الموضوع
:
الادهاش في روايات الايتام: دعوة لدراسة جماعية لروايات الايتام وسر الادهاش فيها
عرض مشاركة واحدة
06-15-2012, 11:31 AM
المشاركة
18
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,768
الخرَّاط وخمسون عاما من التجريب الروائي
السبت , 28 أبريل 2007
إدوار الخراط يتمرد على الشكل السردي ويعزف على تنويعات مختلفة في الشكل والمحتوى واللغة، والرؤية والأداة.
إلمقه/متابعات:
-
تتسم التقنية الروائية عند إدوار الخراط بهذا النوع من السرد الروائي الذي يعتمد في حكائيته على
توحد الذات الراوية مع النص الروائي
بحيث يمتزج الاثنان معا ويفرزان نوعا من القص السردي.
-
يعتمد هذا القص في نسيجه على
خصوصية في السياق والتناول،
سواء أكان ذلك على مستوى
اللغة ودلالتها،
أو على مستوى الأبعاد التي يرتجيها الكاتب من تنضيد نصوصه الروائية تنضيدا خاصا نابعا من الذات في المقام الأول، ثم متوجها ناحية المكان بعبقه الخاص والعام، ثم التفاعل بين الذات ومواقفها وممارساتها وبين المكان بجغرافيته الواقعية الخاصة التي تحمل وهج الذاكرة واستعادة كل المكونات التي حدثت فيه.
- وهي الخصوصية التي ميزت إدوار الخراط عن الأجيال التي صاحبته في ساحة الإبداع القصصي والروائي قرابة أكثر من خمسين عاما،
انطلاقا من احتفائه الدائم والمستمر بالبحث عن أشكال جديدة، وأبنية روائية وقصصية تميزه عن غيره من الكتاب،
وتسمه بسماتها الخاصة.
-
ويعتبر إدوار الخراط من أوائل الروائيين والقاصين الذين
حاولوا التجديد والتغيير
في الشكل،
واستنباط قوالب جديدة تتمشى مع التيارات الحديثة لفن القصة والرواية، خاصة ما ارتبط منها بأشكال الرواية الجديدة التي ظهرت في فرنسا على يد آلان روب جرييه، وناتالى ساروت، وميشيل بوتور.
-
والمتتبع لإبداع إدوار الخراط يجد أن
تمرده
على الشكل السردي جاء مواكبا أيضا للعزف على عدة تنويعات مختلفة شملت الشكل والمحتوى واللغة، والرؤية والأداة في مغامرة إبداعية تجريبية طالت معظم ما كتبه طوال حياته الإبداعية.
- فمنذ صدور أولى مجموعاته القصصية وهى مجموعة "حيطان عالية" عام 1959، وحتى آخر أعماله
نجد أن أعماله الروائية والقصصية جميعها تندرج تحت ما يسمى بالمغامرة الإبداعية
أو الأدب التجريبي
.
- والأدب
التجريبي هو أدب باحث،
مختبر، كما إنه أيضا أدب
حركي يبحث في الشكل،
ويختبر المضمون، ويختبر في اللغة، ويغامر في تقنياته المستخدمة لتأصيل جوانبه.
-
وهو بذلك
يغوص في قلب الواقع ليمتح منه الإشكاليات والقضايا الإنسانية الموجودة في واقع الإنسان المعاصر،
كما إنه يقتبس من كافة الآداب والفنون والعلوم الإنسانية والاجتماعية العديد من أدواته، وأشكاله ومضامينه وغاياته
.
ولا يقتصر البحث في هذا الجانب على الشكل فقط، بل يتجاوزه إلى المضمون، بل ويتعداه إلى ما وراء ذلك من أبعاد وآفاق.
فهو مشروع وواقع يبحث دائما عن الاختيارات الأساسية في جماليات التجربة، ويرسي قواعد ذاتية تنبع أساسا من فكر الكاتب ورؤيته، وأقصى ما تستطيع أن تعطيه أدواته، وذخيرته الثقافية والفكرية، والتفاعل الذي يتم داخل مخزونه الثقافي الخاص.
وأول من استخدم مصطلح التجريب في الرواية هو الروائي الفرنسى "إميل زولا" مع ملاحظة أن هذا الكاتب كان متأثرا جدا بالعلوم، مما جعله يعتمد في رواياته على القواعد العلمية التي اقتبسها من أبحاث العلماء في عصره.
وقد أصدر أميل زولا أثناء حياته الأدبية بحثا جماليا عنوانه "الرواية التجريبية".
- ورواية "رامة والتنين" هي خير مثال في أدب إدوار الخراط للحديث عن الرواية التجريبية ذات المختبر الخاص، والبحث الضالع في جماليات اللغة، وقناع الذاتية.
-
بالإضافة إلى اعتماد الكاتب على تكنيك تيار الوعي المتغلغل في نسيج النص من خلال شخصية "رامة" المتغلغلة بدورها هي الأخرى في نفس تكنيك تيار وعي "ميخائيل"، وتداعى خواطره الذاتية، ومونولوجه الداخلى الكاشف عن ذكريات كثيرة حدثت
.
لقد تم استدعاء تلك الذكريات، وتم الكشف عن مكنوناتها، والغوص في نواح متعددة من وعي الشخصية، ومشاعرها الخاصة، واستبطان ما يدور في وعيها وإدراكها، والبحث عن عالم مهّوم يجسد علاقة حميمية رابطة بين عاشقين يستلهمان واقعهما بكل ما يحمل ذلك من حب وعشق وصوفية خالصة.
- لقد نحت إدوار (ميخائيل) بنفسه اسم رامة، تماما مثلما صنع لنا شخصيتها طوال الرواية، حتى إننا لم نرها أبدا إلا من خلال تيار الوعي، وحكيه، وسرده عنها، وذكرياته معها عما حدث بالفعل، وعمَّا كان يتمنى ميخائيل أن يحدث، وعما رآه بعينيه وذهنه بين الحادث والامتناع.
ومن خلال أحلامه (كوابيسه)، نحت إدوار (ميخائيل) اسم رامة نحتا لكى يمنح الشخصية، صاحبة الاسم، المعانى التي يريدها، وأن يربطها بالصورة الكاملة للشخصية مثلما سنراها، ونحصل عليها من خلال النص، أى من خلال ميخائيل وحده.
وبمعنى آخر يمكننا أن نقول إن ميخائيل نفسه هو الذي اختار اسم رامة، أو اختار أن يعشق امرأة تحمل هذا الاسم، وأن يعيش معها تجربة الحب.
- حيث تمتزج معانى الخصوبة والموت في آن واحد،
ومعانى التوحد الحر والقهر معا، ثم يعيش "معها" أيضا تجربة الانفصال المفضي إلى خسارة كل معنى جميل مؤثر وحاد، ثم إلى خسارة الموت أخيرا.
والرواية تنقسم إلى أربعة عشر فصلا يحمل كل منها عنوانا خاصا له دلالته، وهو أمر استخدمه الكاتب لتحرير النص من عزلته، والإبقاء على مكوناته متماسكة، ودالة، وإيحائية.
بحيث نستطيع أن نعتبر كل فصل قصة مكتملة قائمة بذاتها، أو جزءا من لوحة فنية لها تشكيلاتها، وقضاياها، ورؤاها، ولكنها لا تنفصل بأي حال من الأحوال عضويا ودلاليا عن باقى البانوراما الشبقية الرامزة، والمحملة على مستوى الواقع.
بحيث ترتبط أيضا وظيفة كل عنوان فرعي بتوجهات ودلالة العنوان الرئيسي للنص من خلال التقاء الجميع عند نقطة واحدة،
وهى إبراز هوية النص في آليته الخاصة، وتجسيد الرؤية العامة بتكثيف وتقطير شديدين.
وقد -
حاول إدوار الخراط في رواية "رامة والتنين" إبراز مستويات متعددة المعانى من خلال هذه العناوين الفرعية الموحية التي تشكل تساؤلا لما يدور بين شخوص الرواية، ويخلق انتظارا لما سوف ينجم عنه هذه التساؤل "ميخائيل والبجعة" أو ميخائيل والحياة، وما سوف ينداح عنه السؤال الكبير الذي ألح على ذهن إدوار ووعى ميخائيل في هذه الدوامة الشبقية الهائلة.
"رامة .. رامة .. أين الحقيقة .. أين الحقيقة؟"
- ويجسد إدوار الخراط في هذا العنوان المكثف "ميخائيل والبجعة" دلالات صراع الإنسان مع الحياة، وصراع الحياة معه
.
"وهب ميخائيل واقفا، قائما. وثب وثبة واحدة خفيفة إلى البركة، وغاصت قدماه في الطين الرخو، بصمت، وارتفعت المياه، دون أن يتطاير لها رشاش، إلى ركبتيه، كانت يده قد قبضت على البجعة، والتفت أصابعه على العنق الطويل وهو يضغط على العظم المدور والمضلع النحيل، والريش الأسود الحريرى يكاد يغطى يديه، ويثيره."
- ويحاول إدوار الخراط من خلال هذا الطراز من الكتابة الذي يربط بين الواقع والخيال، ويختزل فيه أبعاد الزمن، بل يتنقل بين مختلف زواياه الحاضرة والماضية والمستقبلة أن يضع الموقف الروائي المضبب في مواجهة الممارسات الواقعية ليعطى دلالة الغرابة في الموقف الواقعى.
- وهو يحيل اللامعقول في الموقف المتخيّل إلى معقول على مستوى الموقف الواقعي، معبرا بذلك عن الحب الضائع، المفقود، المختبئ وراء ركام الحقيقة التي يبحث عنها الكاتب
.
تماما كما كان مارسيل بروست يبحث عن زمنه الضائع في روايته الشهيرة
.
- وهذه السمة
(
البحث عن ركام الحقيقية
)
تكررت في كثير من أعمال إدوار الخراط المتقدمة مثل "الزمن الآخر" 1985، التي تعتبر امتدادا لرواية "رامة والتنين" وتكملة لها. و"ترابها زعفران" 1986، و"يا بنات إسكندرية" 1991، و"أمواج الليالى"
1991.
هذه الأعمال جميعها تندرج تحت ما يسمى بالمتتاليات القصصية، تنفصل فيها الفصول وتتجمع لتشكل بنية عامة وبناء متكاملا، وهو ما احتفى به إدوار في روايته الأولى "رامة والتنين" التي كانت هى أولى محاولاته الروائية، وتبنيه بعد ذلك ما يسمى بالحساسية الجديدة في الأدب القصصي والروائي المعاصر.
إذ
-
أن كل فصل من فصول هذه الرواية، يقص الرواية كلها، ويكشف مضمون التجربة عن معنى من المعاني في العشق الصوفي الجنسي الممتزج بصور الشهوات التي يتعمق آثارها، ويستشرف من خلالها القسوة البالغة، والحب الشبقي المدمر في ضبابية شعرية مكثفة من خلال أسلوب نابض بالحرارة، وعامر بالصور والتلوين.
- كما أن كل فصل نجد فيه دلالات الجنسي الكامل، والمناقشات الجدلية في الحياة، والسياسة، والحب، بين ميخائيل ورامة.
كما نجده أيضا في أحد الفصول مع أحد العلماء الفنلنديين حيث تبرز دلالة الانتساب، ودلالة العشق لكل العلاقات، حتى التي أقامتها "رامة" مع بعض الأجانب الذين أحبتهم "الأميركي، والفلسطيني، و الجزائري".
- كما نجد أن أسلوب تيار الوعي الذي استخدمه الكاتب في أماكن متفرقة من الرواية، واتكأ عليه في إبراز العديد من الذكريات الشبقية المثيرة والموظفة تجسيدا خاصا لخدمة الحدث حيث يجسد تبادل الحب الحسي بين رامة وميخائيل كل بطريقته:
"وكانت ذراعي على فخذك العارية، والقميص الأبيض القصير منحسرا إلى أعلى، بطنك مستديرة سمراء ناعمة الإهاب، والأعشاب الخفيفة جافة.
ومن الفتحة الطويلة في النايلون الخفيف تبدو لعيني جوانب نهديك الممتلئين بالبضاضة اللدنة المستريحة، مستقرين على الصدر الذي يحمل في داخله لغز الحب، مستكنا، منيعا، خفيا."
- إن توظيف الجنس في أعمال إدوار الخراط منذ البدايات هذا التوظيف الذي يصل إلى حد الإسراف، يفقد بعض هذه الأعمال شيئا من مصداقيتها الأدبية والفنية.
- حتى إن حذف كثير من عباراته في بواكير أعماله القصصية بمعرفة الرقابة، وإحتفائه بإعادة طبعها في بيروت مرة أخرى "حيطان عالية" 1959، بعد إضافة هذه العبارات يعطي دلالة إلى أن الواقع في أعمال إدوار الخراط يتطرق، ويتطرف إلى أبعد ما يستطيع أن يعطيه الجنس من معان ودلالات فنية.
وهو ما نجده في مواضع كثيرة من "رامة والتنين" وغيرها من الأعمال الروائية عنده.
والجنس كما يقول عنه د . هـ . لورانس نتاج للنوايا غير الواعية عند الإنسان، فكيف ندينه في نواياه الواعية.
وكما قال أيضا عن الدعارة الفنية "إنها ليست تمجيدا للجنس بل إهانة له."
وكما يقول عنه هنرى ميللر "إنه استشراف للحياة بكل تعقيداتها واقتراب من صلب ومركز الرؤية العامة للكون، ومغامرة داخل النفس وخارجها، واكتساب للأبعاد الخفية التي لا يمكن الاستغناء عنها بأى حال من الأحوال."
وهو كما عبر عنه فلوبير في "مدام بوفاري" وجون شتاينبك في "عناقيد الغضب"، وغيرها من الأعمال التي ترقى إلى معالجة الحقيقة العارية في براعة ووعي ونضج فني بعيدا عن مهاوي الإثارة وسقطاتها.
وهو جزء لا يمكن الاستغناء عنه في العمل الفني ما دامت الحياة تباركه ومادام هو أحد حقائقها الكبرى، وما دام جاء توظيفه على نحو يحقق للنص الحيوية والتميز .
- أما عن الوعي ودرجته في أعمال إدوار الخراط فهو على درجة عالية من النقاوة والوضوح والدليل على ذلك هو لغة الأرابيسك القريبة من الشاعرية، والتشكيل الزخرفي اللغوى، والفسيفساء الدلالية المنبثقة داخل تضاريس وتجاويف أعماله القصصية والروائية التي تميز عالمه تميزا خاصا.
- فضلا عن أنها تتيح لهذا العالم التوحد مع لغته وإلى مرجعيتها القديمة في طقوس المعابد، والصلوات ورموز الكهنة، وقصائد المتصوفة القدامى المسلمين والمسيحيين، والأناشيد الكنسية والأذكار الصوفية، فتهيمن اللغة على الكتابة وبالتالي تهيمن الكتابة على متلقيها فيتحد بها ولا تسلبه
.
- أما قوله بأنه يكتب وهو ليس واعيا تماما بما يكتب فهو أمر غير مقبول،
ولا مستساغ،
-
أما الرقابة الداخلية، ذلك الرقيب الآخر الملتحم بكل كاتب جزء من ذات نفسه عليه أن يصارعه، أن ينفيه نفيا إذا استطاع، فإننى في الحق لا أكاد أعرفه، لا أعيه.
"أعرف عقليا أنه هناك، أليست "الأنا" العليا، بالتعبير الفرويدى القديم، جزءا من الذات لا صحة لها إلا بوجوده، بل لا قوام لها أصلا إلا بقيامه ؟ لكننى في لحظة الكتابة، في حميا هذه الدفقة وتحت ضغطها الذي لا يطاق، لا أعرف هذا الرقيب، لا أحس له وجودا."
- "تكاد تكون تجربتي، أثناء الكتابة، أقرب ما تكون إلى الخبرة الصوفية أو حتى خبرة العشق الصراح، انجذاب كامل في دوامة كأنها إيروطيقية. بمعنى أن "الخارج" و"العالم" كله يوجد، كأنما لأول مرة، بمعنى من المعانى، لكى يتجلى كله، ويتخلق كله، في مستوى آخر تماما، ويكاد "الداخل" أيضا أن يتجلى لأول مرة، وفي كل مرة، حارا وساطعا وملتبسا ومتوهجا لا راد لسطوته، هذه سطوة مختارة بوعى مسبق بائد في لحظة الكتابة، وبلا وعي، بمعنى ما.
- في تلك اللحظة نفسها.. أكاد أقول إننى أكتب وأنا لست واعيا تماما بما أكتب
.
- تتدفق وتتخلق الأشياء. أشياء العالم وأشياء الروح معا، كأنما من تلقائها، ولكنها في واقع الأمر ليست من تلقائها، في واقع الأمر كان الاحتشاد الطويل قد أعمل عمله،
وخاصة ذلك الجانب الذي يمكن أن نسميه "الناقد" أو "الرقيب" أو "القارئ" المتضمن أو ما شئت من تسميات."
وهو كما يقول أيضا "ما زالت تراودني مشروعات قديمة أن أكتب الشبق، كما فعل أجدادنا، بكلماته الصريحة البسيطة ذات الحروف الثلاثة. ما دام ذلك يأتي من ضرورة سياق العمل الفني وحتميته.
هذه حرية ما زالت مفقودة عندنا بعد أن كان تراث ثقافتنا قد اكتسبها لنفسه، ولنا، وحفظها لنا.
ما أبعد ذلك كله عن الفجور أو البذاءة "التي هي أساسا في ذهن المتلقي" والقائمة على أنانية وقمع روحي وغلواء عمق النفس.
-
فإذا كان حقا أنه لا حياء في العلم، ولا حياء في الدين، فكم أحرى أن يكون حقا أنه لا حياء في الفن."
- من هذا المنطلق نجد احتفاء إدوار الخراط بالجنس المبني على الصراحة المغلفة بلغة شفافة تكاد تغطي واقع هذا الجنس. وهو يأتي من خلال تصوير العلاقة بين الحلم والواقع أو بين "رامة وميخائيل".
وحيث أنه لا حياء في الفن، لذا فإنه يجب الاقتراب من حدود التسجيلية الجنسية، ولو بقدر يسمح بإثارة الموقف وتوهج معانيه وإضاءة دلالاته.
لذا نجد أن هذه العلاقة تذهب إلى حدود بعيدة كما كانت بين "بول" و"ميريام" في "أبناء وعشاق" لـ د . هـ . لورانس، وبين "مدام بوفاري" وعشيقها في رواية "فلوبير".
نفس العلاقة الصاخبة التي تشير إلى المرايا العاكسة التي تشبع خصوبة فتحيل نارها إلى وهج يضئ الطريق إلى الرغبات المدفونة لكل هذه الشخصيات، وهو ما نجده في شخصيتي "رامة وميخائيل" واضحا جليا في "رامة والتنين".
- والجنس في روايات إدوار الخراط ينقلب أحيانا إلى عواطف سامية، وهو تصور نسبي إلى أبعد الحدود بين الكاتب ورؤيته، وبين المتلقي وهضمه لهذه الخاصية.
وكما يقول أندريه جيد في محاضرة له عن ديستويفسكي "إنما بالعواطف السامية تخلق أدبا غير سام."
ولم يكن يقصد هنا طبعا العواطف النبيلة الحقيقية، بل تلك الباهتة التي يصطلح الناس على أنها سامية، لذا نجد أن إدوار الخراط قد حقق مقولته بكتابة الشبق ليس كما كتبه الأجداد ولكن بطريقته المعاصرة .
وكما يقول سامى خشبة في دراسته حول "رامة والتنين مأساة مصرية" حول الأهمية الخاصة برواية "رامة والتنين" والهدف من التعبير عنها بهذا الطراز من الكتابة هى أن:
- "
إدوار الخراط عندما كتب هذه الرواية، إنما كتبها من منطلق واضح فيها كل الوضوح، حول تجربة الحب الضائع، التي يعيشها مثقف مصري قبطي تكونت ثقافته باعتباره (قبطيا) ينظر إلى الأشياء، وإلى تاريخ مجتمعه ولغته، من منظور فهمه الخاص لتاريخه الذاتي.
ورغم أن ميخائيل (إدوار) يدخل تجربة الحب باعتباره (رجلا) فحسب، فإنه لا يعيشها بهذا الاعتبار المجرد، وإنما لا يعدو الأمر أن يكون ترميزا للمعادل الموضوعي الواضح في فكر ورؤية الكاتب، للعلاقة بين رامة وميخائيل، أو العلاقة بين رامة وتاريخ مجتمعها التي تسعى إليه وإلى إعادة بلورته مرة أخرى.
لذا نجد أن إدوار الخراط يلجأ إلى التجريب، والرمز للاتكاء على هذا المعنى في كثير من أعماله القصصية والروائية.
- إنه يتكئ على المستويات الزمنية المتعددة ليحقق منها الإبهار المعنوي المقصود،
-
وليعقد من خلالها بينه وبين المتلقي نوعا من التواصل الحار،
-
والصلة الحميمة النابعة أساسا من وهج التجميع خاصة ما يتصل مع الأنثربولوجي المصري والقبطي،
وكذا التعامل مع الفصل القصصي المتواتر بحكائية خاصة تستمد خطوطها من التلاحم السخي مع اللغة.
ومن التواصل الدائم مع مفردات الموقف، ومن خلال المكان الأصيل الذي عايشه الكاتب ووضحت ملامحه المتميزة في خلفية السرد الروائي المتواتر والذي شهد أيضا منابت الشخصيات الروائية المتواجدة فيها ومعها الكاتب.
شوقي بدر يوسف-ميدل ايست أونلاين
رد مع الإقتباس