عرض مشاركة واحدة
قديم 09-27-2012, 10:24 AM
المشاركة 14
أحمد فضول
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
استجابة للأسئلة التي طرحها الأستاذ أيوب صابر فإنني قرأت القصة غير مرة ،ويستهويني السؤال الثالث ، وأنا لست ناقدا ولكن متذوقا ، وكل كلمة تكاد تكون حكاية حزن سببها كما أعتقد زواج الأقارب الذي يورث بعض الأمراض " وهبهم رحمي الخائب لابن عمي ...... صلة الدم او لعنة الدم بيننا افنتهم " ومن ثم يورث الحزن والألم والكمد الطويل الذي لاينتهي حتى بإنتهاء العمر :" ..تمسكين بيدك اليافعة القبر السادس حيث ارقد انا وابيك بينما يقف ابن عمك فى امل :-
هل حان الوقت يا رحمة فتغصين فى الم ولعنة الدم بداخلك تطاردك وتجبين بحزن :-
ابدا لن يحن.. وسيكون هذا حزنك الاكبر وحزنى الابدي.
" وحتى الأمل في المولود السادس " الأنثى " تزوجت ابن عهما هي الأخرى لتكمل مسيرة الحزن . وهذا منطلق الصراعات في القصة وهو الصراع الخارجي ومنه الصراع الاجتماعي المتمثل في قضية الزواج بين أبناء العمومة وما يترتب على ذلك من قضايا كبيرة وبخاصة الجانب الصحي وهو جانب مهم في مسيرة الحياة كما رأينا منه صورة جلية في القصة ذاتها .
ثم صراع الانسان مع الموت ، وهنا جاء مكرورا خمس مرات مع فلذات الكبد ، وأي حزن يماثل حزن فقدان فلذات الأكباد وليس واحدا بل خمسة وجميعهم ذكور في مجتمع يمجد الذكورة ويحبذها . وهذا الصراع الداخلي المكرور في نفس أم ثكلى ثكلت خمس مرات ، ولنتصور حجم الأسى والحزن والكمد الذي يداعب شغاف قلب الأم ولا يكاد ينتهي أبد الدهر مع وجود نعمة النسيان .كل ذلك الصراع تعكسه الكلمات المعبرة والموحية وهي كثيرة في القصة ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر :" صراع مشاعري كالريح تنقلب حينا ، أحلامي ،في الرحيل أحلام تكاد تسمع انينها بداخل القلب ، كل حزن بلون..تألفت واختلطت فاستحالت سوادا .....هذا هو كتابي الاسود..خمسة فصول بخمسة اطفال .. خمسة اطفال بخمسة قبور ، لم يمنعني عنهم يوم قيظ او مطر عاصف او تراب غاضب ،...... ." والأمثلة تزخر بها القصة في الحديث الموجز عن كل موت من أحداث موت الأطفال الخمسة ، كل حادثة يولد الأمل ولكن لايلبث أن يصاب هذا الأمل بموت وهكذا دواليك وحتى المولود السادس وقد كانت بنتا والتي حفر الوالد المكلوم لها قبرا ووسعه وزينه السنة تلو السنة ويبقى الأمل ينتعش على يد البنت وهي الولود وقد تزوجت ابن عمها هي الأخرى والوالدة تخاف من تكرار التجربة . وكل الآباء والأمهات لايريدون أن يكون أبناؤهم نسخة عنهم .
وأكتفي هنا بتأمل كل كلمة من الكلمات التالية والوقوف عليها والتي تتحدث الكاتبة أو بطلة القصة عن فصلها الخامس عن رحيم الخامس ، فلنقرأ ونتأمل ونستحضر حرقة الأم وألمها وحكزنها وكمدها الذي كبر وتضخم بلا حدود :
"واخر فصولي عن رحيم الخامس ,لم يصل لعامه الثاني ابدا كما اتى هادئا كنسيم الهواء ..رحل فى مسائي الحزين . ولدته فى الربيع العبق برحيق البنفسج الحزين.. كان طفلا هادئا لم يعكر صفو احد ..كنت امسه فيبتسم بدعة ويرفع يديه كعصفور لكن الحياة لم تمنحه سوى عمرا قصيرا ولم تمنحنى عليه سوى الحسرة. "
وأتم حديثي بخاتمة القصة والتي هي استمرار لقضية الصراع الخارجي والداخلي الذي لا ينضب في هذه القصة في رحيم الأول وأخوته وأختهم رحمة :
" أعطيتك كتابي الاسود ..تمسكينه وقد تبلل بالدمع ويدك تنير الشموع على القبور الستة ..تمسكين بيدك اليافعة القبر السادس حيث ارقد انا وابيك بينما يقف ابن عمك فى أمل :-
هل حان الوقت يا رحمة فتغصين فى الم ولعنة الدم بداخلك تطاردك وتجبين بحزن :-
ابدا لن يحن.. وسيكون هذا حزنك الاكبر وحزنى الابدي.
"
أرجو أن أكون قد قدمت شيئا في حق هذا العمل الأدبي المميز .