عرض مشاركة واحدة
قديم 12-09-2012, 07:21 PM
المشاركة 19
د نبيل أكبر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي


رابعا: إدعائك بأنني أعتمد "الرأي" في التأويل


كثيرا ما يقال عني أني أقول في القرآن بعقلي أو برأي. فأتعجب. فعلا أتعجب.


أفلا تتعجب أخي لو اجتمع الناس عليك وقالوا: فلان يمشي على قدميه!؟ فإن لم تمش على قدميك فعلام تمشي إذاً؟


فعندما أقول "برأي" فذلك معناه أنني أقول بعقلي وقلبي. الآن، كيف يمكن تفسير القرآن، أو أي شيء آخر، من دون عقل؟ هل المصحف وكتب السنة النبوية مع معاجم اللغة العربية قادرة على العمل بشكل تلقائي لتفسير القرآن؟


هل وضعُ كتاب الحساب بجوار الآلة الحاسبة يحلّ معادلة حسابية من دون النظر والبحث والتأمل والتفكر وتفعيل العقل؟ أوَ ليس تفسيرُ القرآن بالقرآن يتطلب تفعيلَ العقل والتدبر والتفكر كما طلب القرآن نفسه في العشرات والعشرات من الآيات القرآنية الواضحة الصريحة؟ كيف أفسر القرآن بالقرآن من دون عقل في حين أن القرآن يأمرني بتفعيل العقل؟ كيف؟


فإن لم نفسر القرآن الكريم والدين بعقولنا فبأي عضو من الجسد نفسره؟ بالجلد أو العظم أو الفم والأنف؟


فلو قلت لأحدهم أني أفسر كلام الله تعالى بالعقل والتفكر والمنطق فسينظرني بريبة شديدة وأنني تجرأت على الله تعالى، وقد يتهمني بالزندقة والبدعة والضلال. وكثيرا ما سألني الإخوة عن "ضوابطي في التفسير".


السبب من وجهة نظرهم أنَّ "عامة الناس" سوف يفسرون القرآن بأهوائهم وبعقولهم فَيَضِلوا ويُضِلُوا الناس معهم (أوَ خلاف وضلال أكثر مما نحن فيه؟). ولأن العقل مدخلٌ من مداخل الشيطان كما يعتقدون، فإنَّ التفسيرَ "بالعقل" غيرُ مقبول، بل ويصلُ الأمر بتكفير من يفسر القرآن بعقله!


هذا بالرغم من أنّ القرآن يأمرُنا دوماً في العشرات تلو العشرات من المواضع والمواضيع بالتأمل وتفعيل العقل والحِسّ والمنطق السليم عند النظر إلى الأمور، وبالأخص عند النظر إلى كلامه العزيز:


قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد {سبأ: 46}


وللمفارقة لو قلت لأحدهم أني أفسر كلام الله تعالى بكلام السلف وأقوال "العلماء" فسينظر إلي بعين الرضا والتقدير والإجلال، هذا بالرغم من أنّ القرآن يأمرنا دوماً في العشرات تلو العشرات من المواضع والمواضيع بالحذر الشديد من الأسلاف وعدم التأثر بأقوال ومذاهب الآخرين من الناس أمثالنا، وأن ما أهلك الأمم كلها إلا إتباعهم لأسلافهم:

أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين ؟ {المؤمنون: 68}



كما يقال أنني أفسر القرآن على هوى نفسي.


حسناً، لنعد ((للقرآن)) وننظر في معنى الهوى:


إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى (النجم:23)


إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا (42) أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا (الفرقان:43)




ما الأسماء هنا؟ هل تذكرنا بتقديس الأمم السابقة لأسلافها وأسمائهم؟
فهوى النفس كما هو جلي هو اتباع الأسلاف والأسماء التي ابتدعوها. وهذه الأسماء هي أسماء "صالحين" قدست تدريجيا لتعبد آخر المطاف أو هي المصطلحات الدينينة التي ما أنزل تعالى بها من سلطان.



يتبع ....