عرض مشاركة واحدة
قديم 04-05-2012, 05:49 PM
المشاركة 13
أحمد النجار
مُـجـرّدُ إنسَـان
  • غير موجود
Thumbs up جزاك الله خيراً أستاذي ..
مساؤكَ جَنةٌ أستاذي الكريم الفاضل المُحترم الدمث الخلوق

أيوب صابر

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


لكم أنا ممتنٌ لهذه اللفتة الكريم الطيبة المُباركة منك أيها الكريم , وأستأذنُ - مقامكَ الكريم - في أن أقول :

لقد كررت أكثر من مرة أنك تعلمت مني الكثير

وهذه حقيقةٌ - أيها الكريم - ومامن شيء في حياتي يَمرُ عليَّ إلا وأتعلمُ مِنه الكثير حتى السمك في البَحر - عندما كُنت مُدمناً للصيدِ ببندقية البحر - تعلمتُ منه كثيراً - ورَبُكَ - فهو لايرى إلا على جانبيه - هكذا خلقه الله - ولايرى أعلى مِنه ولاأسفل عنه ولكنهُ يُعَوضَ ذلك بالحركة الدائرية السريعة بين الفينة والفينة ..



وأُريد منك أن تتعلم مني ثلاثة أشياء أخرى:

- أن لا تقلل من شأن نفسك أبداً أو من شأن قدرتك.

لم أفعلْ ذلك قط - أستاذي - إنما أنا مُدرِكٌ تماماً حدودَ أحمد وحَجم أحمد الحقيقي , لأن التضخم داء عُضالٌ إذا ماضربَ نَفس المرء دفعه دفعاً نحو رَدِ الحَقِ والتعالي على الناس وعاق تقدمه وحال دونَ تعلمه .. , وهذا ماباتت بَعضُ المُنتديات تًعجُ به فتَجِدُ تحت اسم بعضهم المفكر أو الأديب أو الفيلسوف ... إلخ وهو ينقصه الكثير الكثير ليكون كذلك ..!!! , ويُصبِحُ حالهم حينها كقولِ الشاعر:

ألقابُ مملكةٍ في غَيرِ موضعها *** كالهرِ يحكي انتفاخاً صولة الأسدِ !!!**1


أما من ناحية التفاؤلِ والأملِ فلدي مِنه الكثير بحمد الله وفضله ومنه وأنا كما يقولُ الشاعر :

دواءك فيك وماتشعر *** وداؤك منك وماتبصر
وتحسب أنك جرم صغير *** وفيك انطوى العالم الأكبر **2


- أن تفكر بصورة إيجابية دائمة وأن تضع نصب عينيك أنك قادر على تحقيق إنجازات هائلة.

هناك فَرقٌ - أستاذي - ولابُدَ أنك تَعلمُ ذلك بين التفكير الايجابي ومعرِفةُ القدرات , وأنا ولله الحَمد - وعلى ماأرى - أُفَكِرُ دائماً بصورة ايجابية في كَثيرٍ من مواقفِ حياتي , وهذا مانعلمه للناس لأنه جزء من صميم عملي ..
أما الانجازات فعلى المستوى الشخصي - ولله المن والفضل - حققتُ الكثيرَ منها , ولكن ماتعنيه أنت هو من النوعِ الذي يحتاجُ إلى جُهدٍ ضخمٍ ( فالانجازُ الضخمُ يعني بالضرورة جُهداً ضخماً ) , وأصدُقَكَ أني أُعاني من قول الشاعر كثيراً :

عَـلَى قَـدْرِ أَهـلِ العَـزمِ تَأتِي العَزائِمُ *** وتَــأتِي عَـلَى قَـدْرِ الكِـرامِ المَكـارِمُ

وتَعظُـمُ فـي عَيـنِ الصّغِـيرِ صِغارُها *** وتَصغُـر فـي عَيـنِ العَظِيـمِ العَظـائِمُ**3

فتأليف كتب بشكلٍ تجاري ليس من الأمور التي أعدها إنجازاً فهاهي المكتبات أمامك تعجُ - حالياً - بعشرات الكُتب التي يطبعها أصحابها على نفقتهم الخاصة أو تُطبَعُ مُجاملةً أو لغرضٍ لاحظ للعلمِ والثقافة فيه وهي - وفي الحقيقة - لاتساوي قيمة الورق الذي طُبعَتْ عليه ولا الحِبرَ الذي كُتبت فيه ..

ولأن الكثيرَ مِنا بات مُتضخماً - وهذا ماأفرُ منه فراري من الأسد - فإننا أصبحنا لانُبالي إلا بتحقيق حاجة نفسية بسيطة في القيام بعملٍ ما ونحنُ نظنُ أنه إنجازٌ ضخم ..!!!

وأعطيك مثالاً على ذلك من علم النفس :

أتعلمُ أنه ومن عام 1970 للميلاد تقريباً لم يكن هناك إلا بَعضُ الكُتبَ العربية التي قَدمَت إضافة حقيقيةً لهذا العلم في المكتبات ..!!!
أما البقية فهي إما نقلٌ كاملٌ للذي عِند الغرب أو اقتباسات كبيرة مع إضافة تعليقات بسيطة لاتُغني ولاتُسمن من جوع ..

ودونكَ كِتابٌ رائعٌ ضخمٌ ككتاب : لماذا لايُصابُ حمار الوحش بقرحة المعدة
لـ روبرت م . سابولسكي
وأقرأ فيه - بعد أذنك - حجم الجُهد المُبذول والوقت المُستغرق لإخراج هذا الكتاب وأنت تعلمُ ماأعني أُستاذي الكريم ..

أما اعترافي بعدم قدرتي على تأليف كتاب حالياً - إن كُنا نفهمُ حقاً مامعنى كلمة كتاب - فذلك يُعَدُ تفكيراً إيجابياً على مستوى راقي جداً جداً .. واعترافي بحد ذاته إنجازٌ ضخم لأني تغلبتُ فيه على تضخم الذات ..

- أن تؤمن بأن العقل الباطن لديه القدرة على توليد الأفكار والنصوص وأن ما على المبدع إلا أن يدفع نفسه للانطلاق في نقطة البداية.


أستأذنُ - مقامكَ الكريم أستاذي- في أن أُعَلِقَ على جُملتِكَ السابقة :

لأنك رائعٌ - أستاذي - فلقد أشرت إلى نُقطةٍ هامةٍ جداً جداً هنا وهي العقل الباطن .. , ولكن العقل الباطن وكما يعلمُ بذلك المختصون لاعلاقة له البتةَ بتوليدِ الأفكار ولا النصوص .. , إنما العقلُ الباطنُ مَخزنٌ لاإرادي يتم فيه تخزين مايمر على حواسنا منذ بداية الإدراك فينا ( بعضهم يقول أن العقل الباطن يبدأ في العمل منذ أن تُنفَخُ الروح في الجنين , وليس هناك دليلٌ علمي مُعتَدٌ به على ذلك ) .. , ولأن العَقل الباطن مُخزنٌ عَميقٌ فدورهُ ينحَصِرُ في تّغذية الفكرة أو النص بالصور والمعاني المُختزنة فيه ..

فمثلاً :

** يروى أن أبا نواسٍ ( الحسن بن هانىء ) قد جاء لخلفٍ الأحمر - إن لم تخني الذاكرة - وقال له : أُريدُ أن أكتب الشعر .
فطلب منه خلف الأحمر أن يحفظ عشرين ألف بيتٍ ثم يعود إليه .
وبعد عامين حَفِظ أبو نواس المطلوب وعاد لخلفٍ وسأله : أأكتبُ الشعرَ الآن ؟
فقال له : بل أولاً لابُدَ أن تنسى ماحفظته !!!
فعاد ابو نواس بعد فترة وقال : لقد نسيتها وكأني لم أحفظها .
فقال له خلف : الآن أكتب الشعر .. , فكان الشاعر العملاق أبو نواس .. **4

هذه الحادثة تدل على أننا لو اعتمدنا على العقلِ الباطن في توليد الأفكار والنصوص لجاءت أفكارنا ونصوصنا مسروقة من الآخرين ولامحالة ..

ولكن بعد أن تقوم عمليات التفكير العُليا في توليد الفكرة أو النص يقوم العقل الباطن بتغذيتهما بما هو مُخزَنٌ حولهما في عقله الباطن ..

وأن ما على المبدع إلا أن يدفع نفسه للانطلاق في نقطة البداية ..

حَديثُكَ هذا لاغُبارَ عليه البتة - أستاذي الكريم - وهو عينُ الصواب إلا أن ( جهوزية ) المرء - إن صح التعبير - هي ماتجعلُ من انطلاقته انطلاقةً ذات معنى .. , ومن أجل هذا اعتذرتُ عن اقتراحِكَ الكريم أيها الطيب ..

.
.

أستاذي النبيل الكريم أعودُ لشُكرِكَ الشكرَ الجزيل على دماثتكَ ولُطفِكَ وسعة صدرك وعلى حُسنِ ظنِكَ بأخيك ..

وأكررُ ثانية وثالثةً ومراراً كثيرةً أني أتعلمُ مِنكَ الكثيرُ أيها الطيب ..

ممتنٌ أنا بحجم السماء أستاذي
كُن بخيرٍ أرجوك
أحمد النجار

=======================
**1 أبو بكر بن عمار
**2 نُسبَتْ هذه الأبيات لعلي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه ونُسبِتْ لغيره
**3 المتنبي
** 4 هذه القصة من محفوظي القديم وهي تحتاجُ أن أُراجعها ..