التحليل النفسي على أساس تجربته في معالجة Ann O والتي أصابها مرض نفسي ومن ضمن ما أصابها أنها أصحبت تتحدث اللغة الانجليزية بطلاقة وهي ألمانية. المذكورة Ann أصابها ما أصابها بعد أن فقدت والدها والمشكلة أن فرويد اعتبر ما أصابها ناتج عن الإحباط الجنسي بعد فقد الوالد، وهنا اخطأ فرويد بشكل فادح. فقد قزّم فرويد اثر موت الأب ( فجيعة اليتم ) وحصر الاثر بالإحباط الجنسي وربما أن السبب في ذلك عمله كطبيب.

- ادلر احد تلامذة فرويد رفض الأخذ بنظرية أستاذه بأن سر الإبداع يكمن في الإحباط الجنسي وطرح نظرية بديلة أطلق عليها اسم "نظرية التعويض" compensation theory . ولكن مشكلة ادلر حصر التعويض في الحواس..فمثلا إذا فقد الشخص البصر تصبح لديه موهبة موسيقية فذة.

ظل أمر الإبداع غامضا وحاول عدد كبير من الدارسين كشف سر الإبداع بعد أن تحقق تقدم علمي هائل ....وتدور هذه الدراسات حول تحديد اثر العامل الوراثي أو البيئة أو الأسرة أو وجود القدوة الخ...وظلت هذه الدراسات قاصره لان العينات التي كانت تستخدم للدراسة غير متجانسة. أي يتم اختيار عدد من المبدعين قد يصل إلى 600 مبدع ولكن المشكلة أن مستوى الإبداع لديهم ليس واحدا ولذلك لم تخلص أي من هذه الدراسات إلى نتيجة حاسمة. فمثلا يخرج الدارس ان نسبة الايتام لا يتجاوز 20% من بين العوامل التي يتم ملاحظتها...بينما يكون اثر الطلاق مثلا 25% وذلك لان نسبة المبدعين من بين افراد العينة من المستوى الاقل عبقرية يكون اعلى.

فقط عندما قمت بدراسة عينة "الخالدون المائة " وعلى اعتبار أنهم يشكلون إبداع في أعلى حالاته ( عينة متجانسه ) تبين أنهم فعلا أيتام وان نسبة 53% منهم أيتام مسجل يتمهم و45% منهم مجهولين الطفولة (يعني ان نسبة 98% من بين افراد عينة الخالدون المائة هم ايتام ).

لذلك فأن نظريتي في "تفسير الطاقة الإبداعية " والتي أقمتها على أساس عدة اعتبارات تشمل:
o هناك الكثير من الشواهد والأسباب التي تدعونا للتعامل مع عقل الإنسان على أساس انه جهاز طاقة وتخطيط الدماغ يؤكد ذلك.
o الإبداع إحدى سمات الشخصية الإنسانية التي يمكن دراستها وفهمها مثل الأمراض النفسية والتي تشكل الجانب المظلم من مخرجات النفس البشرية.
o تم ملاحظة أن عدد كبير جدا من المبدعين فقدوا الأب أو الأم أو كليهما أو عانوا من حرمان والدي بشكل أو بأخر.
o نجد كثير من المبدعين يشيرون بصورة واعية إلى اثر اليتم في شخصياتهم وقدراتهم ونجد كثيرون يقولون الكثير بصورة غير واعية والأمثلة كثيرة....
o الدراسة التحليلية على عينة "الخالدون المائة" أكدت أن أغلبية الخالدون المائة أيتام، وهو ما أكد على أن اليتم سبب في امتلاك القدرة الإبداعية ولكن في أعلى حالاتها..أي أن "فجيعة" اليتم تسبب الإبداع في أعلى حالاته.
o طبعا هذا يفسر سر الإبداع لدى المدعين الذين لم يفقدوا احد الوالدين من خلال الموت أيضا، فلا شك أن هناك قائمة كبيرة من الأحداث التي يمكن أن تسمى "فجائع" وتحدث ألما مزلزلا قد يرقى إلى الأثر الذي يتركه فقدان الأبوين بغض النظر عن شكل أو طبيعة أو ماهية ذلك الأثر او ذلك الحدث.
o في الواقع هناك ما يشير إلى أن موت الجد أو الجدة أو الأخ أو الأخت أو صديق في المدرسة او حتى حيوان اليف ...له اثر مهول يزلزل كيان الطفل بمعنى يكون له اثر مهول على الدماغ وقد يظهر ذلك الأثر من خلال المظاهر المرضية مثل الخوف والانطواء والكآابة والعزلة الخ...

المهم في كل هذا هنا هو كيف تؤثر الفجائع في الشخصية وكيف يتأثر الدماغ في هذه الصدمات وهل لذلك علاقة بالطاقة الإبداعية؟

- لا شك أن فرويد اخطأ عندما افترض بأن موت الأب يسبب إحباط جنسي وهو المسبب بالتالي للمرض أو الإبداع كما تم شرحه.
- أيضا لا شك أن ادلر اخطأ حينما افترض أن المسألة "تعويض" خاصة انه لم يركز على مسألة فقدان الوالدين ولم يشرح آليات ما يحصل.

لا بد أن المسألة أعظم من ذلك وغير ذلك تماما... فعندما تقع "الفجيعة" أو "الصدمة" فأن ذلك يؤدي إلى أن يكون لتلك الفجيعة أو الصدمة اثر مهول على الدماغ بصفته جهاز طاقة ..وكل أجهزة الطاقة في جسم الإنسان الذي تصيبه الفجيعة.

هذه الصدمة تؤدي إلى تولد طاقة هائلة في جهاز الطاقة ( الدماغ ) كما يحدث عند تفجير شحنة من ذرات اليورانيوم حيث يحصل انفجار ذري ( القنبلة الذرية)...والذي يحصل أن دماغ متلقى الصدمة أو الفجيعة يمتلك على اثر ذلك كمية هائلة من الطاقة...هذه الطاقة والتي تعادل قدرة عدة مفاعلات نووية قد تخرج على عدة أشكال:
o عندما تكون هذه الطاقة في أعلى حالاتها تولد العبقرية سواء في القيادة أو الإبداع الأدبي أو الفكري أو العلمي أو الاكتشاف الخ...ومن هنا نجد إن أغلبية من يكون لهم اثر خالد هم من الأيتام ومن هنا نقول بأن اليتم هو سبب الإبداع في أعلى حالاته.
o صدمات أو فجائع من نوع أو طبيعة اقل حدة قد تؤدي إلى إبداع لكنه يكون اقل أثرا واقل ديمومة وخلود.
o كل مظاهر وسمات الشخصية هي في الواقع ناتجة عن نسبة الطاقة المتكونة في الدماغ كنتيجة لوقع الفجيعة أو الصدمة.
o الكرزما مثلا والتي يكون لصاحبها اثر مهول على الجمهور هي وفرة من الطاقة الذهنية المتشكلة تلك، والتي تخرج وتتفلت من خلال الملامح والعيون, وهذه الطاقة تخرج على شكل موجات كهرومغناطيسية تتلقاها أدمغة الجمهور فيكون للشخصية القيادية التي تمتلك الكرزما اثر يشبه السحر وأمثلة ذلك كثير...ولذلك نجد من أطلق مثلا على عبد الرحمن الداخل " ملك من السماء" وسحر عبد الناصر حرك الجماهير في كل مكان....ومن أطلق جنكيزخان من السجن اخبره بأنهم يقولون إن لك عيون براقة...ويلاحظ ان الايتام هم القادة الاعظم اثر وخلود في التاريخ.
o القدرة على وضع نظريات فذة مثل نظريات "نيوتن" هي ترجمة لتلك الطاقة الذهنية الهائلة.
o القدرة على الاختراع الفذ هي أيضا ترجمة لتلك الطاقة.

- السؤال الآن :
o كيف يكون للفجيعة اثر على الدماغ فتجعله يعمل بوتيرة عالية؟
o وهل يوجد مسببات أخرى ( غير الفجائع والصدمات ) تجعل الدماغ يعمل بوتيرة عالية؟
o بمعنى ...هل يمكن أن يصبح شخص عبقري حتى ولم يفقد احد من الأقارب من الدرجة الأولى؟

- للإجابة على ذلك لا بد من عمل دراسات علمية مخبرية لتحديد ما يحصل تحديدا.... ولكن العلم يتحدث عن ثلاثة أمور:
o إفرازات هرمونية ..الدكتور إميل حبيب من لبنان شاهدته مرة في برنامج تلفزيوني وهو يتحدث عن صحوة الموت ويقول أن الغدد المسئولة عن إفراز الأدرنالين تقوم على إفراز كامل مخزونها من الهرمون قبل الموت في محاولة أخيرة للحفاظ على الحياة وهو ما يسمى بصحوة الموت.
o زيادة في كهرباء الدماغ..والمعروف أن بعض الخالدون أمثال نابليون واينشتين كانوا يعانون من زيادة حادة في الدفق الكهربي وهو ما يسمى بالصرع أو التشنجات العصبية الناتجة عن زيادة في كهرباء الدماغ.
o قدرة كهرومغناطيسية وهي موجات من المتعارف أن الدماغ يملكها ويتأثر بها.
o قد يكون ما يحدث شيء آخر غير كل المذكور أعلاه لم يتم اكتشافه بعد...حيث تحدث الفجيعة مثلا إفرازا كيماويا يكون هو المسئول عن وفرة الطاقة التي إذا ما تم استثمارها بشكل جيد تحولت إلى مخرجات إبداعية مهولة.
0 لا شك ان القائمة التي قد تؤدي الى نفس النتيجة من زيادة في وتيرة عمل الدماغ لا حصر لها ولكننا نلاحظ العوامل التي تقع على راس القائمة لانها تؤدي الى نتيجة في اعلى حالاتها.

خلاصة الحديث هنا:
- إن كون الأغلبية من الخالدون العباقرة أيتام يتعدى عامل وحدود الصدفة ولذلك لا بد من التسليم بأن هناك علاقة بين الإبداع في أعلى حالاته واليتم أو الفقد في أعلى حالاته.
- المسألة ليس لها علاقة بالإحباط الجنسي رغم عدم التقليل من أهمية هذا العامل في تكوين الشخصية.
- المسألة ليست تعويض نفسي لما يتم فقده أو محاولة لتحقيق التوازن النفسي كما يظن ادلر.
- المخرجات الإبداعية ( المجال الإبداعي ) تشير إلى أن مستوى الطاقة المتولدة في الدماغ مرتبط بطبيعة الصدمة أو الفجيعة وتوقيتها....فالدكتاتورين في معظمهم اولاد ارامل مات الوالد في سن المراهقة.
- يمكن ولأسباب غير الصدمة أو الفجيعة أن تتشكل الطاقة الذهنية الهائلة في الدماغ وتكون نبع الإبداع..فمن بين الخالدون المائة نجد أن جون كندي مثلا عاش في كنف والديه ولكننا لو دققنا في سيرته الذاتية لوجدنا انه كان في طفولته يعاني من مرض هرموني وكان يعالج بالهرومونات من ذلك المرض!
- وفرة الطاقة في الدماغ وعجز الشخص عن إخراجها بشكل إبداعي يخفف من مستواها ويحقق نوع من التوازن قد يؤدي إلى مخرجات سلبية على عدة أشكال.

سأعود لمناقشة والتعليق على الجوانب الأخرى مما يطرح هنا،،،