الموضوع
:
ll~ نفحَاتٌ من بلاغةِ القرآنِ الكريمِ
عرض مشاركة واحدة
احصائيات
الردود
7
المشاهدات
4965
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
المشاركات
17,197
+
التقييم
3.02
تاريخ التسجيل
Sep 2009
الاقامة
المملكة العربيّة السعوديّة ~
رقم العضوية
7870
04-16-2012, 11:14 PM
المشاركة
1
04-16-2012, 11:14 PM
المشاركة
1
Tweet
ll~ نفحَاتٌ من بلاغةِ القرآنِ الكريمِ
نفحَاتٌ من بلاغةِ القرآنِ الكريمِ
د. عبد الله بن سليم الرشيد
امتاز أسلوب القرآن باجتناب سبل الإطالة، والتزام جانب الإيجاز – بقدر ما يتسع له جمال اللغة- وذلك جعله أكثر الكلام افتنانا، أي أكثره تناولا لشؤون القول
وأسرعه تنقلا بينها.(1)
وفي هذه المقالة إشارات إلى بعض مكامن البلاغة في القرآن الكريم، بعضها مما وقفت به من قراءات متعددة لبعض المعتنين بهذا الجانب في الدراسات القرآنية، وبعضها
اجتهاد في تلمس موضع البلاغة، آمل أن يكون فيه شيء من التوفيق، وأعوذ بالله أن أتكلم في كتابه بما ليس لي به علم.
وكان مما وقفت به مليّا قصة سليمان مع ملكة سبأ،(2) وهي في آيات يصدق عليها ما قاله محمد دراز من أن أسلوب القرآن يتنقل في المعنى الواحد على نحو من السرعة لا عهد بمثله، ولا بما يقرب منه في كلام غيره، ومع هذه التحولات السريعة التي هي مظنة الاختلاج والاضطراب، تراه لا يضطرب، بل يحتفظ بتلك الطبقة العالية من متانة النظم.(3)
هذا الانتقال السريع الموجِز لكثير من الوقائع والأحداث في تلك القصة بيِّن في قوله تعالى: {اذْهَبْ بِكِتابِيْ هذَا فَألْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاْذَا يَرْجِعُوْنَ*قالتْ يَا أَيُّها المَلَؤُ...}(4) وفي قوله: {وَإِنِّيْ مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُوْنَ *فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ...}.(5) ولا شك أن في السياق كثيراً من الحذف البليغ، ففيه إيماء إلى الوقائع، وانتقال أشبه بالإضراب عما يُستغنى عن ذكره.
أما قوله عز وجل:{قَالَ يَـأيُّها المَلؤُا أيُّكُمْ يَأتِيْنِيْ بِعَرْشِهَا قَبْلَ أنْ يَأتُونِي مُسْلِمِينَ* قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الجِنِّ أنَا آتيِكَ بِهِ قَبْلَ أنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وإنّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أمِينٌ*قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتَبِ أنَا آتِيكَ بِهِ قبَلَ أن يَرْتَدَّ إليكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أأشْكُرُ أمْ أكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإنَّ رَبِّي غَنِيُّ كَرِيمٌ}(6)
ففيه انتقال فجائي بين قول الذي عنده علم من الكتاب وتكفله بأن يأتي بعرشها قبل أن يرتد طرف سليمان إليه، وبين وقوع ما تعهد به من إحضار العرش عند سليمان.
إن القارئ لهذه الآية يعيش فيها بشعوره وإحساسه بدقة عظيمة، إذ إنه – أي القارئ- لا يكاد يرتد إليه طرفه حتى يفاجئه سياق الآية بتحقق الأمر ووقوعه، وهذا نمط من البلاغة القرآنية مفرَد، فقد تضافر اللفظ والمعنى والسياق في تأدية القصة ونقل ذلك الجو الذي جرت فيه تلك الواقعة العجيبة.
يتبع ...
رد مع الإقتباس