الموضوع: ابقي مَعي ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-2012, 11:57 PM
المشاركة 4
أحمد النجار
مُـجـرّدُ إنسَـان
  • غير موجود
افتراضي

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة





امتلاك قدرة خارقة لرؤية دواخل البشر



قالت بلهجة ماكرة : أنت لاتقصدُ بالتأكيد رؤية ماتخفيه ثيابهم !!
ضحك ضحكة خفيفة وتبسمت هي, نهض من على كرسيه وتحرك في الغرفة وعاد للحديث:
ماعدتُ أقوى على أي جرحٍ جديد !!! ماعاد في مقدرتي الاحتمال أكثر
لو أملكُ تلك القدرة سأتمكن من خلالها التمييز يين الصدق والكذب , بين الحقيقي والمزيف ..لأصبحتُ أجيدُ التفريق بين ضحكة وضحكة بين بسمة وبسمة بين نظرة ونظرة لعلمتُ حينها إن كانت كلمة أحبك تحمل معناها أم يحملها ألف غرضٍ وغرض !!


قاطعته قائلة : أحقاً أنت لاتجيد ذلك ؟!!
رد يغضبٍ بالغٍ : للأسف لا !!!
توجه ناحية النافذة ونظر من خلالها وكرر ماقاله بغضبٍ بدأ يسافر نحو البكاء !!
للأسف لا .. للأسف لا
الصق جبهته بزجاج النافذة وانخرط في بكاء حار !!!!
سكت عندما شعر بيدٍ حنونة تربت على كتفه وجاهد ليحبس ماتبقى من براكين دموع !!
قالت له : أتعلم ؟
لم يجبها !!
قالت: أتعلم حُجرتك رائعة للغاية فيها ذوقٌ رفيعٌ جداً , اختيار الألوان , تناسق الأثاث ..
أوه !!! وتلك اللوحة الرائعة على الحائط أأنت من رسمها ؟!


رفع جبهته من على زجاج النافذة ومسح دموعه براحة كفيه ونظر نحو اللوحة وتبسم كالطفلِ وقال: نعم أنا .. استخدمتُ في رسمها الألوان الزيتية .. , والخط الأسود الذي يحيط باللوحة هو عبارة عن فحمٍ مسحوق وضعته بيدي على اللوحة..


توجهت نحو اللوحة ووضعت يدها ثانية على كتفه وأشارت بالأخرى نحو اللوحة وسألته :أهذه وردة ؟!!
قال : نعم تعمدتُ ألا تكون واضحة ولونها أصفر !! أخاف كثيراً من اللون الأصفر أشعر أنه لونٌ مزيف !!وهذه الوريقات البنية كان من المفروض أن تكون خضراء !! اللون البني يُشعرني بالاكتئاب ولا أعلم لماذا ؟ وردة كئيبة ومزيفة !!
سألته بكل اهتمام : والخلفية زرقاء ؟!!


تبسم ابتسامة عريضة ومد يده نحو اللوحة وأنزلها من على الحائط وتوجه نحو المكتب ووضعها فوقه وهو يقول :اللون الأزرق لونٌ مخادعٌ .. مع أني أُحب البحر لكني أخاف من لونه الأزرق !!


وضع اللوحةعلى الطاولة واسترسل قائلاً :كان من المفترض ألا أتركها على الحائط فترة طويلة .. سأرسم غيرها .. , وردة حمراء بوريقات خضراء على خلفية بيضاء ودون الإطارالأسود..


قاطعته وقالت :على الرغم من أنك تراها وردة مزيفة كئيبة مخادعة إلا أنك تلتمسُ لها العذر ولذلك رسمت هذا الإطار الأسود !!
فلعل أحدٌ ما أحاطها بالسواد حتى غدت كما رأيتها أنت ؟!!


فتح درج مكتبه أخرج منه دفتراً كبيراً وقال لها بلهجة مُصطنعة : هنا أيضاً رسوم أخرى لي رأيكِ يهمني كثيراً..


أخذت الدفتر من يده وجلست على الكرسي تُقلبُ الدفتر وقالت : منتهى الجمال أنت رائع !!
أخذ الدفتر منها وفتح على صفحة فيه وبدأبالحديث : هذه كانـ....
قاطعته :أمازلت تُحبها؟!!
سكت قليلاً وعاد للحديث عن اللوحة في الدفتر وكأنه لم يسمعها:هذه كانت لو.....
رفعت ذقنه براحتها ووضعت عينيها في عينيه وقالت :أما زلت تحبها ؟
انخرط في البكاء كالطفل وقال بصوت يكاد يخنقه البكاء : وسأموت أحبها ..
لكنها خدعتني مزقتني أحرقت بداخلي كل شيء أخضر !! هي كانت الوردة في اللوحة
مزيفة كئيبة مخادعة !! أعطيتها كل حياتي ... أحببتها – وما أزالُ – من كل قلبي أُحبها !!مارست دورها بكل اقتدار .. كانت ممثلة بارعة مقتدرة متمرسة !!!!


قاطعته :أمن أجل تلك التجربة تمنيت ماتمنيت ؟!!
قال بغضب :لم تكن تجربة .. لم تكن تجربة ..
كانت أحلامي التي تمزقت , حياتي التي تدمرت , عقلي تفكيري احترامي لنفسي وتقديري لذاتي .. لم تك قط تجربة ..
قالت : ولكن تخيل أنك تمتلك تلك المهارة وكل البشر أصبحوا أمامك كثوبٍ شفاف ترى كلما بداخله .. أتراك ستكون سعيداً ؟!!
قال : على الأقل لن أُجرح ثانية ..
قالت: ومن قال أن من يخدعك إنما يريد جرحك ؟!!البعض يخدعك ليجاملك والبعض يخدعك ليسعدك !!
قال: يخدعني ليسعدني ؟!!
قالت:نعم كالأم من فرط حبها لأبنها لاتنفك تُسمعَه بأنه الأفضل والأحسن والأذكى !!
منْ مِن البشر لايخادع ولو للحظات في حياته ؟!!!
أنت في بدايةحديثنا ألم تحاول خداعي لتعرف عني أكثر ؟!!
تبسم : ليس هذا الخداع الذيأقصده ..
قالت : فديتك ..كله خداع ..
صدقني من رحمة الله بنا أن لم يهبنا تلك القدرة وإلا لأصبحتِ الحياة لاتُطاق !!


عاد إلى كرسيه وقال مُتهرباً :صدقتِ تخيلتُ الآن حالي فسرتْ في جسدي قشعريرة رهيبة !!!
من الخير لنا ألا نملك هذه المقدرة حتى نقوى على الحياة مع البشر !!


أخذتْ اللوحة من على مكتبه وأعادتها إلى مكانها ومسحت عليه بيدها وقالت :
طالما أننا لانملكُ هذه القدرة فمن الأفضل أن نضع مايذكرنا بالخطأ حتى لانقع فيه ثانية .


خاطبها قائلاً :هل أسألكِ سؤالاً فيه من الوقاحة الشيء الكثير ؟
تبسمت وقالت : تفضل , قال: هل كنتِ تملكين تحقيق تلك الأمنية ؟
ارتسمت على شفتيها ابتسامة طفولية عريضة وهزت رأسها وقالت بطفولة :لا


ضحك وضحكت وقالت : أين الوقاحة في سؤالك ؟!!!
قال: ألم تتمني قط تلك الأمنية ؟
سكتت !!
أعاد السؤال ولم تجب !!!
جلست على الكرسي وطأطأت رأسها !!!
رفع ذقنها براحة يده وقال لها :
أما زلتِ تحبيه؟
أمسكت بيده ووضعتها على خدها وقالت له : أرجوك .. أمنيتك الثانية ..


سحب يده وأمسك بيدها بكلتا يديه واستحثها على النهوض معه فنهضت
تقدم نحو صندوق زجاجي وضع فيه أحجاراً جمعها من البحر .. مد يده داخل
الصندوق أخرج منه حجراً ألوانه رائعة أخاذة ..
قال : هذه أُمنيتي وأعطاها الحجر بيدها !!! أمسكت الحجر وسألت باستغراب : أن تكون حجراً؟!!!
أمسك بيدها ووضعه على صدره وعلى قلبه تحديداً وقال :لا ... هذاأريده أن يكون حجراً !!


لاأُريدُ من بعد أن اهتز لرؤية دمعة حزين .. ولاانكسار مكسور .. لاأريد أن أشعر بأحد, لابه ولا بهمومه ولا بأحزانه !!أريد أن أمر على القلوب مرور الكرام من الأحجار !!!!!
تعبت - والله - تعبت!!!!
ماعدت أقوى على حمل كل هذا !!!
أرجوكِ حققي لي هذه الأمنية فقط أرجوكِ ...


لم يسمع لها صوتاً فالتفت خلفه فوجدها منكسة الرأس وعيناها تذرف الدمع بغزارة !!
توجه نحوها وأمسك بيدها وأجلسها على الكرسي وقال لها بكل حنان :مابكِ ؟!!
لم أقصد – والله – شيئاً, مابكِ أرجوكِ ؟!!
قولي لي أي جزء من أمنيتي جرحكِ وأنا أتنازل عنه على الفور ..
سكتت واستمرت في البكاء !!
قال : كل أمنيتي سأتنازلُ عنها ماعدت أريدها فقط أخبريني مابكِ أرجوكِ ؟


جثا أمامها على ركبتيه وأمسك بيدها وضمها إلى صدره بكلتا يديه ونظر نحوها وقال :أرجوكِ ؟
سحبت يدها من يده , أعادت شعرها للخلف وقالت : من مثل هذه القلوب فضلتُ الحياة في مصباحٍ ضيقٍ مظلمٍ لامكان فيه لنسمة أملٍ حتى!!
لما أخرجتني شعرتُ بفرحة غامرة .. ولما تحدثتُ معك شعرتُ بنسائم الأمل تغزو قلبي المُغلف بالجمود منذ دهر !!!!!
والآن تطلب أن أحول قلبك بيدي إلى قلبٍ فررت من حياتي وأحلامي ومني هرباً منه ؟!!!
وعادت للبكاء
وقف على قدميه ومسح دموعها بيده وسحب كرسيه جلس بجوارها وقال ضاحكاً:
وهذه أمنية لاطاقة لكِ بها فتملصتِ منها !!
ووضع أنفه على أنفها وعينيه في عينيها وقال لها: صواب ؟
نظرت في عينيه وتبسمت وقالت: صواب ..
ثم تراجعت للخلف وقالت : أمنيتك الأخيرة لو سمحت..


فنظر نحوها وتمتم بكلامٍ غير مفهوم وبسرعة وسكت !!!
فقالت باستغراب: ماذا قلت ؟!!
قال : كأني قلتُ أمنية وكأنكِ حققتها لي حتى لاأُحرجكِ !!
وضحك وضحكت
وقالت : أرجوك ألا تستهين بقدراتي ..
قال : أُدعابكِ والله ..
تبسمت وقالت : أعلم ذلك .. هات أمنيتك الأخيرة ..


قال : لن أخبركِ بأمنيتي الأخيرة ولكن سأكتبها على ورقة وستفتحينها بعد أن تقولي لي طلبكِ..
أما قلتِ أن لي ثلاث أماني ولكِ طلبٌ واحد..؟
قالت : ولكن ..
قال : أرجوكِ , وسحب ورقة وقلماً وكتب فيها أمنيته وطبقَ الورقة ووضعها في يدها وقال: ماطلبكِ ؟


قالت بعد أن تبسمت : طلبي أن تُرجعني إلى المصباح وتُعيدني إلى المكان الذي أخرجتني منه ودون أن تناقشني في الأسباب أو تحاول إقناعي بغير ذلك فأنت لو فعلت ذلك فستضيع وقتك هدراً..


تبسم ونظر نحوها وقال: الآن افتحي الورقة


فتحتها واغرورقت عيناها بالدموع عندما قرأت


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



وفتحت فمها لتتحدث ..


*
*


رن جرس الهاتف انتفض كالمذعور وكأنما استيقظ من حلم !!


بعد رناتٍ رد جهاز الرد الآلي على المتصل جاء الصوتُ وقوراً :


(( مساء الخير ياأحمد أنا الدكتور سامي أعتذر على إزعاجك بحثتُ عنك كثيراًوهاتفك النقال مُغلق وأنت لم تحضر حتى الآن أربع جلسات متتاليات !!! وأنت تعلمُ أن العلاج النفسي يحتاج إلى الصبر والمتابعة والاستمرار ولا أُحَبِذُ أن تنقطع بعد أن قطعنا سوية –وبفضل الله – شوطاً كبيراً في حالتك.. أنتظرك في العيادة ياأحمد ..


الدكتور سامي ))


انتهى الاتصال, تلفت أحمد في الحجرة .. لم يجدالجنية واتجه مُسرعاً نحو المصباح , وجد مكانه قطعة حديد قديمة علاها الصدأ !!


ونظر إلى ذراعه فلم يجد تلك النقاط السوداء التي تسبب له بها قنديل البحر.!!!


ووجد على الطاولة دفتر رسوماته مفتوحاً والكرسي الذي جلست عليه الجنية موجوداً في نفس المكان الذي سحبه إليه !! ووجد الورقة التي كتب عليه بخط يده ابقي معي ..!!


مسح شعره بيده ورمى بنفسه على الكرسي ثم نهض متثاقلاً وتوجه نحو الهاتف وضغط على زر إعادة الأرقام فرن الهاتف من الجهة الأخرى فأجاب صوتٌ وقور :
أهلاً أحمد أتمنى أن تطلب مني أن نُحدد موعداً ؟!!
قال أحمد : نعم يادكتور سامي وأرجو أن يكون قريباً


أغلق الهاتف وأطرق نحو الأرض ثم رفع رأسه وتلفت في الغرفة
وبدل ملابسه وخرج ..


ولم ينتبه أن اللوحة التي على الجدار قد أصبحت لوحة فيها وردة حمراء بوريقات خضراء وخلفية بيضاء ودون إطارٍأسود !!!!


.
.
.




أحمد النجار