عرض مشاركة واحدة
قديم 07-31-2012, 01:02 PM
المشاركة 183
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذة هند طاهر
اولا اريد منك الاطلاع على الموضوع التالي وهو عبارة عن الاستشراف الذي ضمنه هذا الروائي المصري عام 2003 في رواية له ويبدو ان كثير مما ورد في هذا الاستشراف قد حصل في ميدان التحرير والبقية تأتي والموضوع منشور في القدس العربي على الرابط التالي :



مسيرة الأكفان رواية تنشر للراحل محمد عبد السلام تنبأت بثورة الشباب في مصر
11-7-2011

احملوا الأكفان، شعار غير مسبوق، تجمعت حوله جماهير الشعب عن بكرة أبيها، مؤيدة، هل أجبروا الشعب على حمل كفنه، أو أن الموت تساوى مع الحياة عند الناس، فخرجوا رافعين أكفانهم؟ لبسوا ملابس الإحرام البيضاء، الشعب بكل فئاته، خرج إلى الشوارع منذ صباح اليوم، عارفـا أن يوم موتهم طويل، تداخل الليل بالنهار، يحمل كل واحد كفنه، صائحـا: احملوا الأكفان، يمد كل فرد يديه أمامه، في وضع أفقى متواز، واضعا كفنه عليهما.
احتشادات متنوعة مجتاحة من كل اتجاه، سمة الحشود البياض،خرجت المظاهرات، معبرة عن التمرد على القهر، والأوضاع القائمة، وكان الجوع الدائم قد عض البطون، فوضح المتظاهرون هكذا، هياكل عظمية.
بدأت أحداث شغب حاملي الأكفان بالهتافات المعادية، متقدمين إلى مناطق منع الأمن وجود المظاهرات فيها، معبرين تعبيرا دقيقا، عن رغبة مجنونة في الموت، اجتاحت الشعب، اشتعلت المظاهرات أخذت تطوف العاصمة، رأى البعض أنها جديرة بالتأييد، بالأسلوب نفسه، انضموا إليها، حاملين أكفانهم، التي بدت في الأوان الأخير ملازمة للشخصية المصرية أينما رحلت.
رددت المظاهرات هتافات عدائية ضد الأجهزة والقائمين على أمور الوطن، بدت واضحة حتى هذه اللحظة سمة التحضر والتنوع على المتظاهرين؛ حتى لا يعطوا الأجهزة الأمنية فرصة التصادم معهم، لم يتلفوا المنشآت، لم يحرقوا السيارات، تجمعاتهم الكثيرة في أنحاء متفرقة من العاصمة، بعض المدن، عطلت المواصلات العامة والخاصة، استعانوا بالأشجار والأحجار؛ لحماية أنفسهم من هجمة الأمن الشرسة، المتوقعة، التحموا بالشوارع، وأشعلوها، هتافـا مقاومة، وقد انضمت المظاهرات إلى بعضها، والتحمت، فأضحت العاصمة هديرا جارفًا من الهتافات والعداءات للحكم، متماسكة الالتحام، الرؤوس بالنسبة إلىالناظر من أعلى شوارع أسفلتية أفقية.
تنطلق الحجارة من أكفانهم، تأتى أصوات ميكروفونات التحذير من مناطق متفرقة، متفهمة، داعية، منذرة، متوعدة، تسللت إلى الصفوف شراذم من الغوغاء، ضعاف النفوس، المخربين، جابت الشوارع والميادين الفرعية، والرئيسة، وقد أصر المتظاهرون على استمرار الشغب المتواصل؛ إذ في لحظة إنارة أيقنوا أن الحياة والموت متساويان، وأن لا فرق، وقد نالت مباني أقسام الشرطة بالذات ورجالها القسط الأوفر من الهجوم.
نتج عن ذلك وقوع حوادث حريق، وإتلاف وتعد، قاوموهم باستدعاء فريق استخدام طلقات الرش في الهواء، القنابل المسيلة للدموع.
تتطاير الأكفان في الهواء؛ جراء الاختناق، مستنجدة بمسامها التي تخترق قدرا من الهواء النقي والأكسجين، معترضة على طريقة الخنق المستحدثة هذه، تتساقط منعليائها، من أعلى شظايا طلقات الرش، لكنها الأكفان تأخذهم، تحرضهم، تساعدهم على اختراق جموع أبناء الوطن وحشوده، حاملي الأكفان.
استعدوا للموت استعدادا يليق بشعب عريق؛ فقام كل واحد بطريقته الخاصة، باختراع الوشم اللائق به، والمريح وتصميمه وتنفيذه، وشم أحدهم اسمه بين الكتفين، ثم أضاف إليه رقم قسيمة الزواج، آخر سهلت له إحدى شركات المحمول رقما متطابقا، مع رقم لوحة سيارته، وآخر وشم باطن قدمه، تشابهت الوشمات كثيرا؛ حيث ملايين الشعب بدأت بنقش الأوشام؛ فتعددت عناوين المنازل على أجساد البعض، مفكرا في تلك اللحظة، التي تعاقبت فيها طلقات الرش، أن يضيف هواتف أخرى لعدد من الأصدقاء والأقارب، ربما على السواعد والأقدام.
بثت ظاهرة الجثث مجهولة الهوية الرعب في أرجاء الوطن، دفعت الشعب إلى البحث عن وسائل تمكن ذويهم من التعرف على جثثهم.
وقد أتقنوا نقش الوشم على الجسد عندما كانوا نزلاء سجون زاهي بدران مسؤول أمن الوطن، مارسوا النقش من باب الهواية، وتزجية الوقت، وخدمة الأصدقاء، وعندما انتشرت هواية نقش الأجساد، أصبحت هناك أيدٍ عاملة متخصصة، بعد أن كانت عاطلة، احترفت المهنة، تزاحموا، وقفوا طوابير طويلة، من دون أن يعرفوا الأسباب، كعادة المصريين، ارتعدوا من فرق الموت الخاطفة، ومن المصير الذي انتهى إليه البعض.
ترددت الأنباء عن الجثث المجهولة التي ملأت شوارع القاهرة، والمدن المصرية الأخرى، يتم العثور عليها يوميـا عقب صلاة الفجر، يجدونها مشوهة، ممثلاً بها؛ فلجأوا إلى النقش التعريفي. عارفين أن هذا النقش لنينفع إذا أرادوا تشويه الجثة وإحراقها.

استسلم المصريون للأمر الواقع مع حوادث الموت، مجهولة المصدر؛ باعتبارها أمرا محتوما، فظهرت موضة بين المتخصصين موازية لحوادث الموت، على مستويات اجتماعية متعددة، حكومية، دينية، قبلية نتجت عن تأثير موجات العنف والقتل، المتبادل على الهوية الوطنية.

في أوان آخر، لاحظوا ارتفاع مستويات التشويه؛ نتيجة استحداث أجهزة التعذيب؛ إذ ظهرت جثث عليها آثار الحرق بحامض النتريك، على الوجوه تحديدا.