الموضوع
:
أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
عرض مشاركة واحدة
05-30-2012, 02:51 PM
المشاركة
728
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,768
قراءة في رواية ( صغير ) للكاتب التونسي فرج الحوار
"
أقربهم الى الأرض أكثرهم شرا " تذكرت هذا المثل القديم و المعبر
و أنا أقرأ ( صغير ) احدى روايات الكاتب التونسي فرج الحوار هذا الكاتب المتمكن من
لغة بودلار بقدر تمكنه من لغة المعري و الجاحظ
.
فبعد ( عنتر ) و بعد ( هكذا
تحدث سان أنطونيو ) و بعد ( مخلوق المياه العميقة ) وهي روايات بالفرنسية أصدر فرج
الحوار ( صغير ) و هو صغير في حجمه و كبير في تصرفاته و أفعاله . بطل هذه الرواية
لا يتجاوز طوله الخمسة سنتمترات فوق المتر . فقد أمه "منوبية" وهو في أشد الحاجة
اليها . و أحب " جنان " حبا جنونيا و أقسم أن لا يحب سواها رغم اغراءات "شهرزاد
"
الملكة الأسطورية . و " نرجس" الممرضة العزباء . و " ابتسام " الحسناء زوجة ساعي
البريد
.
هو في الواقع مزدوج الشخصية . محب للجميع حينا و حاقد ناقم في أغلب
الأحيان . قصر قامته كان السبب الرئيسي في كل اضطراباته و تصرفاته التي أنهاها
بجريمة قتل ذهب ضحيتها " سي التيجاني " عطار الحي المركانتي
.
الرواية في خمسة
فصول . و الكاتب وضع عناوينا جد معبرة لهذه الفصول . فجاءت على النحو التالي
:
(
في البدء يتكون الحلم ) و يتدرج بالحلم الى الواقع المتقلب حيث ( كل شيء يشبه
قليلا الشذوذ الغريب في دنيا الأضواء ) في الفصل الثالث يؤكد الكاتب بأنه لا يوجد
بين الوهم و الحقيقة مانع أو خندق أو حتى فصال بسيط . كما يؤكد في الفصل الرابع
بأنه لا يوجد دخان بدون نار . و في الفصل الخامس يحيلنا الى النهاية حيث تتشكل
الرواية
.
لقد تعمد فرج الحوار هذا التقسيم حتى يؤكد تورطه في استغلال التراث
العربي و الاستنجاد ببعض الشخصيات الأسطورية و جعلها تتفاعل مع العصر الحاضر بكل
طقوسه حيث حضر زوجها الملك في صورة شرطي المرور بحزامه الجلدي العريض و قد تدلت منه
هراوة بيضاء يخافها المارون و الواقفون على الرصيف و كذلك العابرون من الرصيف الى
الرصيف . و في اللحظة ذاتها يحضر البساط الطائر و التنين الذي يبصق النار و منه
جاءت فكرة الثعابين التي تبصق النار و التي وردت في كل فصول الرواية و يقصد بها
المسدس الذي لا يقدر عليه الا أصحاب السلطة و الجاه
.
لقد جعل الكاتب من صغيره
بطلا أسطوريا و بعد أن كان كل البشر يحتقرونه و يشككون في رجولته و حتى في انسانيته
صار يهابه كل الناس و يقرؤون له ألف حساب . حتى عطار الحي " سي التيجاني " أصبح
يخشاه و يخاف بطش ثعبانه الصغير الذي بات لا يفارق جيبه . و قد كانت نهايته على
يديه ذات قيلولة أحد أيام الصيف
.
و لعل الكاتب أراد أن يشير الى أن الغلبة في
هذا الزمن الرديء صارت للأقوى . و القوة لا تكمن في الجسد أو الفكر أو المال و انما
في السلاح الذي تملكه
.
و قبل أن أختم هذه القراءة البانورامية لهذه الرواية لا
بد أن أشير الى أن " فرج الحوار " هو شاعر بالأساس و قد أهدى " صغيره " الى أمه حيث
قال
:
اليها
الى التي علمتني أن الليل الأكثر
ظلمة
ما هو سوى وهم
...
أو خدعة تخفي خوفنا الحقيقي من الشمس
...
الى أم
الزين
أمي التي تعلمني بصبرها
...
بمثابرتها و اصرارها
أسرار الحسن
الأزلي
...
وفية لمقتضيات هذا الاسم الذي يجسدها تماما
...
اليك يا أمي
أهدي هذه الباقة من العرفان بالجميل
...
و أطمح لرؤية شروق الشمس أخيرا
...
و سوف تشرق الشمس يا أم الزين
سوف تشرق
...
و أعدك بذلك
...
هكذا ينهي هذا الاهداء المليء بالأحاسيس الصادقة و هو واثق من أن
النور سيظهر و أن الخير سينتصر و أن السلام سيعم العالم ...كل العالم
رد مع الإقتباس