عرض مشاركة واحدة
قديم 08-26-2010, 04:18 PM
المشاركة 276
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
رينيه شار
لا شعر بدون جنون

(100 عام على ميلاد- أكبر حدث في الشعر الفرنسي منذ رامبو)

ترجمة: شيماء سامي

مائة عام مرت على ميلاد الشاعر الفرنسي رينيه شار (1907­ - 1988), وبهذه المناسبة أصدرت دار النشر - غاليمار- رسائل نادرة بينه وبين صديقه الكاتب ألبير كامو في كتاب بعنوان - مراسلات 1946­- 1959- بين رينيه شار وألبير كامي- .
الكتاب أطلق عليه النقاد ( لقاء السحاب) في إشارة إلي أنها المرة الأولي التي يجتمع فيها كاتبان بحجم شار وكامو في كتاب واحد. وتطلق باريس أيضا احتفالية تقدم فيها العديد من الانشطة الثقافية والفنية والمعارض أهمها معرض - المكتبة الوطنية والتي تحتفل بصدور كتاب بعنوان - بلاد رينيه شار- الذي كتبته زوجته - ماري كلود شار- وتسرد فيه التفاصيل الحميمة في حياته عبر رسائله وصوره وكتاباته. وتروي زوجته كيف كان الشاعر الفرنسي مناضلا وثائرا ومقاوما طوال حياته.

فقد عرف منذ طفولته بمقاومته لقيود الأسرة وبخاصة أمه التي كانت في نظره رمزا لقيود الدين والمجتمع، مما جعله يثور علي كل ماهو مألوف حتي أنه في الستينات والسبعينات كان مدافعا شرسا عن البيئة وضد منشآت الطاقة النووية في الأقاليم.

ولد رينيه شار في 14 يونيو1907 بمدينة - ليل سور لا سورج - بجنوب فرنسا لأب يعمل رجل أعمال. وفي العاشرة من عمره توفي والده مما أثر بالسلب علي حالته النفسية. فأصبح أكثر ميلا للعزلة والاكتئاب.
وفي عام 1927, أدي الخدمة العسكرية الإجبارية في وحدة سلاح المدفعية ونشر أولي مجموعته الشعرية -أجراس علي القلب-، وهو الكتاب الوحيد الذي نشر باسمه الأول إميل رينيه شار. وبعدها انضم إلي الحركة السريالية التي ظهرت عقب الحرب العالمية الأولي وكانت شكلا من أشكال التمرد والاحتجاج علي وحشية هذه الحرب وبعد أن تعرف عليه بول إيلوار في مدينته التي تكاد تكون معزولة أقنعه بالسفر إلي باريس حيث أمكنه من التعرف إلي فرسان هذه الحركة وعلي رأسهم مؤسسها أندريه بريتون. وفي عام 1930, ساهم مع اندريه بريتون وبول إيلوار في تأليف كتاب مشترك بعنوان - أعمال بطيئة -إلا أنه سريعا ما انفصل عن المجموعة بالرغم من تحمسه في البداية لمشروعهم. وفسر سبب الانفصال في رسالة بعثها إلي الشاعر السريالي بنجامان بيريه في العام 1935 قائلا: - السريالية بحاجة إلي التلاشي برشاقة وكياسة من أجل حمايتها من الإذلال الذي سوف تتعرض له عند بلوغها المائة عام. لكن ألستم مؤمنين بالقضاء والقدر؟ هل كانت سلالة ساد ورامبو ولوتريامون بأسرها من فئة المفكرين؟ وأنا أري هذه التسوية المثيرة للشفقة قادمة، فإنني أرفض إقرارها والتصديق عليها. سوف أغادر هذا السيرك-. وفي عام 1940 انضم إلي المقاومة الفرنسية ليس كشخصية أدبية -مقاومة- بل كمقاتل مناضل أثبت كفاءة عالية أهلته لأن يصبح قائدا ميدانيا لجيش المقاومة في جنوب فرنسا.وقبل انضمامه إلي المقاومة، كان قد كتب عن صديق (وربما عن نفسه): - لقد كان مولعا بالانتقاد، مفعما بالارتياب بشأن حياته، مسموما بالرياء. شيئا فشيئا استوطنته الكآبة العقيمة. الآن هو عاشق، ملتزم، قابل لأن يبذل نفسه ويضحي بها. إنه يمضي عاريا، مشحونا بالتحدي-. وكان قد عبر عن هذه التجربة علي شكل يوميات شعرية، التي هي مزيج من التأملات الفلسفية والقصائد النثرية،كتبها في الفترة بين 1941 و 1944، باسمه الحركي المستعار، هيبنوس، إله النوم عند الإغريق،ثم نشرها بعد الحرب (1946) في كتاب حمل عنوان -أوراق هيبنوس-. وفي السنوات التي تلت الحرب، وتحديدا من 1950 إلي 1962، اتسعت شهرة شار كشخصية أدبية مؤثرة، ونال احترام وتقدير العديد من الكتاب والتشكيليين والموسيقيين، وتعاون مع عدد من الفنانين في أعمال مشتركة، في مجالي التشكيل والموسيقي. وكان صديقا حميما للعديد من الرسامين والكتاب مثل: براك، جياكوميتي، بيكاسو، ألبير كامو. وفي 1971 أصدر كتابه -العري الضائع- والذي جمع فيه القصائد التي كتبها منذ 1964. وفي أواخر 1987 أرسل شار كتابه الشعري الأخير إلي الناشر، لكن طباعته لم تجهز إلا بعد أشهر من وفاته.