عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-2012, 05:31 AM
المشاركة 30
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الأخ الفاضل ..
عجبت .. وحق لى أن أعجب فى الواقع ..
والسبب هو التهرب الذى تلجأ إليه من موطن البحث ونقطة النقاش التى يدور حولها الحوار ..
وأنا هنا بحاجة إلى لفت نظرك الكريم لحقيقة مهمة لعلها توضح لك أن الهدف من النقاش ليس إلا مجرد النصيحة لك ولك وحدك تحديد قبولها من عدمها ..
أقول هذا لأنك تجادل فى الموضوع وتدافع عن وجهة نظرك بطرق لا يمكن أن تكون من طرق صاحب المنهج الواثق من صحة منهجه ..
فبدلا من أن تركز فى أصل الموضوع وتدلل بالأدلة الصحيحة المقبولة عمليا وعقليا فيما ذهبت إليه , رأيتك تنحو منحى تفريع النقاش لنقاط متعددة , ثم رأيتك تتجاوز الأسئلة التى أحاول أن ألخص بها نقطة البحث ,
وتصر على التفريع فى النقاش ثم تعجز أن تأتى بدليل أو حتى قرينة على أى فكرة من أفكارك ..
فبالله عليك ..
ألا يدعوك هذا لبعض الوقت فى التأمل ومراجعة النفس ؟!
نحن هنا لسنا بصدد خلاف سياسي أو حتى خلاف فقهى سائغ فى أمور الإجتهاد التى لا يجوز فيها الإنكار ويجوز فيها إعمال العقل المجرد ..
بل نحن بصدد ثوابت رأيتك فى موضوعاتك تنهال عليها هدما بأفكار ليس لها من الصحة أى مقدار , لأنها ببساطة تفتقر إلى أدنى دليل علمى !
وقد اردت مرارا تكرارا أن أوضح لك أنه ليس من هدفي إسقاطك أو إسقاط أفكارك حتى تعالج ردودك بهذه العصبية بل أوضحت لك ــ مع التكرار ــ أن الحديث فى القرآن بالرأى المجرد من أى قرينة أو دليل هو أمر يذهب بالمسلم إلى أن يتبوأ مقعده من النار كما أفاد حديث النبي عليه الصلاة والسلام ..
وهذا هو سبب ردى عليك المرة تلو الأخرى ..

ولم أصادر على أى فكرة من أفكارك بل ناقشتك فى واحدة منها ــ وهى محتوى هذا الموضوع ــ وسألتك دليلا واحدا يقوم عليه تفسيرك الغريب والعجيب لآية شك إبراهيم , وسألتك مصدرا واحدا لهذا السيناريو العريض الذى خالفت به تفسير القرآن بالقرآن بموجب نص الآية وسياقها , كما خالفت به السنة المفسرة لنفس الآية فضلا عن إجماع المفسرين ..
فلم أر لك إلا كلاما مرسلا مطولا ليس فيه دليلا واحدا ولا حتى شبهة دليل ..
ثم تطور الأمر معك إلى أسلوب آخر من أساليب التهرب التى كنت أود ألا تجرنا إليها ..
وهى أنك تدافع عن نفسك بالطعغن فى الآخرين !!
فرأيتك تكتب كلاما غريبا يطعن فى الأجيال السابقة من العلماء ويوحى للقارئ بأنه شرذمة من الجهلاء , وأنك أنت بمنهجك الجديد من ستقوم تفسير وبيان القرآن بيانا واضحا !!
وبغض النظر عن أن هذا الكلام ليس له قيمة فى مواجهة أجيال المفسرين العظام , إلا أنه حتى لو صدق لامك هذا , فلا يعنى هذا أبدا أنك على حق فيما ذهبت إليه من آراء !!
فالدفاع عن وجهة نظرك يكون بإقامة الأسانيد والأدلة عليها ,
أما الدفاع بطريقة أن فلان أخطأ , وعلان أجرم !!
فهذا للأسف الشديد ــ سامحنى ــ أسلوب المفلسين الذين لا يجدون لوجهات نظرهم أى دليل يقطعون به الجدل فيما يذهبون إليه ..

ورغم محاولاتى الدائبة فى إهمال المحتوى الخارج عن الموضوع فى ردودك , وإعادة القاش لنقطته الرئيسية إلا أنى فوجئت بك تتهمنى أنا بالهروب !!
فسبحان الله ..
ألا تتابع النقاش من بدايته وتشارك فيه حتى ترى كم مرة أعدت عليك نفس الأسئلة ولم أجد منك استجابة على نقطة واحدة منها ؟!
الأمر الثانى أنى سأريحك وأجيبك عن النقاط الخارجة عن الموضوع هذه المرة ,
لا لشيئ إلا لأدعوك للمرة الأخيرة إلى الإلتفات إلى أصل النقاش , وإدراك الحقيقة التى تحاول أن تتهرب منها وهى أنك تنتهج نهجا فى التعرض لكتاب الله تعالى هو نهج أهل الشبهات وطريق أهل البدع والأهواء .. عافاك الله وإيانا منهم ..
فليتك تتدبر قليلا فى هذا الأمر وتراجعه ..
إنك دعوت فى نقاشك هذا صراحة إلى القول فى القرآن بالرأى المطلق , ومن أى أحد , ورفضت رفضا تاما القواعد العلمية التى يجب على الباحث فى القرآن الكريم أن يتحلى بها , وكأنى بعلوم التفسير ــ على صعوبتها ــ لا تمثل شيئا عندك فى منهج البحث العلمى !
وحجتك فى ذلك قائمة على شيئ واحد ألا وهو أن الإجتهاد مفتوح فى القرآن الكريم , وسبق أن قلنا لك أنه مفتوح بالطبع , ولكن بالأصول العلمية لأى علم , وإلا كانت العلوم نهبا للعوام والجهلاء
واعتمدت على أقوالك بأخطاء العلماء ..
ناسيا أن أخطاء علماء التفسير إنما هى كأخطاء غيرهم فى شتى أنواع العلوم , فلا يوجد أحد معصوم بعد الأنبياء عليهم السلام , وأخطاء العلماء مردودة عليهم ببيان الصواب وليس فى خطئهم أى عيب فالطبيب الممارس العالم قد يخطئ ولكن هذا لا ينفي أنه طبيب انتهج منهج علوم الطب بوجه صحيح فتعلمه علما صحيحا , وبالتالى فإن أخطاءه ستكون نادرة إلى جوار إنجازاته ..
وكذلك أهل التفسير فى كل عصر لهم أخطاؤهم ولكن علمهم أثمر لنا من المعارف ما يعفو هذه الأخطاء ..
لكن الجريمة الحقيقية ــ وليس الخطأ ــ أن نسمح بأن ينتهج أحد فى كتاب الله القول المطلق بلا علم ودون أن يتسلح بالقواعد العلمية الصحيحة للخوض فى التفسير تحت زعم أن كافة علماء التفسير كانوا يخطئون !!
والإجتهاد المفتوح فى القرآن الكريم ..
ليس معناه ولا من محتواه آيات الأحكام , ولا الآيات التى فسرها القرآن أو حسمت تفسيرها السنة أو الصحابة ,
فهذا القسم من القرآن الكريم لا يقربه مفسر لأنه الله عز وجل سهل تفسيره للأمة وانتهى الأمر ,
ولو أنك لاحظت منهجك لوجدت أنك لا تذهب إلا لنوعين من الآيات ..
الأول : الآيات المحكمة التفسير التى ورد تفسيرها بسياق القرآن الكريم أو السنة أو تفسير الصحابة
الثانى : آيات المتشابه , والتى لا يتتبعها إلا أهل الزيغ كما أخبر القرآن الكريم بنفسه ,
وأنت ترفض الوقوف عندما أمرنا الله ورسوله الوقوف عنده تحت زعم حرية العقل وتحت زعم أن هذا الوقوف كان سببا فى تخلف الأمة , رغم أن الأمة الإسلامية عاشت أزهى عصورها وكانت سيدة العالم عندما رجعت والتزمت بهذا المنهج الوقاف عند حدود الله ورسوله عليه الصلاة والسلام والإلتزام بالسنة فيما أمر النبي عليه السلام ونهى عنه !

هذا هو محور النقاش للمرة الأخيرة يا دكتور ..
والحقيقة أنه عيب كبير على شخص مثلك من المفروض أن نتعلم منه أصول البحث العلمى , فإذا بنا نراه يخالف أبسط مبادئ هذا البحث !
وبعد تناولى ردودك اليوم أرجو أن تعود لقراءة الفقرة السابقة , وتحدد موقفك النهائي منها بالقبول أو الرفض لينتهى النقاش عند هذا الحد , خوفا من استمرار الجدل والتكرار ونحن منهيون عن الجدل والمراء لا سيما فى أمور الدين ..

تقول :
لم تجبني عما لو كان يغضبك ذكر مثال "الفسوة والفسية" الذي ضرب في التفاسير على الله سبحانه وتعالى يعلم آدم الأسماء، وعن الرواية التي تطعن في أخلاق نبينا الكربم ذو الخلق العظيم! أعتذر مرة أخرى وبشدة عن ذكر هكذا كلمات في هذا المنتدى الكريم. ولكن ليس أعز من القرآن الكريم عندي فإن قيلت في حقه تعالى وقرأتها أجيال وأجيال فما الضر من ذكرها هنا؟ أوَ أعزّ من القرآن وجلاله تعالى؟
أحسب بعدم جوابك أنك تكره أن يقال هذا الكلام عليك، وسؤالي فإن كرهته على نفسك فلم لم تكرهه على الله تعالى وعلى أنبيائه؟
والله ما تجاهلتها إلا لإعفائك أنت من الحرج يا دكتور نبيل !
فلست أدرى والله ما الذى تمثله لك هذه الكلمات من حجة ,
هل تعطيك الدليل على ما ذهبت إليه من أفكار !
هل تمنحك أو يمنحك هذا الغمز فى علماء التفسير ما تفتقر إليه من حجة وبرهان ؟!
والأهم من ذلك :
ألم يكن من الأولى أن تلتفت إلى الأسئلة التى وضعناها لك وهى أسئلة كاشفة عن طبيعة خطئك العلمى فيما ذهبت إليه ؟!
ونقول وبالله المستعان :
أن الكلمتان لا تمثلان أى حرج مما تحاول الإيحاء به ولو كنا نتعامل فى الدين بمثل تعاملك هذا لما صلح أمر الفقه كله ! فهو لا يحتوى فقط الفسوة والفسية , بل يحتوى ما هو أكبر من ذلك وأطم فى أحكام الطهارة مثلا , وفى تفسير آيات الأحكام , وفى علاج أمور الزواج .. وغيرها
فهل فى استخدام الشرح لهذه الأمور يمثل عندك طعنا فى القرآن الكريم !
ما أشد غيرتك المحمودة على القرآن ..
وكنا نتمنى والله لو تمتد هذه الغيرة إلى حيث يجب أن تضعها فى موضعها الصحيح ألا وهو الغيرة على كتاب الله من القول على الله بغير علم ..
ثانيا :
ما لم تنتبه أنت إليه ــ وهو دافع الحرج ــ أن هذا التفسير الذى تستنكره , ليس رأيا للمفسر ,
بل هو رواية أوردها بن جرير وابن كثير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما , حيث أوردا الرواية من حيث أن ابن عباس قال علم آدم الأسماء كلها وأسماء كل شيئ حتى الفسوة والفسية ..
وهذه الرواية لم تثبت بسند صحيح متصل عن ابن عباس ..
أى أنها رواية ضعيفة ولا تحمل أى حجة , وحتى لو صحت الرواية فالقائل هنا هو ابن عباس ترجمان القرآن وليس ابن كثير أو الطبري
وأنا لم أشأ اتهامك بالتدليس على القارئ من أنك أتيت بها توحى أنها كانت رأيا مطعونا فيه لأحد المفسرين , وهو ما ثبت خطؤه لك الآن ,
فإن كنت تعلم أنها رواية ضعيفة ومجرد رواية لا رأى للمفسر , فهذا تدليس على القارئ واتهام باطل كعادة اتهاماتك لمفسري أهل السنة ..
وإن كنت لا تعلم أنها رواية , فقد كان من الأحرى بك ألا تثير الأمر من بدايته وأن تكف عن تتبع عورات المفسرين , فليس هذا بنهج أهل العلم ..

وتقول :
تقول أخي أنك غير ملزم بالدفاع عن الأخطاء المثبتة في التفاسير.
أجدها مفارقة عظيمة أن لا تلزم نفسك بنقد روايات تسيء إلى الله تعالى وإلى أنبيائه الكرام في الوقت الذي أجدك تلزم نفسك بالرد على من يعمل على إزالة هذه الإساءات!
اسمح لي أن أقول بل أنت ملزم بذلك، وكل من يقرأ مثل هكذا أقوال ملزم. ودليلي مرة أخرى هو القرآن وليس غير ذلك.
فعن حادثة الإفك الذي رميت به أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قال تعالى:
سبحان الله ..
والله إنك تضحكنى رغما عنى يا دكتور ..
أولا : أنا لست أدرى ما العلاقة أو الرابط الذى يربط بين حادثة الإفك وبين إلزامك لى بأخطاء المفسرين ..
ثانيا وهى الأهم : فى أى منهج علمى بالله عليك وجدت هذه القاعدة التى تلزمنى فيها بأخطاء المفسرين رغم أنى أنتمى إلى منهج أهل السنة القائم على إنكار الخطأ على صاحبه , وعدم الأخذ والرد إلا عن صاحب مقام النبوة كما قال الإمام مالك بن أنس ..
وما هى الحجة التى تتمسك بها حتى تلزمنى بما لم ألتزم به !
هل رأيتنى قلت أن مفسري القرآن معصومين , أو رأيتنى ألزمتك بمفسر معين قلت لك أن ما سواه باطل !!
ثالثا : ما الذى يمثله لك هذا الإلزام فى محور النقاش ..
هل لو كنت ملتزما بأخطاء المفسرين , تكون أنت ساعتها على الحق فيما ذهبت إليه من أفكار شاذة فى القرآن والسنة ؟!
رابعا : لو أننى اتبعت معك نفس الأسلوب , لكنت أنا المحق وأنت المخطئ ..
فأنت تحاول إلزامى بما لم ألتزم به أصلا ولا شأن لى به
بينما ترفعت أنا عن ألزامك بما تستحقه أقوالك ..
فهل رأيتنى ألزمتك باعتقاد المعتزلة والقرآنيين منكرى السنة النبوية بسبب أنك تنكر النسخ وتنكر الأحاديث بالإنتقاد العقلي ولا تعتد بمنهج أهل السنة القائم على الإسناد والمتن ؟!
وهل رأيتنى ألزمتك بصفات أهل الزيغ والبدع اعتمادا على أنك نهجت نهجهم فى تفسيرك لآيات القرآن ؟!
راجع نفسك يا دكتور فكلامك وردودك تحمل الكثير من المغالطات , وأنا لا أريد تتبعها وليس هذا أسلوبي معك لأنى لا زلت أعتقد أننا فى حوار تكامل يهدف للحق وليس فى حوار مناظرة يهدف للغلبة ..
ولهذا ترانى طويت كشحا عن كثير من تلك المغالطات طمعا فى أن تنتبه معى إلى ما أريد الوصول إليه معك ..