عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
3

المشاهدات
3440
 
خا لد عبد اللطيف
قاص وروائي مغربي

خا لد عبد اللطيف is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
80

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Sep 2006

الاقامة

رقم العضوية
2006
10-15-2012, 11:48 PM
المشاركة 1
10-15-2012, 11:48 PM
المشاركة 1
افتراضي رسالة التعتيم في تهافت رجال التعليم
[IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5Ch%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1 %5C01%5Cclip_image002.jpg[/IMG]


" رسالة التعتيم في تهافت بعض رجال التعليم"

ذكرتني المذكرة109 التي أصدرها وزير التربية الوطنية والمتعلقة بتوقيف الساعات الإضافية في التعليم الخصوصي ،بقصة جحا حين احتكم إليه شخصان في قضية ما،فقال للأول إنك على حق،وقال للثاني وأنت كذلك على حق"فالسيد الوزيربقراره جعل المجازين المعطلين العاملين في التعليم الخصوصي يستبشرون خيرا،ولكن سرعان تبخر هذا الاستبشار الذي تحول الى تراجع في قراره،وليجتمع مع الرابطة الحرة للتعليم الخصوصي بالرباط،ويخبرهم بأنه لابأس من تدريس أساتذة التعليم العمومي في مدارس التعليم الخصوصي بشرط أن يرسلوا أسمائهم في موقع الوزارة.
والحقيقة أن هذه المذكرة لم تكن سوى زوبعة في فنجان،ومجرد جعجعة دون طحين،وبتراجع الوزير يكون قد أجهز على آمال فئات عريضة من المعطلين المجازين.وبذلك تكون مذكرة الوزير ظاهرها الجد وباطنها الهزل،قشورها حق وجوهرها باطل.واليوم أمام أعين الوزيرولجانه ومفتشيه ومستشاريه ونياباته وأكاديمياته،ماتزال دار لقمان على حالها،والتحق بعض رجال التعليم العمومي بالمدارس الخاصة رغما عن أنف الوزير. وأمام أنظاره،وإن يكن للوزير هيبة فقد ذهبت أدراج الرياح أمام انتفاخ أوداج الجياع والبؤساء من بعض رجال التعليم.وحمى الساعات الإضافية مازالت ترخي بظلالها على مشهدنا التعليمي البئيس،ومازالت المؤسسات التعليمية الخاصة تفتح أبوابها لأساتذة التعليم العمومي،ومايزال بعض أهل الطباشير مصرين على فتح المرائب والشقق وحتى المغارات والكهوف لإنجاز الساعات الإضافية،ولم تقف حمى الجشع والطمع عند هذا الحد،بل إن بعض رجال التعليم اتخذوا من محل بقال محلا للساعات الإضافية.
لقد كان السيد الوزير يعتقد أنه بمذكرته سيتغير وجه التعليم ورجاله،لكن يبدو أن هذه الفصيلة النادرة من رجال التعليم لاتكل ولاتمل،إذ أنها تتوفر على قدرة عجيبة وخارقة في تدريس أفواج عديدة في شتى التخصصات للحصول على مبالغ مالية تفوق رواتبهم الشهرية،والغريب في الأمر أنهم برغم من كثرة التدريس لايصابون بأورام في الدماغ ،أو جلطة في المخ،أو أزمة قلبية.حتى أنني لم أجد من وصف لهذه الفصيلة النادرة غير تشبيهها بطائر الفينيق الذي يبعث حيا بعد خروجه من الرماد،وتنبعث فيه الحياة.
والطامة الكبرى أن أرباب المدارس الخصوصية، يجهلون حقيقة بعض هؤلاء الأساتذة العموميين،فهم لابذلون أي مجهود يذكر،بل هم مجرد ظواهر صوتية لم يعد بينها وبين المعرفة والثقافة والتدريس غير الخير والإحسان،فالمهووسون منهم، لاهم لهم غير التهافت على اقتناء البقع، وإعادة بيعها،وترؤس الودادية السكنية،بل إن بعضهم يتاجر في الأبقار والمواشي،والبعض الآخر يبيع قطع الغيار والمعدات الإلكترونية،وآخرون يتاجرون في بيع الأعشاب ومواد التطهير والصباغة،ومنهم من يتوفر على بغال يكتريها لبائعي الخردة ويتسلم الثمن كل أسبوع.والطامة الكبرى أن أحد سائقي سيارة الأجرة بمراكش صرح لإذاعة MFM بأن أحد رجال التعليم ينافسهم في المهنة ويشتغل يوم السبت والأحد في سياقة سيارة أجرة صغيرة.
والحقيقة أن هذه الممارسات اللإنسانية واللاتربوية التي يسلكها بعض رجال التعليم لاتشرفهم ولاتشرف الوزارة الوصية.في عز خيبة المعطلين المجازين العاملين بالتعليم الخصوصي. قال لي أحد الظرفاء منهم مازحا:" لن تستطيع قذائف الهاون ولاصواريخ صدام ولاسكود،ولامدافع روسيا،وطائرات أمريكا أن تزحزح هذه الكائنات المتهافتة على الساعات الإضافية قيد أنملة،لأنها تستمد قوتها من انتسابها إلى سلالة العليق أو الطحالب التي تهوى التسلق ولن يمكنها السقوط أبدا.يبدو أن هذه الفئة من رجال التعليم العمومي المهووسة بالساعات الإضافية، لم تستوعب بعد مضامين الدستور الجديد المليء بالإشارات القوية لتغيير العقليات ومحاربة الإستبداد، وربط المسؤولية بالمحاسبة وخلق قيم التضامن والتكافل،ونبذ الاحتكار والأنانية،وفتح المجال أمام كل الطاقات المبدعة والفاعلة.
لهؤلاء المتهافتين نقول:" يكفيكم ثقافة الإسمنت،واتركوا لنا ثقافة التدريس،يكفيكم ثقافات العقارات واتركوا لنا ثقافة المعرفة،يكفيكم ثقافة الخرتيت ..افسحوا المجال لإخوانكم في التعليم الخصوصي فإن لهم أبناء وعائلات وأمهات ينفقون عليهم ...وإن لم تستحييوا فآفعلوا ماتشاؤون".

خالد عبداللطيف / ناقد من المغرب