عرض مشاركة واحدة
قديم 08-09-2012, 11:56 PM
المشاركة 6
حمود الروقي
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، نبينا محمد عليه أفضل صلاة وأزكى سلام ، أما بعد ..
لعلها فرصة أن نحييك أخي الأستاذ مصطفى محمد توفيق أمين شعبة العلوم والإبداع بجامعة الدول العربية ، ونرحب بك في منابر ثقافية ، ونرحب أيضـًا بما جئت به ..

الإبداع كائنٌ موجود يحتاج لمن يُوقظه ، ولمن يُشعل في داخله شرارة الانطلاق ، فهو نشاط متوقـّد من الخلايا العقلية في رحم الدماغ التي تتأثر بالاستفزاز وتؤثـّر من خلال التعاطي مع الأفكار غير العادية التي تتعدّى محيط الأشياء فيما حولنا إلى كينونتها ، ويحتاج الإبداع إلى بيئة متفاعلة معه وإلى دافعية مستمرة نحو الوصول إلى شيء مبدع وحسب ..
لن نتحدّث عن قصور مدارس التربية والتعليم مع الموهوبين في الوقت الحالي ، ولكننا سنتطرق إلى ما جاء في هذه المحاور التي سنتناقش حولها ..


أولاً : الرؤية في الجانب التربوي حول رعاية الموهبة والإبداع وإثرائهما عن قرب وعن بعد .


يتفق المربون والمختصون في عالم الذكاء والموهبة والإبداع في تعريف الموهوبين وفي تعريف الموهبة والعمليات الإبداعية ، ويتفقون بعض الشيء في كيفية قياس ومعرفة الموهوبين ، وهم جميعًا متفقون على أنّ الموهوبين يحتاجون إلى رعاية شاملة لا تتوفر في المناهج المدرسية ، وقد قامت أكثر الدول في رعاية أبنائها الموهوبين عبر العصور والأزمنة الفائتة إلى يومنا هذا ، وكلّ له طريقته في ذلك ..
بيد أننا بحاجة ماسة – نحن العرب – لإنشاء مدارس خاصة للموهوبين والموهوبات وتصميم مناهج علمية خاصة لهم وتوفير كافة المعامل والوسائل التي تساعدهم على تنمية مهاراتهم الإبداعية مع الأخذ بعين الاعتبار إلزام الجامعات والمعاهد العلمية ومراكز الأبحاث في دعم الموهوبين والموهوبات والاستفادة من طاقاتهم العقلية وتوظيف ذلك من خلال تبني الكثير منهم وابتعاثه للجامعات المتقدمة في الخارج ، وكذلك الاستفادة من الموهوبين وتوظيفهم في المجالات التي تتوافق مع ميولهم واتجاهاتهم ..
إن ما يُقدّم للموهوب الآن يعتبر أقل من الواجب له ، فرعايته في الوقت الحالي في بعض الدول العربية تتم من خلال توفير أقصر الطرق للرعاية ، وذلك بإحداث قاعة صغيرة واحدة داخل المدرسة تسمى بقاعة الموهوبين ؛ ولا تتوفر بداخلها معظم الوسائل اللازمة ؛ حيث يتم من خلالها رعاية الطلاب الموهوبين بواسطة أسلوب دمج المهارات في المحتوى العلمي ، حيث يقضي الطالب الموهوب بعضـًا من الوقت لا يتعدّى أربع ساعات في الأسبوع الدراسي يتعلّم قسرًا بعض مهارات التفكير المحددة سلفـًا فيحاول معلم الموهوبين أن يجعل الطالب الموهوب يدمج هذه المهارات في المحتوى أو الموضوع العلمي الذين يتعلمون من خلاله على حل بعض المشكلات من خلال هذه المهارات .. !
فالوقت هُنا لا يساعد الطالب كي تصبح هذه المهارة سلوكًـا في حياته ويصير متفاعلاً معها في أي وقت سواء في المدرسة أو في المنزل ، بل – ربّما – مع الوقت ينسى الطالب هذه المهارات بحكم انتقاله لمستوى إثرائي آخر ومهارات تفكيرية أخرى ..
فمن خلال ذلك يجب علينا كمهتمين بهذا المجال أن نتضافر معًا لتوحيد السياسات التربوية في رعاية الموهوبين وليأتي ذلك كمنهج علمي من خلال جامعة الدول العربية وذلك من خلال الرؤى المقترحة التالية :


1- تخصيص وتوفير ميزانيات مالية من ميزانية الدولة لدعم الموهوبين والموهوبات .


2- تصميم مناهج علمية تتسم بالتحدي والأصالة والجدّة للطلاب الموهوبين والموهوبات .


3- إنشاء مدارس خاصة لتعليم ورعاية الطلاب الموهوبين والموهوبات في سن مبكرة ، بحيث تحتوي على جميع المعامل العلمية والبحثية ومصادر المعرفة المختلفة .


4- تدريب وتأهيل المعلمين والمعلمات على برامج التفكير والإبداع ورعاية الموهبة والابتكار لرعاية وتنمية عقول الموهوبين .


5- استقطاب العلماء والمفكرين وأصحاب الهمم العالية لإعطاء الطلاب الموهوبين الدروس التي تنمي أفكارهم وتزيد من إبداعاتهم وتقوي شخصياتهم .


6- إلزام الجامعات ومراكز الأبحاث المختلفة بالتعاون مع الموهوبين والموهوبات وتوفير كافة متطلباتهم وتشجيعهم من خلال استضافتهم في بعض التجارب العلمية المتطورة .


7- إقامة مسابقات إبداعية دورية بين الدول العربية لخلق التنافس بين الطلاب الموهوبين العرب وتكريم الفائزين بجوائز مجزية .


8- الاهتمام بالطلاب الموهوبين والموهوبات من خلال وسائل الإعلام المختلفة وتسليط الأضواء على إبداعاتهم وعقد لقاءات تلفزيونية وإذاعية وصحفية معهم .


9- دعم أفكار ومنتجات الموهوبين الابتكارية من خلال المؤسسات الحكومية والأهلية وذلك بتحويلها إلى منتجات صناعية محسوسة .


10- تكريم المبدعين من الموهوبين والموهوبات من خلال أعلى سلطة في الدولة وخاصة الفائزين في المسابقات الدولية كمسابقة آيسف في جنيف أو المسابقات والأولمبيادات العالمية الأخرى .


11- إنشاء قنوات فضائية للموهوبين والموهوبات وذلك لعرض الإنجازات والتعريف بالموهوبين والموهوبات والتواصل معهم .


12- التخطيط لتحوّل المجتمعات العربية إلى مجتمعات معرفية تصدّر العلم والمعرفة وذلك من خلال التوسع في إنشاء المصانع المتخصصة التي تواكب النهضة العلمية والتكنولوجية العالمية وتشجيع المصانع القائمة على الأبحاث والتجارب العلمية ودعمها ماليًا ومعنويـًا .




ثانيًا : تقديم بعض النماذج العلمية لتصميم تعلم الموهوبين والمبدعين.


ثالثًا : اقتراح بعض أساليب وبرامج إثراء الموهبة والإبداع .




لعـلّ أبرز نماذج التعلم الخاصة بالطلاب الموهوبين هي أنموذج الدمج ، وهو دمج مهارات التفكير في محتوى علمي متعمّق ، وهو الأنموذج الإثرائي الفاعل ، وقد أجمع علماء الموهبة والإبداع على نجاحه في رعاية الموهوبين والمبدعين ..
وهو - نوعًا ما –جيد ، ولكنه يحتاج للمراجعة والتطوير المستمر ؛ لأنه قد لا يحقق جميع أهداف رعاية الموهوبين والمبدعين في ظل التطور المشهود للعالم المتقدم ، فالموضوعات التي يطرقها هذا الأنموذج ويتناولها من خلال مهارة أو أكثر من مهارات التفكير توحي لنا بأنّ هذا الأنموذج يسعى في مجمله إلى تحقيق منتج أو أكثر في نهاية الوحدات الإثرائية المقدمة من خلاله ، وكأنّ هدفه الوحيد الوصول إلى نتائج سريعة بغضّ الطرف عن امتلاك الطالب الموهوب للمهارات بشكل أساسي في فترة وجيزة قد لا تتعدّى بضعة أشهر ، مما يُسبب ضياعًا للمهارات اللاحقة والقادمة وعدم التعمق بها وامتلاكها كسلوك مكتسب للطالب الموهوب ..

في الصورة التالية ( بعض ) من المهارات والأمور التي يجب أن يتعرف عليها الطالب الموهوب ويتقنها إتقانـًا تامـًا ويتفاعل معها في حياته الطبيعة ، ولا يتأتّـى ذلك إلاّ من خلال تصميم أنموذج فعّـال ضمن آليات زمنية محددة يسير معها الطالب الموهوب من البسيط حتى المعقـّد وذلك من خلال أسلوبين :

الأسلوب الأول : هو تدريس مهارة من هذه المهارات مستقلة عن أي منهج خلال عام دراسي واحد ، وهو الأسلوب المعروف ( التدريس المباشر للمهارات ) بحيث يتعلم الطالب مهارة تفكير واحدة وبعض المهارات الأخرى المساندة ، حتى يتقن هذه المهارات وذلك من خلال التعاطي المباشر لها بأمثلة متعددة من البيئة المدرسية أو المنزلية ، ويجب أن يراقب تقدّم الطالب في هذه المهارات واستفادته منها بواسطة قياس الأثر ومقدار التغيّر في تفكيره وسلوكه على حدّ سواء ، وإخضاعه للعديد من الاختبارات الشفهية والعملية واحتساب ذلك في ملف الطالب الإبداعي .




الأسلوب الثاني : هو إعطاء هذه المهارات من خلال المنهج ، وهو ما يسمى بأسلوب ( دمج مهارات التفكير في المحتوى العلمي ) وهو تابع للأسلوب السابق ( التدريس المباشر للمهارات ) أي يُعطى للسنة الدراسية التالية للموهوب ، ويسمى ( المستوى الأول متقدّم ) وفيه يتم الاستفادة من إتقان الطالب الموهوب لمهارة التفكير التي أتقنها بشكل مستقل عن المنهج والمهارات الأخرى المساندة بما يحقق حل المشكلات أو تقديم الأفكار الإبداعية من خلال الموضوع المختار للدراسة ، ويجب أن يكون هذا الموضوع متسمًا بالتحدّي لعقول الطلاب والجديّـة ؛ بحيث لا يكون من الموضوعات التي طـُرقت من خلال المنهج العادي في المدارس ؛ بل يجب أن يكون متشعبـًا ويحتوي على غموض نسبي ، ويثير تساؤلات عديدة ..



وبهذه الطريقة وهي تدريس المهارات مستقلة وتدريسها ضمن محتوى في عامين دراسيين متتاليين قد نحقق الأهداف التي نسعى لتحقيقها مع الطلاب الموهوبين وهي إتقان المهارة الإبداعية ولا شيء غير المهارة في تربية الموهوبين وتعليمهم ..
وطريقة ذلك أن نبدأ مع الصف الرابع الابتدائي في إعطاء المهارة الأولى بشكل مباشر ويلي ذلك إعطائها مع موضوع / مشكلة ، والأهم من ذلك هو إتقان الطالب الموهوب للمهارة المقررة عليه بشكل تام ، حتى يُبدع كثيرًا في حل أي مشكلة في أي موضوع ، وهكذا دواليك حتى يصل الطالب للصف الثاني ثانوي بحيث قد مارس التفكير بشكل فعلي في ثمان سنوات ، هذا إلى جانب البرامج الإثرائية المسائية والبرامج الصيفية ، وكذلك برامج المسابقات الإبداعية ..

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

في هذه الصورة بعض المهارات المختصرة التي يجب أن يتعلمها الموهوب في بداية رعايته وقد صممت هذه الخريطة الذهنية لتسهل على القارئ معرفة المجالات وتشعباتها والعناصر غير المتناهية للعديد من البرامج المهمة في رعاية الموهوبين ؛ حيث أنّ كل عنصر يحتاج في تعليمه للطالب الموهوب قرابة شهر تقريبـًا !


الصورة بشكل أوضح : http://www.a7ssass.net/image88278.html





رابعًا : تقديم بعض الحلول العلمية لتوظيف التقنية في رعاية الموهبة والإبداع.



إنّ توفير أغلب المقتنيات التقنية الموجودة عند أبسط الناس للطالب الموهوب أو في قاعة الموهوبين لـ هو أمر معيب في حقّ هؤلاء المبدعين ، فأغلب مدارسنا التي تحتوي على برامج رعاية للموهوبين تتفاخر بتأمين بعض أجهزة الحاسب الآلي والإنترنت لأبنائها الموهوبين ، وبعض المدارس تقيم الاحتفالات بتأمين سبورة تفاعلية في قاعة الموهوبين ، وكأنهم بهذا قد اشتروا صاروخ فضائي لهؤلاء لزيارة الكواكب والمجرّات !!
الطلاب الموهوبون يحتاجون للكثير من المعامل التقنية المتطورة ولمعامل الفيزياء والكيمياء وتقنية النانو ، وغيرها الكثير من المعامل التي توفرها الدول الغربية لأبنائها الموهوبين ..
فتزويد الطلاب الموهوبين بمهارات التفكير والدروس الإبداعية وحل المشكلات بلا تجارب علمية يُعدّ عملاً ناقصـًا لا فائدة منه ، والتقصير في ذلك يُعدّ تخلفـًا حضاريـًا لا سيّما ونحن في عصر الانفجار التقني التكنولوجي ..
فمعظم الجامعات العربية الكبيرة تفتقر لمصادر وتقنيات التعلم ومراكز الأبحاث وإقامة التجارب العلمية والتطبيقية ..
إن الحلول في هذا الجانب لا تبدأ من المهتمين بهذه الفئة القليلة في المجتمع ؛ بل تقع على عاتق ولاة الأمر رؤساء الدول العربية الذين نحسبهم يهتمون بعقول أبنائهم المبدعين ويثقون في قدراتهم الإبداعية التي تستطيع بقدرة الله أن تضع البصمة العربية في المجالات الصناعية ، وتصدّر المعرفة والصناعة بدلاً عن استيرادها واستهلاكها .




أخي مصطفى محمد توفيق ..



أرجو قبول بعض ما كتبت ، كما أرجو من الإخوة والأخوات المشاركة في هذا النقاش وتناول المحاور المذكورة بكل إسهاب ، فلدينا الكثير عن ذلك ولا يأتي الكثير إلا من خلال الاستفزاز وكثرة التساؤل ..

رمضان كريم على الجميع ، وعسى الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ..






حمود الروقي
معلم متخصص في رعاية الموهوبين وبرامج التفكير والإبداع





روابط ذات صلة :




\