الموضوع
:
أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
عرض مشاركة واحدة
04-28-2012, 12:01 PM
المشاركة
485
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,768
4-
اللقطـــة الوصفيـــة الكبيـــرة
:
ترتكز اللقطة الوصفية الكبيرة
Gros plan
على
نقل ملامح الوجه المعبرة، ورصد انطباعاته النفسية بدقة تشخيصية وتصويرية، كما في
هذا المقطع الوصفي الذي يبين لنا الكاتب فيه حالة شخصية حفة بعد اختفاء العربي
:"
دخل حفة إلى الحوش وعلى شفتيه ابتسامة صفراء ،
وقال
:
إن
هذه نتيجة مخالفة رأيه، وانه لم يشأ أن يعطي العوض لكن قلبه رحيم، فلم يقو على
معارضة الناس فجاراهم وعليه، فهو في حل مما يحدث
.
دخلت العطراء من البويبة تنظر وتسمع فذهلت وعادت إلى
الحوش اللوطاني
."(
ص
:140).
وترد هذه اللقطة الوصفية في موضع آخر ، وذلك لتبيان حالة
عمير النفسية والثورية أثناء تأجيج نفوس العمال المضربين حقدا وغضبا
:"
راغ عمير مخلوع القميص مبحوح الصوت على رأس
شرذمة من أولاد بويحيى وأولاد دينار والجريدية والقبائل وانتشروا في ساحة المركز،
وكان يهتف ناتئ العينين أحمر الوجه في جانبي فمه رغوة وفي شفته السفلى خط أبيض
جاف
."
(
ص
:249).
هذا، وتعبر هذه الصور المقربة جدا عن الحالات النفسية
والانفعالية الشعورية واللاشعورية ، والتي تظهر على وجوه الشخصيات بشكل جلي
ومجسد
.
5-
اللقطـــة الوصفية الكبــرى جــدا
:
يلتجئ الكاتب إلى الاستعانة باللقطة الوصفية الكبرى
ZOOM / Très gros plan
، وذلك لتبئير الموصوفات والعناصر المنقولة، حيث يتم التركيز على
الأشياء الدقيقة من الوجه والجسد والرجلين ، وذلك لتقريبها بشكل جيد إلى القارئ
المتلقي أو الراصد المتخيل
.
ومن
هنا، نرى الكاتب في روايته الواقعية يصف كلبا عبر هذه الرؤية ، وذلك لكي يبين شراسة
الحيوان تجاه الآخرين، وشروعه في الشر للانقضاض على الصبية، بعد رجوعهم من نزهة
الوادي
:"
اعترضهم كلب هزيل، شرير يردهم بنباحه، ويهددهم
بعينيه المخضرتين المحمومتين وأنيابه المكشرة، فارتدوا إلى القنطرة ولاذت العطراء
بالرجوع وظهر حمة الصالح يعدو بين النخل يتبع الريبة ويصيح على كلبه
." (
ص
:34)
كما يركز الكاتب بشكل مكبر جدا على يد العطراء ، وذلك
للتركيز على ما تفعله الصبية بنبتة كانت بيديها، فتقطعها غضبا وحنقا
وحقدا
:"
فقالت العطراء وهي تنظر إلى يديها وتبرم حشيشة
بين أصابعها
:
-
اعطاها
لي حمة الصالح من العيون
.
صاحت رقية بابنتها
:
-
قلت لك
اعطيها انتاعها، خلي تمشي علينا
.
فمرستها وقطعتها وألقتها
."(
ص
:39)
وهكذا، نجد أن اللقطات الكبرى جدا في رواية البشير خريف
تحدد لنا الأبعاد النفسية للشخصية الرئيسية أو الثانوية أو العابرة ، أو تعكس لنا
مختلف الوظائف والمسارات التصويرية لمختلف العوامل والممثلين ذهنيا ووجدانيا
وحركيا، وتبرز لنا أيضا ملامحها الشعورية واللاشعورية بكل وضوح وجلاء
.
q
زوايـــا
التقـــاط الصـــورة الوصفيـــة
:
يلتقط الكاتب البشير خريف العناصر الموصوفة على غرار
الكتابة الإخراجية السينمائية من زوايا متنوعة، حيث يستعمل السارد اتجاهات عدة ،
وذلك لالتقاط صوره الروائية الوصفية، فقد يكون اتجاه الالتقاط أفقيا أو عموديا أو
سفليا أو متحركا
.
ويمكن توضيح ذلك من خلال الشواهد والأمثلة النصية التالية
:
1-
اللقطـــة الوصفيـــة العموديـــة
:
تلتقط هذه الصورة الوصفية من الأسفل إلى الأعلى، ويعني
هذا أن عدسة التصوير والوصف تتجه من تحت إلى أعلى ، وذلك للتعبير عن التسامي
والتحرر والاستعلاء والسيادة والتفوق، واستجلاء ماهو علوي وروحاني ، بعيدا عن عالم
البشر المحنط بالماديات كما في هذه الصورة الرمزية
:"
خرجت الأنثى ووقفت، وتبعها الذكر، ولبثا هنيهة،
كأنهما لم يدركا ما تبدل في وضعهما، وكأنهما لم يحفلا كثيرا بما منحا من حرية، ثم
أمال الذكر رأسه ونظر إلى طاقة الشباك وخفف وطار، وتبعته أنثاه وتبعتهما العطراء
ببصرها، فرأتهما يحلقان إلى عنان السماء، ثم يتجهان إلى سحاب أبيض سمقت إليه نخلتان
متساندتان، وأضحيا نقطتين متتاليتين، وحطا في لفافة النخل
.
" (
ص
:298)
ومن هنا، تبدو هذه اللقطة العلوية العمودية تعبير صادق عن
الرغبة في التسامي، والتحرر من الكائن المادي، والتخلص من قيود الحس، وذلك نحو
الفضاء العلوي المطلق
.
2-
اللقطـــة الوصفيــة الأفقيــة
:
تعتمد اللقطة الوصفية الأفقية الثابتة على رصد الموصوف
أفقيا كما في هذا الشاهد الوصفي
:"
حولت عينيها
(
العطراء
)
إلى
زوجها
(
محمد الحفناوي
)
وقارنت، إنهما يشبهان بعضهما تماما كما تشبه البسرة الغمقة، نعم، يشبهان
بعضهما، غير أن النظر لذا أذى ولذلك شفاء، ذلك له عينان وأنف وفم، وذا له عينان
وأنف وفم، كل رقبته وشعره، لكن شتان بين الرخمة والطير البرني
.
وعادت تنظر إلى الشاب، فتخيلت أنها تغسل
بصرها
." (
ص
:305).
وهكذا، يتسم اتجاه الإدراك في هذه الصورة الوصفية بكونه
اتجاها أفقيا ثابتا يقوم على النظرة المواجهة
.
3-
اللقطـــــة الوصفيــــة السفليــــة
:
المقصود بهذه الصورة التقاط العناصر الموصوفة من عدسة
تصويرية موجهة إلى الأسفل ، وغالبا ما يكون الغرض من هذه النظرة الوصفية التعبير عن
الضعف والانكسار والانسحاق والانهيار، كما في هذه الصورة الخرافية التي تناجي فيها
البنات فرعون المنكسر توسلا واستغاثة ، وذلك لمساعدتهن على إضفاء الجمال عليهن، وإن
كانت هذه الصورة تحمل في طياتها مؤشرات جاهلية ووثنية قديمة العهد
:
"
وقفت إحدى الفتيات على ربوة وصاحت بالواد، كأنها جاهلية تخاطب
إلاها
:
-
فرعون،
يا فرعون، طول شعري وكبر قعري،
وتلك من العادات التي لبثت حية، من القدم إلى يومنا هذا
وهي لا تقل فائدة
-
لو
تدبرها المؤرخون
-
عن
آثار الحجارة المنقوشة، لعلهم يجدون بي
رد مع الإقتباس