عرض مشاركة واحدة
قديم 08-26-2010, 04:13 PM
المشاركة 269
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
محمد بن راشد المهنا النعيمي




كان صغيرا عندما توفيّ والده..




فرحل مع والدته من البحرين إلىأخواله في قطر ..
ثم عاد شابا ليستقر في المملكة العربيه السعوديه ..
يتذكروالده .. وحالة نعيم ( وهي قريته ) في البحرين مسقط رأسه .. كان والده ذا شأن فيقبيلته
فهو سيّدها .. وكعادة ذوي السؤدد والرياسة كان مجلسه هو ملاذ الملهوفوطالب العون وكل
ضيف وعابر سبيل لذلك كان صوت الهاون لا يهدأ ورائحة القهوة تعطرالمكان .
رغم المدّة القصيرة التي عايش فيها والده .. إلا أنها كانت كافيةليتعلّق الولد بوالده ..
وبمجلسه العامر وقريته الصغيرة ويحفظهم في أعماق أعماقه .
تعلق قلبه بوالده وبالقرية التي عاش فيها طفولته .. لذلك كان من الطبيعي أنيؤثر فيه ذلك
الترحال من بلد لآخر حتى لكأنه عاش غريبا في كل أرض ينزل عليهاوفي كل دار يحل فيها .
لعب كل ذلك دورا في نهجه الشعري عندما شكّل البيت الأولفي أول قصيدة له فكان شعره
لا يخلو من تلك المؤثرات التي حفرت في قلبه وعايشتهحتى وفاته ( 1996 ) .
تلك الدار أو الحاله ( حالة نعيم ) لم تكن لتغب عن بالهأبدا لذلك كانت الوجه الآخر لقصائده :

ياشيخ مازحنا عن الدار بالعمد **** ذاشان دورات الزمان النكوبي

وفي قصيدة أخرى :

على رسم خط هبّه النودواختفى **** ظلما ولاادرى عن ضحاها وليلها
على اثار خلان الصفا منقع الوفا **** عربان ونجوع تقافا رحيلها
تقافوا وخلوني مع ظول غلمه **** ومعهم على عسر اللياليوميلها
(( فلا همّني دنيا ولا حسّني بهم **** سوى ديرة ذهبوا مناعير جيلها ))

كانت تلك الدار تدور كالفلك في مخيلته ... فكلما هم بكتابة قصيدة كانتالدار هي محورها ..
أو على الأقل هي الطرف البارز فيها ..
في جل قصائد محمدبن راشد النعيمي حسرة على ذلك الزمان وعلى رجاله الذين تركوه ليصبح
غريبا بعدهملا غريب دار فقط بل غريب أزمان وأوضاع !!!!
عشعشت حالة نعيم في ذاكرته ... لمتفارقه لحظة واحده .. ففيها فتح عينيه على مجالس الرجال ..
وفيها عاش طفولتهولمس شيئا من شيم الرجال وعاداتهم التي تغيّرت .. ولم تعد كما هي .
لم يكن محمدبن راشد النعيمي بالشاعر العادي ........ أبدا
فقصائده لا تظهره كذلك بل تقف بهعلى درجة مساواة لفحول الشعرا النبط في الجزيرة العربية
والمطّلع على قصائدهيرى فيها ما يؤهله لذلك ..
في قصائد النعيمي قوة في الصياغة وقدرة على التأثيرولا نبالغ حين نقول أن اللهجة الوسطى
التي انتهجها لكتابة قصائده كانت مفتاحهللولوج إلى قلوب المتلقين ..
ربما لم ينتهج النعيمي ذلك النهج عامدا .. بل جاءتلقائيا من تأثير البيئة الحضرية عليه فكانت
هي لهجته دون أن تختفي لهجةالبادية التي كانت تظهر من بين السطور إذا سلّمنا جدلا أنها لم
تكن في الواجهة .
كذلك تبيّن قصائده مدى وعيه وإلمامه بأمور شتى قد تغيب عن شعراء كثر منمعاصريه ( 1900ـــ 1996)
هذه أبيات من قصيدته في فلسطين وهنا يتجلّى وعي الشاعرفالقصيدة رغم قدمها إلا أنها تحاكي
حاضرنا السياسي ولا تحتاج إلى تعليق أكثر منهذا :

خايل فلسطين العروبة تلاوي **** قيد العنا .. من بين شامتوعذال
تشدي طريح باول الخيل هاوي ** عليه بارود المعادين ينهال
عقب الزناقهواني الحيل ثاوي *** كسير ساقينٍ عليه العدو حال
واسمع لها في كل ليله غناوي *** كل على ( حيفا ) تغنــّى بالاقوال
(( واللي على حقـّه يرز النعاوي **** يقبلحلول الصلح عن خيبة الفال ))

شاعر بهذا الحجم كان لا بد من دراسته .. وكانلا بد من أن يقيّم تقييما صحيحا ليأخذ مكانته الحقيقية .. ولكن !!
لم يكن للشعرالنبطي حظا وافرا في رواته .. فلم يجد رواة ثقاة ونقادا محايدين لذلك ظهر الشعرالنبطي بصورة
لم تكن هي المأمولة .. فقد غاب عن التاريخ الشعري كثير من شعراءهدون أن يجدوا من يكلّف نفسه عناء إنقاذ مايمكن إنقاذه .... حتى أنك تجد شعراء فحوللم يحفظ الرواة من قصائدهم إلا القليل بينما بقية قصائدهم طواها
الدهر وشربعليها النسيان !!!!!!!!!.
محمد بن راشد النعيمي من أولئك الشعراء الذين للأسف لمتحفظ قصائدهم ولم يسجل منها إلا البعض بينما راحت قصائده الأخرى بل وأكثر تاريخهالشعري دون أن يدوّنه أحد ...
توفي الشاعر محمد بن راشد النعيمي عام 1996م فيالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية .. وانتهى
بنهايته جيل الشعراءالعظام ممن كان لهم الفضل في إحياء الشعر النبطي واستمراريته .. عاصر من كبارالشعراء
عمير بن عفيشه ولحدان الكبيسي وناصر النجدي والسديري .... وغيرهم .