الموضوع
:
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية
عرض مشاركة واحدة
08-26-2010, 04:15 PM
المشاركة
272
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,768
انطونيو غامونيدا
وبصوته الهادىء
الوقور المملوءة نبراته بموسيقا الشعر حدثنا على مدى أكثر من ساعة الشاعر الاسباني
المحدث.
انطونيو غامونيدا في امسيته بالمركز الثقافي الاسباني عن طفولته ونشأته
وشعره حديثاً طلياً تزينه العفوية والصدق والجمال ثم اسمعنا بضع قصائد من نظمه زادت
الامسية حسناً وإشراقاً. ولد انطونيو غامونيدا في أوبييدو باسبانيا عام 1391.
اعتبر
والده شاعر الحداثة وقد توفي عام 1392 أي بعد ولادة ابنه بعام فانتقلت به والدته
للعيش معاً في حي عمال السكك الحديدية بمدينة ليون وهي المدينة التي لا يزال يقيم
فيها. اعتمد على نفسه في مسيرته التعليمية وشارك كالعديد من الكتاب والفنانين في
المقاومة الفكرية للتوجهات الفرانكوية- نسبة الى فرانكو حاكم اسبانيا السابق -وهو
ما يظهر جلياً في أشعاره.
وعلى الرغم من مسيرته الشعرية الحافلة والطويلة فان
الاعتراف به كشاعر محدث معاصر لم يتم الا مؤخراً. نال أهم الجوائز التي تمنح
للشعراء والادباء الاسبانيين: جائزة قشتالة وليون للآداب، جائزة الملكة صوفيا
للقصيدة الايبيرو امريكية، الجائزة الوطنية للقصيدة بالاضافة الى جائزة ثربانتيس
كما حصل أيضاً على جائزة اوروبا عام 5991 عن مؤلفه كتاب البرد. قرأ الشاعر علينا
عدة قصائد من شعره كانت كل قصيدة بينها تترجم بيتاً بيتاً الى العربية من قبل مترجم
مرافق وبوساطة سماعات خصوصية تعلق بآذان المستمعين. في القصيدة الاولى ويمكن ان
نعطيها عنواناً «الغربة والسعادة» يقول الشاعر: «.. سأكون في تفكيرك لكني أريد
أيضاً أن أبقى غريباً فيك غريباً ومغموراً فقط بسعادتك..». في القصيدة الثانية يعبر
الشاعر عن احساسه بالشيخوخة بأبيات جميلة وخيال جامح مبتكر يقول: «أشعر بالغسق في
يدي/ أريد أن اتنكر لكل الوجوه وأن تبتعد الاغنيات عن قلبي/ هي الشيخوخة تسير في
عروقي كمياه يتخللها أنين. «ستتوقف كل الاسئلة/ الشيخوخة هي العذاب والصفاء/ قد
أكون شفافاً وأصبح وحيداً بدون ادراك ذلك/ وعلى اية حال فالحكمة الوحيدة هي
النسيان..». في القصيدة الثالثة ويدور موضوعها حول الوجود وحول الشيخوخة أيضاً
يقول:«رأيت زهور الخزامى مغمورة في حوض من الأنين فالتهبت الرؤية بداخلي/ ورأيت خلف
المطر أفاعي مريضة جميلة في قروحها الشفافة وثماراً مهددة بالأشواك والخيال
وأعشاباً مهيجة بالندى وشاهدت بلبلاً ينازع وفمه ممتلىء بالضوء. «مازلت أدور بداخلي
مع أني أعرف أنني سأسقط في برد قلبي، «هذه هي الشيخوخة: وضوح بلا استرخاء.» في
القصيدة الرابعة يبحث عن الرحمة والتآلف ولكنه ما يلبث ان يتخلى عنهما ويفضل
الاندماج بالثلج يقول: «غطاء أسود في الرحمة/ لسانك في لغة مدماة/ لا تموتي فيَّ
واخرجي من لغتي/ اعطيني يدك لأدخل في الثلج ».
أما القصيدة الخامسة فانها تضعنا
أمام تساؤلات: «من يتكلم مع قلب جريح عندما يضع الجبن اسماً لكل الأشياء؟
(...)
يتكلم كائن مطارد، يتحدث عن القروح الثابتة وروحه ترى في الزيف وشفتاه تتلعثمان في
الاستراحات المخالفة ».
والواقع ان الشاعر يتخذ بهذه التساؤلات موقفاً تجاه فراغ
التخبط ويطرح اسئلة تجاه زيف الحياة وسلبياتها. نصل الى القصيدة السادسة وعنوانها
(
أسقط على أيادٍ) وفيها يستوحي ايادي امه ويدل استعمال صيغة الجمع في (أيادٍ) على
مدى أفضال هذه الام ومدى حنوها عليه ولا ننسى هنا ان امه كانت على الدوام تجهد
لتربيته وتنشئته ولاسيما بعد ان توفي والده وعمره عام واحد كما سبق ان ذكرنا وهكذا
أخذت هذه الام العظيمة على كاهلها ان تجعل منه انساناً تفخر به هي وبلاده على
السواء.
وتعتبر هذه القصيدة من أجمل القصائد المعروفة في تمجيد الأم ومهمة الأمومة
وأفضالها. لقد سقط الشاعر على أياد رحيمة وهبته الكثير من الجهد والعطف والحنان
.
وهي قصيدة ذات نكهة فريدة بين القصائد التي تتغنى بالأمهات وتمجد وجودهن. يقول
الشاعر: «عندما لم أكن أعرف أنني أعيش في أيادٍ/كانت تمر على وجهي وعلى قلبي/ كنت
أشعر بأن الليلة كانت جميلة كالحليب الصامت، وكبيرة أكبر بكثر من حياتي/أمي: كانت
تلكما يديك والليل معاً ولهذا كان ذلك الظلام يحبني/ لا أذكره ولكنه كان معي
.
وأينما أوجد في النسيان تكون هناك الأيادي والليل/أحياناً، عندما يتدلى رأسي فوق
الأرض، ولا أستطيع التحمل أكثر/، ويكون العالم فارغاً/ أحياناً يصعد النسيان الى
القلب، وأركع لأتنفس على يديك/أنزل وأنت تخفين وجهي، وأنا صغير، ويداك كبيرتان
/
،
والليل يأتي مرة أخرى، يأتي مرة أخرى/وأرتاح لكوني رجلاً،أرتاح لكوني رجلاً». ها
نحن الآن مع القصيدة السابعة ويدور موضوعها حول الجمال وعفوية التفكير فيه ومحبته
.
ومتى وجد الجمال، ألا تزدحم القلوب من أجل محبته؟ إن الشاعر ليؤمن بأن الجمال متى
وجد وجد الحب ووجد السلام. ألم يقل دوستو يفسكي العظيم «إن الجمال وحده سينقذ
العالم». يقول شاعرنا: «نائم والنور يغلي/بعد الكثير من الأراضي التي هجرتها
العصافير تظهر بلدة/في تربة محروقة يضعون موتاهم، وينهض الصمت والوحل ويدخلان
الحياة/فكرت في الجمال. وأني لأرى صمتاً على شكل مبنى/وارى قلوبا تراكمت من أجل
الحب/ أرى الحياة في مركز النور وأعلم أن الجمال لا يحتاج إلى من يتم التفكير فيه
.
اما القصيدة الثامنة والاخيرة في هذه الامسية فان موضوعها يدور ايضا حول الجمال
.
يهتف الشاعر بملء جوارحه: «لا اتكلم عن نفسي بل اقول واقسم ان الجمال ضروري/ فليمت
ما ينبغي ان يموت ما اكتمه/ ويا الهي لا تلمس قلبي الدنس». وبعد، فلقد بلغت أمسية
الشاعر الاسباني المحدث انطونيو غامونيدا اوج النجاح بشاعرها الجميل وما تحويه
أشعاره من نكهة جديدة، كما كان الحضور مميزاً. ولا يسعنا إلا أن نزجي كلمة شكر
ومحبة الى القائمين على المركز الثقافي الاسباني، لما يقدمونه طوال العام من نشاطات
ثقافية منوعة تشمل المحاضرات الثقافية والحفلات الموسيقية وعرض الأفلام والمعارض
الفنية وسواها، وتحية الى الشاعر غامونيدا الذي أحب دمشق وأحبته دمشق كأحد شعرائها
المفضلين.
http://thawra.alwehda.gov.sy/_archive.asp?FileName=92067355520080318104317
رد مع الإقتباس