عرض مشاركة واحدة
قديم 12-01-2012, 02:15 PM
المشاركة 14
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الأخ الكريم د. نبيل أكبر ..
مرحبا بكم مجددا ..
وهذا تعقيبي على ردك الأخير ..
وسأحاول أن أكون محددا فى النقاش , وأضرب الأمثلة لكل نقطة حتى تصل الفكرة إليكم وإلى القارئ بما يفيد فى النقاش والفهم ..
قلت :

من وجهة نظري، الهدف من الحوار ليس لتغيير فكر أحد، بل هو لعرض الأفكار وحسب ثم حسابنا جميعا عنده تعالى.


هذا ربما يصح أخى الكريم فى مجال السياسة أو الفكر العام , حيث أن الإختلاف هناك بلا حرج ,
كما يجوز فى الشريعة فى مجال الفروع والأمور التى يجوز فيها الإختلاف السائغ ..
أما فى مجال العقيدة والأصول وقواعد العلوم ,
فاسمح لى , فهو أمر من أمور القطعيات , ولهذا فإننى عندما أرى اختلالا لى به علم عند أى أحد من المسلمين فإن هدفي من محاورته إنما هو فى المقام الأول لتبصيره بما قد يخفي عليه ..
وفى النهاية تبقي القناعة حرة لكل صاحب شأن ..
لكنى وجدت أنه من المناسب أن أنبهكم إلى أننا ناقش أمورا هى صلب العقيدة والأصول ,
فأنت تنادى بأن من حق كل إنسان الخوض فى تفسير القرآن هكذا بلا أى ضابط أو رابط ! ,
وترفض الإلتزام بما تسميه قيودا ويسميه العلماء كما سماه الصحابة , فرض عين على المتصدى للتفسير ولعلوم الشريعة عامة ..
ولهذا ولكى ننهى النقاش حل هذا المحور الهام دعنى أوظف النقاط فى أسئلة مباشرة تبين المراد مباشرة ,,
أولا : هل تنادى بالفعل بأنه ليس هناك قواعد أو مبادئ ينبغي للمرء أن يكتسبها لكى يخوض فى تفسير القرآن وأهمها العلم بالسنة المفسرة والعلم باللغة العربية وآدابها وقواعدها , والعلم بالتفسير المأثور عن الصحابة , والعلم بإجماعات المفسرين فى الآيات المحكمة قطعية الدلالة ؟!
وأنت تصديت للقرآن بالرأى الشخصي بلا أى مستند حتى من اللغة العربية , فمثلا فى تفسيرك لآية شك إبراهيم عليه السلام , صرفت الفعل عن معناه الحقيقي إلى معنى مجازى دون وجود قرينة صارفة كما تقول قواعد اللغة العربية فى معالجة المجاز والصريح ..
ثانيا : ما هو موقفك من السنة النبوية تحديدا ؟!
معذرة للسؤال ولكنى رأيتك تنكر بعض الأحاديث الثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام منها أحاديث فسرت بعض آيات القرآن , ومنها أحاديث حددت المتشابه والمحكم فى القرآن والناسخ والمنسوخ وأنت تنكر هذه الأمور كلها , فكيف جاز لك أن تفعل ذلك وهى ثابتة بالسنة الصحيحة ؟!
أم أنك لا تعلم ثبوتها عن النبي عليه الصلاة والسلام ,
إن كان هذا هو السبب فقد أوضحت لك سابقا ثبوتها فى الصحاح ..
ثالثا : ما هو موقفك من الإجماع , والإجماع عندنا أهل السنة هو أحد مصادر التشريع لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة , والآيات التى تصديت لها لم تن من الآيات المتخلف حول تفسيرها بل هى آيات قطعية الدلالة بصريح ألفاظها فضلا على إجماع المفسرين ونقلها عن تفسيرات الصحابة ..
رابعا : وهى النقطة الأهم ..
أنا ما ناديت أبدا باحتكار علوم تفسير القرآن أو قصر تفسيره على السلف !!
والدليل أننى لفت نظركم إلى آيات الإعجاز العلمى وقلت لك صراحة أن القرآن به مئات الآيات التى تنتظر الجهد فى تقصي آثارها , ولم أتحدث عن حصر التفسير إلا فقط فى الآيات المحكمة القطعية الدلالة الثابت تفسيرها فى السنة أو فى أقوال الصحابة أو فى إجماع المفسرين ..
هذه واحدة ,
والثانية ,
أننى لم أمنعك من التصدى للتفسير بل فقط طلبت منك التزود أولا بمبادئ العلوم المؤهلة لهذا الأمر , وهو ما أراك تنكره رغم أنه مبدأ علمى محض , فلا يوجد علم على وجه الأرض يتصدى له أصحابه دون الإحاطة بقواعد تلقيه أو مبادئ علومه , وإلا فما هو الفرق بين العامة وبين أهل العلم فى كل تخصص ..
وهل يستطيع الطبيب أن يتصدى للطب دون إلمام بمبادئ دراسة الطب ؟!
بالمثل فى علوم القرآن والتى هى أصعب وأقدر العلوم على الإطلاق ..
ولو كان التصدى للتفسير يجوز من كل أحد بلا ضوابط , فلماذا إذا نهانا النبي عليه الصلاة والسلام , عن القول فى القرآن بالرأى المجرد وذلك فى قوله :
( من قال فى القرآن برأيه فقد أخطأ ولو أصاب )
وكذلك أقوال الصحابة ومنهم قول أبي بكر ( أى أرض تقلنى إذا قلت فى كتاب الله برأيي )
فماذا سنفعل فى هذه الأحاديث وهذه القواعد ؟!

هذه هى نقاط البحث الرئيسية , وأعرج الآن على ما أوردته اليوم :


مشكلة التمجيد هذه وقعت فيها جميع الأمم الماضية والحاضرة ونحن المسلمين لسنا استثناء في هذا. وأصل المشكلة هي أن الناس دوما تمجد أنفسها وأعراقها وعلومها. فمثلا تجد أن الطالب يحاول جاهدا أن يبرز قيمة مدرسته أو جامعته أو شيوخه وعلمائه. السبب بسيط وهو أنه عندما يفعل ذلك فإنه يمجد نفسه بطريق غير مباشر.


فمن العيب للإنسان القول بأن مدرستي ضعيفة أو منسية، أو أن شيخي إنسان عادي. فلو كان الأمر كذلك، لكان هو بنفسه كذلك.


هذا الكلام غير دقيق ..
بل إن سبب تخلفنا اليوم هو عدم تقديرنا للأجيال السابقة من علمائنا ..
والتمجيد يختلف أيها الأخ الفاضل عن التقديس ..
ولم يحدث قط أن قدسنا عالما وقلنا عنهم ــ كما قلت أنت ــ أنهم لا يخطئون أو أنهم بشر غير عاديين ..
بالعكس ..
فكم من طالب علم صنف كتابا فى بيان أخطاء شيخه عبر التاريخ , واختلافات الأئمة بعضهم البعض ما زلت تحفل بها كتب الدارسين وتستعصي على الحصر ..
أما تمجديهم والعرفان لهم
فهذا أمر طبيعى وضرورى ومطلوب لو أننا حقا أدركنا قيمة ما فعلوه عبر القرون ..
ويكفي يا أستاذنا أن نعلم أنه لولاهم لما انتقلت إلينا القرآن والسنة وعلومهما وتراثنا العلمى الهائل الذى أسس لنا قواعد الدين وفروعه ..
وهذا لا يعنى أن نتوقف عند هذا ونسكت
بل المطلوب أن نأخذ هذه المبادئ ونبنى عليها بنفس القواعد الكلية التى حفظت لنا الدين من عبث العابثين ..


ومن هذا المفهوم تجمدت العلوم القرآنية والدينية، فلا يجرؤ الناس على مناقشتها. فتتقدم الدنيا في كل مجال، إلا هذه المجالات الدينية "المحروسة" ممن يعتقدون أن لا ينبغي لغيرهم الخوض في هذا التخصص.


وهذا مما تعانيه أمة الإسلام، كما عانت من قبلها الأمم.


كلام غير صحيح طبعا ..
فمن أين استقيت هذه الإتهامات أيها الأخ الكريم ..
هل طالعت تطور علوم الفقه والتفسير والحديث عبر القرون ؟!
لو أنك طالعت فقط فرعا علميا واحدا فى تطوره عبر الزمن لأدركت كم هو اتهام جائر ما قلته..
ففي علم الحديث مثلا بدأت أولى قواعده من لا شيئ فى أيام محمد بن سيرين ثم أخذت فى التطور فى القرنين الثانى والثالث حيث وضع الشافعى أصول الحديث ووضع غيره أصول الرواية
ثم نشأ علم الرجال ثم علم العلل , ثم نشأت المعاجم والمصنفات ..
ولا زال تطور علم الحديث يسري حتى يومنا هذا ..
فالألبانى وهو إمام معاصر , جاء فأدلى بدلوه فى علوم الحديث وأتى بالجديد فى مجال البحث وفرز الأحاديث الصحيحة من الضعيفة فى مصنفات من سبقوه كأصحاب السنن الأربعة ..
وهذا دليل قطعى على تطور علوم الحديث عبر السنوات ولم بتوقف هذا التطور حتى اليوم
وفى مجال التفسير ..
لا زال علماء التفسير فى اللغة والإعجاز العلمى وفى التشريع يستنبطون من الآيات الكريمة تفسيرات جديدة متطورة ومواكبة لزمنها فيما يخص كافة المجالات عدا مجالات الأحكام التى انتهى أمرها من التفسير ببيان النبي عليه السلام والصحابة ,,
أم أنك لم تسمع بتفسيرات اللغة الجديدة التى استنبطها العلامة العراقي المعاصر السامرائي , واحتفي بها العلماء وأشادوا بها
ومن قبله العلامة الشعراوى الذى استنبط تفسيرات جديدة فى القرآن الكريم كانت مجال ثراء كبير فى فهم آيات القرآن ..
وكذلك استنباطات العلامة الكبيسي فى مجال اللغة أيضا
وهناك اكتشافات وتصورات التفسير فى الإعجاز العلمى التى أتى بها زغلول النجار ومصطفي محمود والزندانى وغيرهم ..
فلو كان التصدى للتفسير ممنوعا فكيف أتى هؤلاء العلماء بهذه الإكتشافات ؟!
وما منعهم أحد لأن المنع إنما يكون لمن يتصدى للتفسير على غير طريقة هؤلاء العلماء القائمة على دراسة أصول التفسير أولا , والإلمام بقواعد اللغة ثم بعد ذلك اجتهد كما تريد فالكل سيقبل اجتهادك ..


علينا دوما أخي أن نبحث عن الحق، ليس من أفواه الناس وحسب، ولكن من المصدر الذي لا يتغير ولا يتبدل ألا وهو القرآن والأكوان وما فيهما من سنن ثابتة مشتركة لا تتبدل.


علينا دوما أن نبحث عن الحقيقة، لا يهم إن كان صاحبها عالما مشهورا جليلا من السلف أو الخلف، لا يهم إن كان صاحب الحقيقة هو أنا أو أنت، المهم أنها الحقيقة.


لا أحد يقول بغير ذلك يا دكتور ..
لكن المشكلة أنك لم ترفض فقط أقوال العلماء فى مجال تفسيرات محسومة سلفا ..
إنما رفضت حتى السنة القائلة بالتفسيرات المخالفة لرأيك ؟!
فهل أقوال النبي عليه الصلاة والسلام معدودة ضمن أقوال العلماء الذين يمكننا رد قولهم ؟!
هذه نقطة ..
النقطة الأهم :
أن هناك من العلماء المعاصرين كالكبيسي وزغلول النجار أثبتوا خطأ علماء التفسير القدامى فى بعض الآيات ..
ولم يعترض عليهم أحد ..
ببساطة لأن الكبيسي وزغلول النجار جاءوا بالأدلة العلمية الموازية لاجتهادهم , ولم يقولوا بالرأى المجرد وفقط , فرجحت كفتهم ..
كما أنهم عندما تصدوا للتفسير لم يذهبوا للآيات المحسومة فى التفسير وأتوا فيها بأقوال جديدة !
هذا هو الفارق أخى الفاضل
يأخي أنت وضعت سؤالا وافترضت إجابتي من عندك ورديت علي وأنا برئ من هذه الإجابة. لكن ألا ترى أنك قد قمت بـ "الحكم المسبق علي" بهكذا طريقة؟
يا دكتور نبيل ..
أنت لم ترفض إجابتى بل قبلتها تماما وأجبت بمثلها
أنت فقط خالفتنى فى الأسلوب فقلت أنك لن تتهم الذى يأتى بهذه الأقوال بالجهل
جميل
لكنك لن تقبله قوله المجرد قطعا , والدليل أنك قلت بأنك ستبادر للإيضاح استنادا للعلوم التطبيقية والأدلة ,,
وهذا ما ينبغي أن نفعله ..
أن نعارض الآراء المجردة بالأدلة القطعية ..
فهل لديك أنت أى دليل من القرآن أو من السنة أو من الصحابة أو علم اللغة وتطبيقاتها أو أقوال العلماء ما تؤيد به رأيك ؟!

ألا نجد أن علماء الفيزياء الإشعاعية هذه الأيام قد أثرَوا بل وقلبوا الموازين في علوم الطب؟ هل من حق الإطباء منع الفيزيائيين من التطفل في علوم الطب لأنهم مستأثرين بهذا التخصص؟ أم إن التخفيف عن المرضى هو الهدف الأسمى الذي ينشده الجميع


اسمح لى ..
هذه مغالطة ومثال لا ينطبق على حالنا اليوم
فعلماء الفيزياء عندما تصدوا للطب إنما تصدوا له بنفس الأدوات العلمية التى تقها علوم الفيزياء وعلوم الطب
تماما كما فعل علماء الإعجاز العلمى ,
وظفوا علومهم بقواعدها على آيات القرآن مع إحاطتهم بمبادئ التفسير وعلوم اللغة مما جعلهم يدركون مقصود الآيات بأدلة صريحة لا تحتمل الجدل
لكنهم لم يقولوا برأى مجرد خالى من أسانيد علمية ..


قرأت قصة حقيقية فيها رجل عاني إبنه من مرض وراثي قاتل. هذا المرض لا علاج له ويسبب آلاما شديدة.


جاهد الوالد لعلاج ابنه لكن جميع المراكز الطبية أخبروته أن لا علاج لهذا المرض النادر.


ترك الأب وظيفته كمحامي وعمل هو بنفسه – بالرغم من أنه ليس في المجالات الطبية – بالقراءة والبحث حول هذا المرض. عمل بالمكتبات ليل نهار. كان منظر ابنه المعذب دافعا جبارا له.


هذا الرجل وبعد عدة سنوات من البحث استطاع اكتشاف علاج لهذا المرض.


كان الوقت قد فات لابنه فمات لكنه أنقذ جميع من سيولد بهذا المرض مستقبلا ...


والقصص في هذا الشأن أكثر من تذكر هنا. ترى ماذا كنت قائلا لهذا الرجل أخي؟


هل مثلك يقول هذا وأنت رجل علم ؟!
يا سيدى الفاضل هل تدعونى وتدعو غيري لأن أعتمد قول أو بحث رجل لم يتبع الطريق العلمى فى مجال الطب وبدون أن يأتى لبحثه بالتزكية الواجبة من علماء التخصص ثم أأتمنه على نفسي ؟!
لو أن هذا الرجل كان أميا وقام بأبحاث طبية انا لا استطيع الحكم عليها ..
لن أرفض بحوثه .. ولكن بشرط
سأطلب منه ببساطة عرض بحوثه على أهل الإختصاص فإن أقروها قبلتها بلا جدال
وبالمثل ..
هل قمت بعرض تفسيراتك الجديدة للقرآن على أحد من أهل الإختصاص وقبلها وأقرك عليها؟!
ثم إن معظم العلماء الأوائل كانوا يدرسون في أكثر من تخصص. فابن سينا والفارابي وجابر ابن حيان ونيوتن وليورنادو دافشني وغيرهم كانوا يفهمون في الطب كما يفهمون في الأدب أو الهندسة أو الرسم أو الفلك

يا أخى الكريم لا اعتراض على هذا ..
هؤلاء كانوا يحيطون بكل مبادئ تلك العلوم ..
فهل فعلت أنت مثلهم ؟
هل قمت بدراسة قواعد اللغة أولا ثم الحديث ثم قواعد التفسير ..
أنت لم تفعل هذا بدليل عدم إطلاعك على قاعدة بسيطة ألا وهى عدم صرف اللفظ عن معناه بغير قرينة صارفة , فأولت الحياة والوت بالهدى والضلال رغم أن صريح الآية يعاكس ذلك ؟!
هذا هو ما نعترض عليه ..
أما مسألة تصديك لأكثر من علم فهذا نرحب به مادام سيكون بشروطه وضوابطه
تماما ما رحبنا باجتهادات النجار والكبيسي والشعراوى ..

أشكرك وتمنياتى لك بالتوفيق