عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
2456
 
الفرحان بوعزة
من آل منابر ثقافية

الفرحان بوعزة is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
138

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
May 2012

الاقامة

رقم العضوية
11149
09-28-2012, 01:55 PM
المشاركة 1
09-28-2012, 01:55 PM
المشاركة 1
افتراضي لـيـتـني ما عـدت ..
... بكت ، حبست شهقتها في حلقها ، خسرت دموعاً كثيرة ، وما لها غير البكاء . في الصباح عبأوا الكؤوس بالحليب ، تناولوا الحلوى الغنية بالدهنيات ، شربوا القهوة على مهل . تمتموا، وشوشوا ، تغامزوا وضحكوا . رافقوها إلى الطريق التي تؤدي إلى المدينة ..
وقفت على طريق متآكلة الحواشي ، تنتظر وتنتظر ، حشرات طائرة تشوش على تفكيرها ، تبعدها بيدها ، فتؤجج حركتها أكثر .
طريق تتلوى بين الأحراش والفيافي ، يتناسل الخوف من زفتها الهرم ، حقائبها الحمراء لا زالت جاثمة على صخرة فائضة . كلما سمعت هديراً نبض قلبها ، خفت حركتها . تقف على أصابعها ،
تتطاول بعنقها ، تستل نفساً عميقاً من جوفها ، يتدلى رأسها على صدرها النافر واليأس يأكل منها .
سافر عقلها بعيداً ، تاه قلبها ، توزع فكرها بين البقاء والرحيل . فضفضت ذاكرتها ، ما انتشلت منها إلا جليد كراهية مقيتة . بالأمس قاموا ، شتتوا ملابسها ، أحرقوا الفائض منها ، قالـوا : سافري ، ابتعدي ، اختاري بلداً غير هذا ، اشتري لنفسك كرامة ..
عن بعد ، عنت حافلة تنهب الطريق ، بمقدمتها تخرق الرياح ، بعجلاتها تسف التراب ، تناثر الغبار في
كل الاتجاهات . آنذاك ، تأكدت أنها سقطت في حضن النسيان والتهميش ، فـتيقنت أن كل الأمكنة تنكرت لها ، كل القلوب تتمنى أن يكون الموت رفيقاً لها ..
رجعت إلى المنزل ، ما بقي في ذاكرتها سوى صورة بيت تهزه الهواجس . بجنون غير مرتقب ، كسرت قفل البيت ، رمت حقائبها وسطه ..
نظروا في استغراب ، ما قالوا شيئاً ، عرفوا أنها تقود الموت بنفسها ، أشعلت النار في ستائر منتوفة الحواشي ، تصاعد اللهيب ، دخان أسود عفرها ، أغلقت عليها الباب . اختلط الرماد بالعظام ، فأقاموا في بطونهم وليمة ..