عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2012, 09:41 AM
المشاركة 25
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأخ والصديق والرفيق فيصل سلمان ..
أدعوك أخى الكريم لتأمل ردى البسيط عليك والتدبر فيه قليلا خارج نقطة النقاش ,
فربما وجدت فيه من الحق شيئا تتبعه أو من الباطل فتصححه لى ..
أخى الحبيب تقول :
لقد وصفتني ايها الاستاذ الكريم محمد بالمتسرع وانت حينما القيت على هذا الوصف كنت حتما ترثى لي اشفاقاً وانا ممتن لك

والله ما قلت هذا انتقاصا منك أو من قدرك
وإنما قلته ووصفتك بالتسرع لما رأيت استدلالك الصادم فكانت كلمتى ردة فعل طبيعية ,
ورغم البيان البسيط الذى أوردته لك إلا أنك عدت لفتح ذات النقاش وقبل أن أجيبك على سؤالك دعنى أنقل لك تجربة بسيطة ومتواضعة لعلنا نفيد بتذكرها معا .. واغفر لى انها تجربة شخصية
أخوك الزغبي يا أخى الحبيب كان فى ماضي الزمن يحب الجدل كما يحب الإنسان لذة العيش !
ولا شك أن هذا كان ضلالا مبينا , وقد كنت أستمتع بل وأترصد لكل مخالف لوجهة نظرى حتى أدخل معه فى نقاش أو مناظرة ــ بعض النظر عن فائدة هذا النقاش أو مدى أهميته ــ فلما هدانى الله تعالى إلى معرفة حقيقة الجدل والمراء والمناظرة وكيف أن الإسلام نظّم أمور المحاورة والنقاش ونهى نهيا تاما عن النقاش فيما ليس فيه نفع على الإسلام والمسلمين من قضايا علم الكلام .. أمسكت وتوقفت عن الجدل إلا للردود الضرورية وفى حدودها

كما نهى الإسلام عن النقاش فى أمور العقائد .. اللهم إلا أن يكون ردا للباطل وفى حدود الرد وحسب
وأباح الحوار فيما دون ذلك ولكنه أيضا اشترط للحوار نظما أولها وأهمها ألا يكون هدف المتحاورين هو الغلبة والظهور والشهرة .. عافانا الله وإياكم من الرياء وما يقرب منه ,

ولأن النفس أمارة بحب الشهرة ولا يمكن لى ولا لك أو لغيرنا أن ينجو من هذا الأمر إلا بالتدبر والرعاية ,
فدعنى أسألك بالله عليك ..
ما هى فائدة هذه القضية التى تريد فتح باب الجدل فيها من جديد , رغم وضوحها بمحكم التنزيل ؟!
ما هو النفع الذى سيعود علينا إذا نجحت أنت أو نجحت أنا فى الظهور بالحجة ؟!
وإن قلت أن النقاش فى العلم مطلوب فاسمح لى أن أوضح لك أن العلم المقصود هنا هو ما يعود بالنفع على المسلم من طاعة يحض عليها أو معصية ينهاه عنها ,
حتى أن الإمام مالك كان يقول ( لا أحب الكلام فى قول ليس تحته عمل )
ولست أدرى ما هو البحث المفيد فى نقاش قضية الخير هو الأصل أم الشر على فرضٍ جدل أنها قضية غير محسومة بالقرآن والسنة ..
ومثل هذا أيضا فتح باب الجدل هل آدم عليه السلام هو أول البشر أم لا !!
وهل الشيطان ينام أم لا ينام ؟!
وأمثال هذه الأمور التى لو طالعت ما كتبه العلماء فى ذمها لفررت منها ومن نقاشها فرارك من الأسد ..
فليتك تقبل بنصيحتى وتجعل الحوار فى أمور تعود بفائدة ونفع على ديننا وتكسبنا طريقا أقرب لله تعالى ..
ودعنا نحتفل سويا ــ إذا قبلت ــ بهزيمتنا للشيطان وللنفس فى هذه الجولة عندما نغيظه بعدم استمرارنا فى جدال لا ينفع , ولا شك أنه يغتاظ لذلك لعنه الله

ولأنى أعلم أن النفس والشيطان عدوان ليس من السهل التغلب على وساوسهما ,
وحتى لا تظن أنى أهرب من سؤالك بإجابة عائمة خارج الموضوع
سأجيبك إجابة شافية وكافية عن سؤالك إن شاء الله لتعلم أنى لو أردت مواصلة الحوار فلن أعدم حجة أو دليلا ..

تقول فى سؤالك :

لابسط لك المسئلة بفهمي البسيط

كما تعلم أن الصورة العامة لدى البشر للشر (ابليس) و صورة العامة للخير (ادم) فمن خُلق اولاً..؟

فهمت ما ترمى إليه أيها الأخ الفاضل ..
وأرى هنا ملحوظة هامة وهى أنك تراجعت عن سابق قولك أن آدم هو أصل الشر عندما نزل إلى الأرض , وجعلت ممثل الشر هو إبليس
فهل كان فهمنا الأول لك خطأ , أم أنك غيرت وجهة نظرك ؟!

وأنت هنا تريد أن تقول أن إبليس ــ وهو ممثل الشر ــ سبق آدم فى الخلق وبالتالى , فالأصل هو الشر ..
أليس هذا ما تريد أن تصل إليه ..؟
فاسمح لى بأن هذا الكلام غير صحيح ,
ليس فقط لسابق الأدلة التى طرحتها فى رد عليك وهى آيات من القرآن محكمات
ولكن لأسباب أخرى تتمثل فيما يلي ..
أولا : أن إبليس نعم قد سبق آدم فى الخلق , ولكن القياس لا يكون بموعد خلق كل منهما أيها الأخ الكريم ,
لأن إبليس عندما خلق وحتى وقت أمر السجود لآدم , لم يكن ممثلا للشر بل كان ممثلا للخير كل الخير حيث أنه كان قائد ملائكة السماء الدنيا ولم يصبح إبليس ممثلا للشر إلا عندما خُلق آدم عليه السلام بالفعل وأمره الله عز وجل أن يسجد لآدم فعصي أمر الله , فاستحق اللعنة والطرد وصار منذ تك اللحظة فقط ممثلا للشر
وعليه يكون آدم الذى هو ممثل الخير سبق إلى الخلق نزوع إبليس إلى الشر ..
ثانيا : حتى فى معيار النزول للأرض فإن الله عز وجل أنزل آدم للأرض وكلفه بإعمارها وقضي بذلك قبل خلقه الفعلى ــ وقبل معصية إبليس ــ وجعل آدم مصدر الإعمار والخير فى الأرض وبعدها أذن لابليس أن ينزل إلى الأرض فيكون ممثلا للشر ..
ثالثا : فى عموم خلق الكون كان الخير دائما هو الأصل والشر طارئ عليه ..
فالله عز وجل خلق الملائكة وخلق الجن .. وكلاهما كان على الطاعة , حيث أنه ــ كما يتفق المفسرون ـــ كان الملائكة مأمورون مخلوقون من نور , وكان الجن مخلوقون من النار وتمت تسميتهم بالجن لأنهم كانوا خزنة الجنة ..
نعيد فنكرر ...
كان الجن ــ قبل خلق آدم عليه السلام ــ بقيادة إبليس هم خزنة الجنة وحماة السماء الدنيا , وكان جنودا لله تعالى أيضا حيث أرسلهم الله عز وجل بقيادة إبليس لمحاربة خلق ( البن ) الذين أفسدوا فى الأرض فنزل إبليس وجنده فقتلوهم جميعا ..
وحتى خلق البن كان لاحقا على خلق الجن والملائكة لأن الثابت أن الله عز وجل خلق السماوات وملائكتها قبل خلق الأرض وبعد خلق الأرض أنزل إليها مخلوقات البن التى عاثت فيها فسادا وهم من كانت تعنيهم الملائكة بقولهم لله عز وجل عندما أخبرهم بخلق آدم ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ... الآية ) ( ولمزيد من التفاصيل راجعوا البداية والنهاية لابن كثير ــ الجزء الأول ــ باب بدء الخلق )

أى أن سنة الله فى الكون كله وفى سائر مخلوقاته كان الخير فيها هو الأصل والشر طارئ عليه ..
خلق السماوات والملائكة والجن , ثم خلق البن وكانوا ممثلين للشر فمحاهم الله بالجن ..
وعندما طغت الجن طردهم الله من رحمته وحاربتهم الملائكة وطردتهم إلى جزائر البحور وطهرت سطح الأرض منهم تمهيدا لنزول آدم ممثل الخير ..
وبقي الشياطين ــ وهم كفرة الجن ــ ممثلون للشر وليس لهم سلطان على بنى آدم إلا الوسوسة
وكانت حياة الأرض بدايتها الأصلية مع الخير ..
حيث نزل آدم عليه السلام فعمر الأرض واستعمرها بأبنائه , ثم جاء الشر طارئا بوسوسة إبليس لقابيل بقتل أخيه هابيل ..
وظلت المعارك سجالا بين البشر العابدين , وبين إبليس وجنده من الشياطين والغاوين من بنى آدم ..
ولكن على طول الزمان وامتداد المعارك كان الخير دائما له الغلبة فى النهاية ..
فبدأ عهد آدم بالخير وانتهى عهده بمعصية قابيل
ثم جاء إدريس .. فعلا الخير مرة أخرى .. ولما ذهب إدريس ذهب الخير وصعد الشيطان فزيّن لناس عبادة الأصنام ,
فبعث الله نوح فحارب الشرك وانتصر فى النهاية ومحا الله الشر بالطوفان وبقي الخير وحده ..
ثم تتابعت الأجيال وتتابعت الرسل وتتابع صراع الخير والشر إلى يوم الناس هذا ..
والعاقبة للخير حتما بوعد الله عز وجل ووعد نبيه عليه الصلاة والسلام .. حين نزول المسيح عليه السلام ..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته