الموضوع
:
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية
عرض مشاركة واحدة
08-26-2010, 04:13 PM
المشاركة
269
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,768
محمد بن راشد المهنا النعيمي
كان صغيرا عندما توفيّ والده
..
فرحل مع والدته من البحرين إلى
أخواله في قطر
..
ثم عاد شابا ليستقر في المملكة العربيه السعوديه
..
يتذكر
والده .. وحالة نعيم ( وهي قريته ) في البحرين مسقط رأسه .. كان والده ذا شأن في
قبيلته
فهو سيّدها .. وكعادة ذوي السؤدد والرياسة كان مجلسه هو ملاذ الملهوف
وطالب العون وكل
ضيف وعابر سبيل لذلك كان صوت الهاون لا يهدأ ورائحة القهوة تعطر
المكان
.
رغم المدّة القصيرة التي عايش فيها والده .. إلا أنها كانت كافية
ليتعلّق الولد بوالده
..
وبمجلسه العامر وقريته الصغيرة ويحفظهم في أعماق أعماقه
.
تعلق قلبه بوالده وبالقرية التي عاش فيها طفولته .. لذلك كان من الطبيعي أن
يؤثر فيه ذلك
الترحال من بلد لآخر حتى لكأنه عاش غريبا في كل أرض ينزل عليها
وفي كل دار يحل فيها
.
لعب كل ذلك دورا في نهجه الشعري عندما شكّل البيت الأول
في أول قصيدة له فكان شعره
لا يخلو من تلك المؤثرات التي حفرت في قلبه وعايشته
حتى وفاته ( 1996
) .
تلك الدار أو الحاله ( حالة نعيم ) لم تكن لتغب عن باله
أبدا لذلك كانت الوجه الآخر لقصائده
:
ياشيخ مازحنا عن الدار بالعمد **** ذا
شان دورات الزمان النكوبي
وفي قصيدة أخرى
:
على رسم خط هبّه النود
واختفى **** ظلما ولاادرى عن ضحاها وليلها
على اثار خلان الصفا منقع الوفا
****
عربان ونجوع تقافا رحيلها
تقافوا وخلوني مع ظول غلمه **** ومعهم على عسر الليالي
وميلها
((
فلا همّني دنيا ولا حسّني بهم **** سوى ديرة ذهبوا مناعير جيلها
))
كانت تلك الدار تدور كالفلك في مخيلته ... فكلما هم بكتابة قصيدة كانت
الدار هي محورها
..
أو على الأقل هي الطرف البارز فيها
..
في جل قصائد محمد
بن راشد النعيمي حسرة على ذلك الزمان وعلى رجاله الذين تركوه ليصبح
غريبا بعدهم
لا غريب دار فقط بل غريب أزمان وأوضاع
!!!!
عشعشت حالة نعيم في ذاكرته ... لم
تفارقه لحظة واحده .. ففيها فتح عينيه على مجالس الرجال
..
وفيها عاش طفولته
ولمس شيئا من شيم الرجال وعاداتهم التي تغيّرت .. ولم تعد كما هي
.
لم يكن محمد
بن راشد النعيمي بالشاعر العادي ........ أبدا
فقصائده لا تظهره كذلك بل تقف به
على درجة مساواة لفحول الشعرا النبط في الجزيرة العربية
والمطّلع على قصائده
يرى فيها ما يؤهله لذلك
..
في قصائد النعيمي قوة في الصياغة وقدرة على التأثير
ولا نبالغ حين نقول أن اللهجة الوسطى
التي انتهجها لكتابة قصائده كانت مفتاحه
للولوج إلى قلوب المتلقين
..
ربما لم ينتهج النعيمي ذلك النهج عامدا .. بل جاء
تلقائيا من تأثير البيئة الحضرية عليه فكانت
هي لهجته دون أن تختفي لهجة
البادية التي كانت تظهر من بين السطور إذا سلّمنا جدلا أنها لم
تكن في الواجهة
.
كذلك تبيّن قصائده مدى وعيه وإلمامه بأمور شتى قد تغيب عن شعراء كثر من
معاصريه ( 1900ـــ 1996
)
هذه أبيات من قصيدته في فلسطين وهنا يتجلّى وعي الشاعر
فالقصيدة رغم قدمها إلا أنها تحاكي
حاضرنا السياسي ولا تحتاج إلى تعليق أكثر من
هذا
:
خايل فلسطين العروبة تلاوي **** قيد العنا .. من بين شامت
وعذال
تشدي طريح باول الخيل هاوي ** عليه بارود المعادين ينهال
عقب الزناقه
واني الحيل ثاوي *** كسير ساقينٍ عليه العدو حال
واسمع لها في كل ليله غناوي
***
كل على ( حيفا ) تغنــّى بالاقوال
((
واللي على حقـّه يرز النعاوي **** يقبل
حلول الصلح عن خيبة الفال
))
شاعر بهذا الحجم كان لا بد من دراسته .. وكان
لا بد من أن يقيّم تقييما صحيحا ليأخذ مكانته الحقيقية .. ولكن
!!
لم يكن للشعر
النبطي حظا وافرا في رواته .. فلم يجد رواة ثقاة ونقادا محايدين لذلك ظهر الشعر
النبطي بصورة
لم تكن هي المأمولة .. فقد غاب عن التاريخ الشعري كثير من شعراءه
دون أن يجدوا من يكلّف نفسه عناء إنقاذ مايمكن إنقاذه .... حتى أنك تجد شعراء فحول
لم يحفظ الرواة من قصائدهم إلا القليل بينما بقية قصائدهم طواها
الدهر وشرب
عليها النسيان
!!!!!!!!!.
محمد بن راشد النعيمي من أولئك الشعراء الذين للأسف لم
تحفظ قصائدهم ولم يسجل منها إلا البعض بينما راحت قصائده الأخرى بل وأكثر تاريخه
الشعري دون أن يدوّنه أحد
...
توفي الشاعر محمد بن راشد النعيمي عام 1996م في
المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية .. وانتهى
بنهايته جيل الشعراء
العظام ممن كان لهم الفضل في إحياء الشعر النبطي واستمراريته .. عاصر من كبار
الشعراء
عمير بن عفيشه ولحدان الكبيسي وناصر النجدي والسديري .... وغيرهم
.
رد مع الإقتباس