عرض مشاركة واحدة
قديم 08-14-2012, 08:25 PM
المشاركة 4
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مؤتمر مكة .. واستحقاقات التضامن الروحية



اليوم -بإذن الله- يجتمع قادة العالم الإسلامي في مؤتمر تضامني دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز .. فالمكان له دلالته الرمزية والروحية المكثفة بجوار الكعبة المشرَّفة في أطهر بقاع الدنيا وأقدسها، وللزمان أيضا دلالته الرمزية والروحية المكثفة، فهو يوافق شهر رمضان الكريم الذي أنزل فيه القرآن بوحي من الخالق ـــ سبحانه ـــ هدى للناس أجمعين، بل في واحد من أيامه العشرة الأواخر والذي ليلته أكثرها تحريا لليلة القدر، كما أن المجتمعين أنفسهم لهم دلالتهم الرمزية الروحية المكثفة، لأنهم بذواتهم مؤمنون بدين الإسلام ويمثلون في الوقت نفسه شعوبا تجمعها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإلى جانبها اليقين ذاته والالتزام نفسه ببقية أركان الإسلام من صلاة وصيام وزكاة وحج.

المجتمعون بتلك الدلالات الرمزية الروحية المكثفة هاجسهم اليوم مثلما هو هاجسهم بالأمس ومثلما ينبغي أن يظل هاجسهم الدائم، هو التضامن ليس كشعار فحسب وإنما كاستحقاق متجدد، ليس مع مناسبة عقد مؤتمر في وقته، بل كسياق إجرائي يُفترض أن يكون أولوية قصوى لهؤلاء الزعماء بحكم مسؤوليتهم في رعاية الدعوة الإسلامية بالأساس، وبحكم تلبية رغبات شعوبهم الإسلامية المتطلعة إلى تعزيز أواصر التعاون وتمتين العلاقات عمليا في مجالات الاقتصاد والتعليم والثقافة وتكامل الرؤى في المواقف المصيرية إزاء كل ما يحيط بالمسلمين من محن وشدائد، للذود عنهم ولإيجاد أنجع الطرق وأكثرها فاعلية في صناعة التقدم والحضارة لجعل هذا العالم الإسلامي قوة خيرة فاعلة جاذبة لمحبة الخير والسلام في العالم.

نعم .. التضامن هاجس مصاحب للعمر، على مستوى القادة وعلى مستوى الشعوب، وهذا ما ينبغي أن يحرص السادة الزعماء والمسلمون على ترجمته، قافزين على اختلاف في الرأي على مستوى التفسير والتصور، إلى إجماع في القرارات والمواقف والخطوات العملية التي تأخذ القرار والموقف إلى حيز التنفيذ.. وطبعا سيكون جدول الزعماء حافلا بالقضايا الإسلامية، ستتصدرها بالضرورة المآسي التي يتعرض لها الأشقاء في سورية وفي فلسطين وفي غيرهما من ديار العرب والمسلمين، وحتما لا تنتظر الشعوب الإسلامية من المؤتمرين في مكة المكرَّمة كلمات تتبخر بمجرد انفضاض المناسبة، لكنهم يعولون على أن هيمنة تلك الدلالات الرمزية الروحية المكثفة التي تؤطر هذا المؤتمر كفيلة بأن تمنح للكلمات خطوات على الأرض تدمل الجراح وتزرع البسمات.. تدفع المظالم وتدحرها وتفتح أبوابا لغد عالم إسلامي يتعانق بالأخوة وينعم بسلام التنمية.



~