الموضوع: كشكول منابر
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-22-2010, 11:29 AM
المشاركة 231
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
[ قوة الإرادة ]
-----------------------

في عام 1989 ضرب زلزال مدمر أرمينيا، وكان من أقسى زلازل القرن العشرين وأودى بحياة أكثر من خمسة و عشرين ألف شخص خلال عدة دقائق، ولقد شلت المنطقة التي ضربها تماماً وتحولت إلى خرائب متراكمة، وعلى طرف تلك المنطقة كان يسكن فلاح مع زوجته ، تخلخل منزله ولكنه لم يسقط، وبعد أن اطمأن على زوجته تركها بالمنزل وانطلق راكضاً نحو المدرسة الابتدائي التي يدرس فيها ابنه والواقعة في وسط البلدة المنكوبة ، وعندما وصل وإذا به يشاهد مبنى المدرسة وقد تحول إلى حطام ..
لحظتها وقف مذهولاً واجماً ، لكن وبعد أن تلقى الصدمةالأولى ما هي إلا لحظة أخرى وتذكر جملته التي كان يرددها دائماً لابنه ويقول له فيها: مهما كان (سأكون دائماً هناك إلى جانبك) ، و بدأت الدموع تنهمرعلى وجنتيه ، وما هي إلا لحظة ثالثة إلا وهو يستنهض قوة إرادته و يمسح الدموع بيديه ويركز تفكيره ونظره نحو كومة الأنقاض ليحدد موقع الفصل الدراسي لابنه وإذا به يتذكر أن الفصل كان يقع في الركن الخلفي ناحية اليمين من المبنى ، و لم تمر غير لحظات إلا وهو ينطلق إلى هناك ويجثو على ركبتيه ويبدأ بالحفر، وسط يأس وذهول الآباء والناس العاجزين.
حاول أبوان أن يجراه بعيداً قائلين له :
لقد فات الأوان ، لقد ماتو ا، فما كان منه إلا أن يقول لهما :
هل ستساعدانني ؟ !
واستمر يحفر ويزيل الأحجار حجراً وراء حجر، ثم أتاه رجل إطفاء يريده أن يتوقف لأنه بفعله هذا قد يتسبب بإشعال حريق فرفع رأسه قائلاً :
هل ستساعدني ؟!
واستمر في محاولاته، وأتاه رجال الشرطةيعتقدون أنه قد جن ، وقالوا له :
إنك بحفرك هذا قد تسبب خطراً وهدماً أكثر ، فصرخ بالجميع قائلا :
إما أن تساعدوني أو اتركوني ، وفعلا تركوه ، ويقال أنه استمر يحفرويزيح الأحجار بدون كلل أو ملل بيديه النازفتين لمدة (37 ساعة) ، وبعد أن أزاح حجراً كبيراً بانت له فجوة يستطيع أن يدخل منها فصاح ينادي : (ارماند) ، فأتاه صوت ابنه يقول :
أنا هنا يا أبي ، لقد قلت لزملائي ، لا تخافوا فأبي سوف يأتي لينقذني وينقذكم لأنه وعدني أنه مهما كان سوف يكون إلى جانبي . مات من التلاميذ 14، وخرج 33 كان آخر من خرج منهم (ارماند) ، ولو أن إنقاذهم تأخر عدة ساعات أخرى لماتوا جميعا ، والذي ساعدهم على المكوث أن المبنى عندما انهار كان على شكل المثلث ، نقل الوالد بعدها للمستشفى ، وخرج بعد عدة أسابيع .
والوالد اليوم متقاعد عن العمل يعيش مع زوجته وابنه المهندس ، الذي أصبح هو الآن الذي يقول لوالده :
مهما كان سأكون دائماً إلى جانبك ...!

22 / 8 / 2010