اني راحلة !!
=======
حسام الدين بهى الدين ريشو
================
جاء صوتها متهدجا :
اني راحلة !!
ساد الصمت في رحم المكان الذي ارتبط بها كثيرا
كم ترنم بأنفاسها
واسكره شذى عطرها
متوشحا بدفء أنفاسها .
معا كنا نتحدى قيظ الزمان وبرودة الأيام
كنا كطفلين معا
طهرا وبراءة لمن حولنا !!
مزَّقتْ دثار الصمت من جديد بالحزن الذي يسكن صوتها :
اني راحلة !!
احتوتنى نظراتها الهائمة والشاردة فقلت لها :
أنتِ متعبة .. فتعالي نطارد الانهزام
نهيم معا في رياض الذكريات
نهزم الفراق
حتى اذا ماجاء الموت متنا في قبلة العشاق !!
مُكفنين
مُدثرين
بسجادة الأشواق
ألا تدرين ؟
كم تضيق بي الحياة في غير موطنك
ويضيق بي الموطن في غير تواجدك !!
قالت :
لا تحزن
هذه سمة الحياة
الناس فيها يمضون
ولا يأتون
ويصبح الفراق هو التميمة الوحيدة التى تأخذنا الى عذاب المواجهة لما يهون وما لا يهون
نتحمل سياطها
ويصير اليأس هو جواز السفر الى أرض الغربة والغياب !!
قدري أن أرحل
ان الرحيل يختار ضحاياه
فلا مفر !!
اني راحلة !!
قالتها وهي تختفي في طيات الرحيل !!
صار الفضاء الذي خلفته وراءها خاليا من تجلياتها
وفي الغد أصبح كابوسا تمرح فيه الأحزان
والأشجان
وتصفر فيه رياح لاتحمل أثرا للقاء ؛ بعد أن ماتت الأماني
حتى الذكريات .. لم تعد سوى أحلام ضائعة في رحم اليوم الذي ولى في أروقة الزمان !!
مزقته الضغوط
وأطياف اليأس
وجبروت الموت الذي يجيد اقتناص ضحاياه
وكأن الذكريات كانت ذكريات سراب
أو زمن مفقود
مع أنها كانت ملء العين والقلب !!
طوبى للراحلين على أجنحة الموت على غير موعد
طوبي للمسافرين في غياهب لا قرار لها
طوبى للمعذبين من بعدهم في ليالي النوى
يبثون لأقمار الدياجي ما أصابهم
طوبي لمن أضناهم الفراق فتكسرت أشواقهم
وهي تسافر خلف التى سافرت ولم تسافر !!
لكنها خلَّفَتْ في ظلمات الرحيل آلاما
واحزانا
واوجاعا
وافتقادا ولَّد في القلب كائنات معذبة تكسرت اجنحتها وهى تغتسل في دموع يزداد جمرها يوما بعد يوم !!