الموضوع
:
أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
عرض مشاركة واحدة
04-23-2012, 04:02 PM
المشاركة
458
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,768
محمد عبد الحليم عبد الله.. ورومانسية ما (بعد الغروب) في الرواية المصرية
ثقافة
الأحد
1-4-2012
ممدوح السكاف
-
١
–
يعتبر أهم نقاد الأدب الروائي في الوطن العربي أن محمد عبد الحليم عبد
الله من كبار جيل الروّاد في الأدب العربي الحديث وعلى الأخص في فن الرواية
الرومانسية ومن أهم كُتاب القصة القصيرة العربية المجددين،
وقد عدّه الناقد
الأدبي المصري المعروف محمد جبريل من جملة أدباء جيل الوسط، جيل نجيب محفوظ ومن سار
معه على درب تحديث أدب الرواية من كبار الروائيين المصريين المجايلين له وفق موهبة
كل منهم.
وُلد محمد عبد
الحليم عبد الله عام ١٩١٣ في قرية (كفربولين) التابعة لكوم حمادة من محافظة
(
البحيرة) وقد تحول العديد من أعماله الروائية إلى أفلام سينمائية ومسلسلات
تلفزيونية بسبب ما تتميز به من ثراء وتشابك في الأحداث وتنوع وتغير في الشخصيات
وعناية مركزة بتصوير البيئة إضافة إلى جمال أسلوبه وصياغاته اللغوية وسيطرة نزعة الألم والكآبة والدموع العاطفية على أبطال قصصه الغرامية وخاصة في مشاهد الموت ومواقف الفراق، ولعل هذه السمات هي ما ميزته عن معظم الروائيين الواقعيين من جيله.
نشرت له أول قصة
كتبها وهو ما يزال طالباً وذلك في عام ١٩٣٣، بعد فترة دراسته الابتدائية والثانوية
تخرج من مدرسة (دار العلوم العليا) عام ١٩٣٧، وعمل بعد انتهاء تعليمه محرراً بمجلة
(
مجمع اللغة العربية) ثم تدرّج في ترقّية حتى أصبح رئيساً لتحريرها وقد تُرجم
الكثير من آثارها الأدبية إلى اللغات الانكليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية،
وتوفي عام (١٩٧٠) وكان له من العمر سبعة وخمسون عاماً وتكريماً لدوره الثقافي
الفعّال ورحلته الروائية الحافلة أنشــئت مكتبة عامرة بأمات الكتب والمراجع في
قريته، كما أقيم متحف بجوار ضريحه احتوى مع ما احتوى على المخطوطة الأولى لقصته
(
غرام حائر).
حصل محمد عبد
الحليم عبد الله على مجموعة جوائز مصرية أهمها: (جائزة المجمع اللغوي) عن روايته
(
لقيطة) عام ١٩٤٧ (جائزة وزارة المعارف) عن روايته (شجرة اللبلاب) عام ١٩٤٩
– (
جائزة إدارة الثقافة بوزارة المعارف) عن روايته (بعد الغروب) عام ١٩٤٩ – (جائزة
الدولة التشجيعية) عن روايته (شمس الخريف) عام ١٩٥٣، وله غير هذه الروايات الفائزة
بجوائز رواية (الجنة العذراء) و(للزمن بقية) و(ألوان من السعادة) و(الليلة
الموعودة) و(غصن الزيتون) وقد أهدى الرئيس أنور السادات لاسم محمد عبد الحليم وسام
الجمهورية تقديراً لكفاءته، واختار (اتحاد الكتاب العرب) روايته (بعد الغروب) ضمن
أفضل مئة رواية عربية.
-
٢
–
تصوّر رواية
(
بعد الغروب) لكاتبها الأديب محمد عبد الحليم عبد الله أزمة عاطفية شديدة الوقع في
حياة شاب تخرّج في كلية الزراعة، فمضى يبحث عن عمل، وانتهى به المطاف إلى أن يشتغل
ناظر زراعة في مزرعة يملكها أديب كبير، وكان المالك وابنته (أميرة) يزوران القرية
لماماً فيقضيان بها أياماً أو أسابيع يطلعان خلالها على أحوال المزرعة وشؤونها، ثم
يعودان بعدئذ إلى القاهرة، وقد أحب الشاب الناظر (أميرة) حباً صامتاً لم يشأ أنه
يفصح عنه لأنه كان يرى نفسه أفقر من أن يتطلع إلى من كانت في مثل ثراء أسرة (أميرة
)
وحياتها المرفهة ولكن خادمتها (زينب) – وكانت أيضاً تحبه حباً صامتاً – تقرب بين
الحبيبين حتى يتصارحا، ويعرف – عبد العزيز وهذا هو اسم الشاب – أن والد (أميرة
)
يريد أن يزوجها لابن عمها «سامي» فيستبدّ به الحزن ويساوره القلق ويحاول أن يعرف
شعور أميرة نحو هذا الخطيب، ويتكفل صديقه (صالح) الذي كان في القاهرة بذلك فيراقبها
ويتتبعها وينتهي إلى أنها لا تحمل لابن عمها شيئاً من الحب؟! (وتَعدُ) أميرة أن
تحدث أباها في الأمر ولكنها تتريث وتتردد ولا تجد لديها الشجاعة لفعل ذلك إلى أن
ترى والدها على فراش الموت يبارك بنظراته المعبّرة زواجها لابن عمها وهكذا تجد
أميرة نفسها مضطرةً إلى اصطناع الانصراف عن عبد العزيز لأنه فقير ويفترق الحبيبان.
-
٣
–
لا شك أننا
نستطيع ببساطة توصيف هذه الرواية بقولنا إنها رواية رومانسية مضموناً ومحتوى وشكلاً
ومعالجةّ، فهي تصور سلسلة من التضحيات، فالأب يضحي بمستقبل ابنته في سبيل الوفاء
لأولاد أخيه، والبنت تضحي بحبها في سبيل الوفاء لذكرى أبيها وتحقيقاً لرغبته وهو
يلفظ أنفاسه الأخيرة وزينب الخادمة تضحي بحبها لعبد العزيز لتسعد سيدتها فتجعل
نفسها رسولاً بين العاشقين، وثمة شيء من التشابه بين رواية عبد الحليم هذه ورواية
(
زينب) لمحمد حسين هيكل المنشورة عام ١٩١١ فمهادُ الأحداث في الاثنتين واحد وهو
الريف – والمدينة (القاهرة) وبطلاهما عبد العزيز وحامد متعلمان يفشلان في الحب، إلا
أن الأول ابن طبقة فقيرة والثاني ابن طبقة غنية، والروايتان مشحونتان بعواطف زائفة
مفرطة في مثالية مصطنعة غير أن مؤلفيهما يمتلكان عبارة أنيقة وأسلوباً جميلاً.
هذا الشطط في
الهروب إلى قوقعة الذات والخيال والكآبة والسوداوية وتمجيد الألم والانجراف في
تصوير مشاهد الطبيعة في القرى الريفية باعتبارها رمزاً للبراءة والنقاء والنظرة
التي لم تزيفها المواضعات الاجتماعية وما فيها من فروق طبقية هو الذي قضى على
الرواية الرومانسية العربية بألا تكون غير مرحلة قصيرة العمر في حياة أدبنا الروائي
وحسناً كان ذلك بل من حسن حظ القارئ.
m.alskaf@msn.com
رد مع الإقتباس