الموضوع
:
أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
عرض مشاركة واحدة
04-25-2012, 01:29 PM
المشاركة
469
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,768
التطوع من أجل فلسطين
احتللت مقعدي في مجلس النواب في وقت
وصلت فيه القضية الفلسطينية إلى قمة التأزم . تألب العالم الغربي، ومعه الاتحاد
السوفيتي، على حق العرب وصدر قرار هيئة الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين ، على أن يطبق
هذا القرار في 15 مايو سنة 1948. لم يرض العرب ، شعوبا وحكومات بالقرار الجائر
وتنادوا إلى الحيلولة دون تنفيذه بقوة السلاح عن طريق الجهاد الشعبي المتمثل بأفواج
جيش الإنقاذ، وهي أفواج تألفت من متطوعي البلاد العربية المختلفة ، أولا ، ثم بتدخل
الجيوش السمية إذا اقتضى الأمر بعد ذلك ، وفى غمرة أحداث تلك الفترة الحرجة وجدتني
أهجر مهامي كنائب في المجلس وألتحق متطوعا بمجاهدي فوج اليرموك الثاني من جيش
الإنقاذ، وهو الفوج السوري من ذلك الجيش ، يرافقني في ذلك الالتحاق زميلي في
النيابة الأستاذ أكرم الحوراني، أكون في مقدمة من دخلوا الأرض الفلسطينية من
المجاهدين ، سعيا وراء نصرة فلسطين العربية واستنفاذها من مخالب تحالف الصهيونية
العالمية وأعداء العرب في العالم الغربي على أرض العرب المقدسة
.
كان فوج
اليرموك الثاني بقيادة أديب الشيشكلي الذي كان ضابطا برتبة رئيس وهي الرتبة التي
تحول اسمها اليوم إلى رائد أو مقدم ، وكان دخولنا إلى فلسطين من الحدود اللبنانية،
جنوب بنت جبيل والنبطية ، في ليلة الثامن من شهر يناير سنة 1948. باشرنا عملياتنا
الاستكشافية والحربية التي لا مجال للتفصيل عنها طيلة الشهور الخمسة التي سبقت موعد
دخول قرار التقسيم مرحلة التنفيذ. وإذا كنت قد عدت بعد تلك الشهور إلى مكاني في
مجلس النواب متابعا مسيرتي السياسة تحت قبة البرلمان وفي المحافل المختلفة وعلى
صفحات الجرائد والمجلات، فإن التجربة التي عدت بها من المعاناة على أرض الواقع في
فلسطين فتحت عيني على أمور كثيرة وبصرتني بأمور كثيرة كنت بعيدا عن معرفتها مثل
الآخرين الذين لم يتح لهم معايشة ما عايشته أنا. اكتشفت في تلك التجربة أشياء كثيرة
عن سير أمورنا، وعن خصائص شعوبنا، وعن أقدار رجالنا ، ومن سوء الحظ أن تجربتي ، كما
رددت في مناسبات كثيرة، قد تكشفت لي عما خيب أمل الشاب المثالي الذي كنته في تلك
الأيام، ومن سوء الحظ كذلك أن سير أمورنا القومية منذ عام 1948 إلى اليوم جاء مؤيدا
تقديراتي السيئة عن وضعنا وإمكاناتنا، وهي التقديرات التي وضعتها لنفسي في ذلك
الحين
.
العودة للأدب
وأعود إلى الأدب مرة أخرى خاتما به
هذا الحديث الطويل. لقد دأبت على أن اعتبره لنفسي وأذكره للآخرين كهواية ، ممتعة
وسامية في آن واحد، أمارسها في غير عناء وفي قليل من الجد. ولكن، كما قال الشاعر
القديم
:
صار جدا ما لهونا به رب جد جره اللعب
!
فما يطفو على ألوان النشاط
المختلفة في حياتي، وما يعرفني به الآخرون ويحاورونني فيه ويتقصون أخباري فيه، هو
الأدب قبل الطب وقبل السياسة وقبل فعاليات مختلفة أخرى أجدني ما قصرت فيها ع أداء
ما وجب علي ولا عن تقديم ما قدمته، متطوعا ومفيدا، للناس حولي وللقيم والمعتقدات
التي أومن بها، عطاءاتي الأخرى تنحصر معرفتها في حلقات ضيقة وبين أناس محدودين ، أو
أن دوامها لا يمتد إلى زمن طويل. أما العطاء الأدبي مني ومن أمثالي فإنه، إذا كان
يحمل صفات تؤهله لذلك، طويل الديمومة وعريض الجمهور ، لقد انتهى بي إصرار الآخرين
على تقديم صفتي الأدبية على سائر صفاتي الأخرى أن تابعتهم أنا إلى الإيمان بقيمة
هذه الصفة وأكاد أقول إن ذلك حدث على الرغم مني
!
ولعلي في هذا الواقعة التي
أرويها للقراء في مختتم المطاف أضرب مثلا لهذا الذي ذكرته عن تقدير من عدوني
بتقديرهم لما رأوه في من موهبة تستحق التقدير
.
حدث ذلك منذ ستة أعوام أو سبعة ،
زارني في بلدتي السيدك. لوشون، وهو الملحق الثقافي في السفارة الفرنسية في دمشق
أيامذاك ، وكان قارئا لأعمالي المترجمة إلى الفرنسية ومعجبا بها، وف زيارة لي إلى
دمشق بعد عودته هو إليها اتصل بي هاتفيا وسألني عما إذا كان بإمكاني أن أمر عليه،
في مكتبه، قلت له: أفعل ، وبكل سرور، فوجئت حين دخلت مكتب الملحق الثقافي الفرنسي
بأن رأيت صورة كبيرة لي معلقة على أحد جدران المكتب. كانت صورة قديمة، أخذت لي في
أيام الصبا، أبدو فيها ممتطيا فرساً أصيلة كنا نملكها في ذلك الزمن ومرتديا ثيابا
عربية، استغربت وجود هذه الصورة وسألته عنها. ابتسم وقال إنه عثر عليها بحجم صغير
حين زار الرقة ، وإنه كبرها وأحاطها بهذا الإطار في بيروت ، وإنه استدعاني ليرجوني
أن أضع توقيعي له عليها. لم أملك إلا أن أجاريه في الابتسام وقلت له: ولكنك تضع
صورتي في صدر مكتبك الرسمي، هذا المكان ليس لي ، إنه مكان المسيو ميتران ! كان
فرنسوا ميتران يومذاك هو رئيس الجمهورية الفرنسية . كان جواب الملحق الفرنسي ،
الموظف في سفارة بلاده، هذه الكلمة الغربية التي قالها بلهجة اقتناع : أنت قيمة
أكثر ثباتا من المسيو ميتران
!
بالطبع لم أكن من الغرور، أو من فرط الإعجاب
بالنفس، بحيث أصدق أن قيمتي تفوق قيمة رجل كان رئيس جمهورية فرنسا في يوم من الأيام
وكان مالئ الدنيا وشاغل الناس في زمن رئاسته، ولكن كلمة المجاملة التي نطق بها
مخاطبي الكريم، السيدك. لوشون ، تصور بجلاء اهتمام نخبة المثقفين ، إن لم أقل
عامتهم ، في عالمنا الحاضر بالأدب وبمبدعيه وتقديرهم لهم وله. وعلى ما يشبه الرغم
مني، كما أسلفت القول، أصبحت مجرورا إلى هذا التقدير وذلك الاهتمام بالفن الذي بدأت
فيه هاويا مثل المستهين ثم انتهيت إلى أن أجده أجدر ما أختم به هذا الحديث عن مرفأ
الذاكرة ،وعن الخواطر التي رست فيه بعد طول الإبحار
.
رد مع الإقتباس