الموضوع
:
أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
عرض مشاركة واحدة
06-03-2012, 11:19 AM
المشاركة
802
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,768
تابع الجزء الرابع من الحوار
(21) -
تتميز كتابتك للقصة القصيرة بسمات عدة على صعيد
اللغة من خلال التأمل وخلخلة السياق النحوي ونحت مفردات جديدة وحضور المفارقة
الساخرة .. إلخ،
ونجد ذلك أيضاً في مقالاتك الجميلة، بينما تقل هذه الكثافة
اللغوية في نصك الروائي فكيف تفسر لنا ذلك ؟
* -
قد يكون هذا ملموساً عندك
كناقد
أو كقارئ – يحمل ذائقة فنية - .. وبالطبع فأنت تعلم أن الكاتب هو الذي ترى
قلمه يخوض بمستويات مختلفة في اللغة
..
أصدقك القول أنني لم أفكر في هذه
النقطة، لعلني فكرت في مسألة ( عدم افتراض الوعي لدى القارئ وإنما خلق الوعي فيه
)
،
و أضيف
ملاحظة.. أنني كاتب يطرح إبداعا في نسيجه إنسان – عالم - .. فأنت لا تستطيع
أن تكون مبدعاً فقط تضع تحت مخدة ما تكتب شهادة الآخرين أو إعجابهم .. هذا لا
يشغلني .. التأمل لتفاصيل الحياة وجزئيات تراكيبها .. يحتاج إلى لغة غير استعراضية
..
لغة تتحرك في جنباتها سردية المشاهد المنمية .. قوة العبارة الروائية – في نظري
–
تكمن في عرض البلاغة الفنية خلفها وليس في واجهتها اللغوية المباشرة، وإذا كانت
القصة القصيرة تملك خصائصها في تكثيف اللغة مثلاً .. فقد تكون هذه الخاصية غير
موجودة في العمل الروائي أو بمعنى لا مكان ضرورياً لها
.
هذا لا يعني أن الكاتب
يتحرك في حدود النظرية التي يراها الناقد أو موازينه في كيل العمل فهذه معركة مضحكة
وإنما لأقول
:
الانتصار ليس في اللغة المبهرة التي تشكل إناء العمل .. فقد جربت
ذلك ورأيت أنني مبدع لغة فقط، أكسب من ورائها تصفيق المثقفين المتذوقين وإطراءهم
ولست كاتباً غير قابل للاحتمالات بما فيها فهم ما أكتب، وإلا لن أقدم شيئاً يستحق
أن يكتب وبالتالي أن يقرأ
.
لقد رأى البعض أنني كتبت عملاً مجيداً هو " موت على
الماء " ولم أكتب شيئاً بعده والسبب مستوى اللغة الشعرية فيها، لكنني أرى غير ذلك
تماماً .. لأنني لو أردت أن أنحت لغة من أجل اللغة بعد " موت على الماء " لفعلت
وليس ثمة صعوبة .. بل إن هذا قد يرضي غروري .. غير أن قناعة ما أكتب به اليوم .. لم
يأت لمجرد مزاج وإنما نتيجة لصراع طويل مع الموازنة .. الموازنة بين الفن والمحافظة
على قيمته الدلالية – الخاصية – وبين القارئ الذي لم ولن يفهم لغة الكترونية خاصة
..
ربما كانت قناعاتي نقيض ذلك تماماً وأرى أيضاً أن الأعمال الروائية التي كتبتها
..
لا تخلو من الفن الذي أستوحيه من نوعية العمل – وليس صيغته – مع كوني في ذات
الوقت مناهض للغة المجردة
.
(22) -
كما نعلم بأنك من الروائيين الذين اطلعوا
مبكراً على تنوع وغنى تكنيك الخطاب الروائي المعاصر عربياً ومترجماً عالمياً ولكننا
نجدك في أعمالك الروائية قد انحزت إلى تجربة السرد الروائي البسيطة التي تعتمد على
تساوق نمو الحدث والزمن معاً في خطية تتراكم وتتشابك علاقاتها تدريجياً حتى تفضي
إلى خاتمتها، ولعل ذلك ينسجم مع رؤيتك للرسالة وطبيعة العالم القروي الذي تشتغل
عليه وطبيعة القارئ المتخيل المرتبطة بداهة بذلك العالم، وهنا نتساءل واستناداً إلى
خبرتك الطويلة في كتابة الرواية عن رأيك في إمكانية الاستفادة من تلك التقنيات
وتبيئتها في عمل روائي قادم لك؟
* -
أظن أن العالم الذي يمثل مادتي
الكتابية في الأعمال الروائية والذي يحمل عمقاً بعيداً في الجذورية.. أعني التراكم
الثقافي مع المنتج له أبعاد كثيرة ولا يمكن أخذ ما أكتبه على أنه كل تلك الأبعاد،
غير أنني أحسست بضرورة الموازنة مع المحافظة على المنظور التوثيقي الحقيقي – كواقع
–
وبين صراعي الصعب مع الكتابة السردية الروائية فيه، لذلك كانت المسألة مقلقة لي
على الدوام .. يضاف إلى ذلك ، أنني في البداية كاتب واقعي حيث يعتبر البعض أن
الواقعية مدرسة لها أساتذتها ومناهجها الدراسية التي تشكل سوراً له حدود، وهذا غير
صحيح.. عندما أكتب بواقعية فليس معناه حجري على عدم استعمال تقنيات الكتابة أو
التكنيك ! فاللغة ليست ملكاً لكاتب دون غيره ونحن لسنا أمام مخترع علمي نبدأ فيه
حيث أنتهى الآخرون بل أمام كائن حي اسمه اللغة .. يتطور بتطور الحياة بمجملها
ومعطيات الإنسان اليوم تتطلب أن يكون معها بالضرورة لغة متطورة تستوعب التعامل
معها،
أما بالنسبة للتقنيات الروائية العربية والأجنبية – والتي قرأتها مترجمة
–
لا تعني أنها مخترعاً علمياً، لذلك لكل كاتب تقنيته ولغة خطابه وتقنيته أنا واحد من
هؤلاء
.
ذهابك ثم عودتك حول اللغة والتكنيك .. يعني لي أنك ترى أن اللغة كإناء
جميل يجب التركيز عليه وبصورة أساسية في العمل الروائي .. وهذا يمثل وجهة نظر بعض
النقاد والقراء وهذا طبيعي مفترض فيه مبرراته وقناعاته .. لكنني قد لا أرى ما ترى
فاللغة لدي هي وسيلة تخاطب وتعبير لكنني أيضاً لا أنفي أبداً – وظيفياً أن قلمي
مسئول عن الارتقاء بذائقة القارئ – فنياً – أنا أعلم هذا، ولا أعتبر كتابة العمل
الإبداعي خارجة عن إستراتيجيتها .. ولكن .. هل ترى
أننا نستطيع أن نستقطع اللغة عن
بقية الأمور الاجتماعية اقتصاديا وثقافيا وتاريخيا
معيشيا ..بحيث نعمل في سبيل جعل
اللغة
الشاعرية هي العمود الأول للتعبير، فتطوير الشكل في المسألة الاجتماعية لا
يغير الجوهر – اللب – فكيف لو رأينا أن الكاتب عموماً ليس إلا رافدا،ً فاعليته لها
حدودها وإمكانياتها .. ومجتمعنا مقل جداً على صعيد القراءة .. إضافة إلى أن الكتاب
أو المادة القرائية تقع تحت مستوى الاهتمام المؤسساتي.. فالواقع يقول إن الاهتمام
بتجارة البصل أو الصلصة يحتل اهتماماً في التوزيع والمتابعة والتموين المستمر
..
أكبر من مجرد التفكير في الغذاء الثقافي
.
إذا كانت كتابتي الروائية بسيطة
اللغة بل إن " الوسمية " قد كتبت بلغة المعيشة اليومية .. فما المشكلة في هذا ؟
!
علمت أن الأميين في القرى الجنوبية .. يجعلون أولادهم وأحفادهم يقرؤون عليهم ما
أكتبه .. لأنهم يجدون إنسانيتهم فيها وبلغة مفهومة، وهنا تكمن إحدى استراتيجيات
اللغة التي أتحدث عنها.. هذا لا يعني أنني كاتب – أقليمياً او قبلياً – فقد تعرضت
الرواية إلى مستويات من الأقلام النقدية والقرائية من خارج المملكة وبصورة مشجعة
..
ترى في ذلك أنني أكتب بلغة المعيشة اليومية أو بلغة بسيطة وليست أقليمية بالطبع
.
لعلك ترى ان أعمالي الروائية لم تكتب بتقنية واحدة فـ" الوسمية
"
تختلف عن
"
الغيوم " و" صالحة " ليست كـ" الحصون " وهكذا .. بالرغم من كون العالم هو ذاته وذات
القوام وذات المكان.. لقد تطلبت كل رواية تقنيتها التي رأيتها تناسبها دون تنظيرات
مسبقة
.
رد مع الإقتباس