الموضوع: ll~ سورة الكهف
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-27-2012, 01:49 PM
المشاركة 30
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
{{أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا *}}.



قوله تعالى: { {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} } المشار إليه الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
{ {جَنَّاتُ} } جمع جنة وهي الدار التي أعدها الله لأوليائه فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
{ {عَدْنٍ} } بمعنى الإقامة، أي جنات إقامة لا يبغون عنها حِوَلا أي تحولا عنها، ومن تمام النعيم أن كل واحد منهم لا يرى أن أحداً أنعم منه، ومن تمام الشقاء لأهل النار أن كل واحد منهم لا يرى أحداً أشد منه عذاباً، ولكن هؤلاء، أهل الجنة، لا يرون أن أحداً أنعم منهم لأنهم لو رأوْا ذلك لتنغص نعيمهم حيث يتصورون أنهم أقل.
{ {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ} }. الأنهار جمع نهر وهي أربعة أنواع ذكرها الله تعالى في سورة محمد، قال الله تعالى: {{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصْفّىً}} [محمد: 15] ، وهنا قال: { {مِنْ تَحْتِهِمُ} }، وفي آية أخرى قال: «تحتهم» وفي ثالثة {{مِنْ تَحْتِهَا}}، وفي رابعة: {{تَحْتِهَا}} والمعنى واحد، لأنهم إذا كانت الأنهار تجري تحت أشجارها وقصورها فهي تجري تحت سكانها.
قوله تعالى: { {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} }.
{ {يُحَلَّوْنَ فِيهَا} } أي الجنات.
{ {مِنْ أَسَاوِرَ} }، قال بعضهم: إن { {مِنْ} } هنا زائدة لقول الله تعالى: {{وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ}} [الإنسان: 21] ، فـ { {مِنْ} } زائدة. ولكن هذا القول ضعيف، لأن { {مِنْ} } لا تزاد في الإثبات كما قال ابن مالك رحمه الله في الألفية:
وزيد في نفي وشبهِهِ فَجَرّ***نكرة كما لباغٍ من مفر
وعلى هذا فإما أن تكون للتبعيض: أي يحلون فيها بعض أساور، أي يحلى كل واحد منهم شيئاً من هذه الأساور وحينئذٍ لا يكون إشكال، وإما أن تكون «للبيان» أي بيان ما يحلون، وهو أساور وليس قلائد أو خُروصا مثلاً، وأما قوله: { {مِنْ ذَهَبٍ} } فهي بيانية، أي لبيان الأساور أنها من ذهب، ولكن لا تحسبوا أن الذهب الذي في الجنة كالذهب الذي في الدنيا، فإنه يختلف اختلافاً عظيماً، قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر»[(22)] ، ولو كان كذهب الدنيا لكان العين رأته.
قوله تعالى: { {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} }، السندس: ما رَقَّ من الديباج والإستبرق ما غلظ منه.
وقوله: { {خُضْرًا} } خصَّها باللون الأخضر لأنه أشد ما يكون راحة للعين ففيه جمال وفيه راحة للعين.
قال تعالى: { {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ} }.
قوله: { {مُتَّكِئِينَ} } حال من قوله تبارك وتعالى: { {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} } أي حال كونهم متكئين فيها، والاتكاء يدل على راحة النفس وعلى الطمأنينة.
قوله: { {عَلَى الأَرَائِكِ} } جمع أريكة، والأريكة نوع من المرتفق الذي يرتفق فيه، وقيل: إن الأريكة سرير في الخيمة الصغيرة المغطاة بالثياب الجميلة تشبه ما يسمونه بالكوخ.
قال الله تعالى: { {وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا} } هذا مدح لهذه الجنة وما فيها من نعيم، ففيها الثناء على هذه الجنة بأمرين: بأنها { {نِعْمَ الثَّوَابُ} } وأنها { {وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا} }. قال الله تعالى: {{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً *}} [الفرقان: 24].
* * *