عرض مشاركة واحدة
قديم 03-21-2012, 09:39 AM
المشاركة 129
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الفصل الرابع :

ما هي الملامح التي تشير إلى الاستعداد العبقري لدى الطفل؟ أي ما هي الصفات والسمات التي يمتاز بها الطفل مشروع العبقري، وتؤشر إلى إمكانياته العبقرية المستقبلية المحتملة؟

لقد أظهرت دراستي لطفولة مجموعة كبيرة من العباقرة الأفذاذ أنهم كانوا في طفولتهم يشتركون بعدة صفات وسمات مميزه وواضحة. ولا بد أن هذه الصفات والسمات تشكل مؤشرات وملامح لوجود الاستعداد لدى الطفل على الانجاز العبقري في وقت لاحق. وهي حتما مؤشر على أن من تظهر عليه هذه الصفات هو مشروع عبقري في طور التكوين والتشكل. وانه أذا ما تمت رعايته وكفالته وتوفير الدعم والمساندة له، وأتيحت له الفرصة للتعلم، وإتقان المهارات في مجالات محددة، سنجده قد تحول في وقت لاحق إلى عبقري فذ في ذلك المجال.

وحيث أن العباقرة في معظمهم يأتون من بين الشرائح المهشمة أو الأطفال الذين تعرضوا لصدمات ومآسي في طفولتهم، فلا بد أن ذلك يشير إلى أن هذه الصفات والسمات والملامح مرتبطة بمرور الطفل بمثل هذه المآسي وهي نتيجة لها.

ولا شك انه يكون لهذه التجارب المأساوية في الطفولة المبكرة اثر مؤلم، وقد يؤثر هذا الأثر المؤلم سلبا على الطفل فيشعر بعدم الطمأنينة وربما التعاسة والقلق, وربما يتكون لديه مفهوم سلبي عن الذات، لكن غالبا ما يكون لهذه المآسي اثر ايجابي عظيم يتمثل في تشكل دفق هائل من الطاقة التي تدفع الدماغ لان يعمل صورة فوق عادية، وإذا ما تم استثمار هذه الطاقة وتوجيهها بصورة سليمة فهي حتما ستؤدي إلى ولادة مخرجات عبقرية فذة في وقت لاحق.

أما الصفات والسمات التي تظهر على الطفل مشروع العبقري والتي تصاحب وجود الطاقة الذهنية الهائلة الناتجة عن مرور الطفل بالمآسي والأزمات التي تمت الإشارة إليها، وبالتالي تصبغ سلوك الأطفال مشاريع العظماءـ وتؤثر فيهم بشكل جلي، واضح، فتشمل بشكل عام: امتلاك الطفل نشاط هائل قد ينعكس في حالة قلق ظاهر، وكثرة حركة، وعدم استقرار. وقد يبدو الطفل مشروع العبقري غريب الأطوار، هادئ الطبع أحيانا، منعزل، حزين، انطوائي، يميل إلى الجدية والعزلة والابتعاد عن الناس، شديد الحساسية، وينزع إلى الوحدة.

وقد تتشكل بينه وبين اقرأنه فجوة ويلازمه شعور بأنه إنسان مختلف. وقد يجد صعوبة في الانسجام مع نظام التعليم الرسمي، على الرغم من وجود شغف بالقراءة وحب التعلم والتحصيل المعرفي والتثقيف الذاتي. كما انه قد يظهر فطنة في سن مبكرة، وقد نجد أن لديه قدرة على الحفظ وبعضهم يمتلك ذاكرة فوتوغرافية.

كذلك فأن مشروع العبقري يمتاز بسعة الأفق واتساع الخيال، ولديه حلم، ونجده وكأنه صاحب مشروع يسعى لتحقيقيه، وقد نلاحظ عليه بأنه شارد الذهن، ونجده كثير الأسئلة خاصة حول القضايا الوجودية، وقضايا الموت والحياة، وما إلى ذلك من قضايا فكرية ووجدانية، فلسفية، عميقة.

وقد يظهر على مشروع العبقري ميل إلى الكتابة الإبداعية في سن مبكرة ويكون صاحب قلم متدفق ومخرجات إبداعية مؤثره للغاية. وقد يكون له حضور بارز، وأحيانا يكون له حضور طاغي وتأثير كبير على محيطه، ونجده قادر على خلق شعبية عظيمة، وقد يظهر لديه ملامح الشخصية قيادية، ذات الكرزما الواضحة والجلية.

ونجد إن الطفل مشروع العبقري وكنتيجة لما يعتمل في داخله من الم، وكنتيجة لوفرة الطاقة المتدفقة في ذهنه قد يتصرف أحيانا بشقاوة وعدم انسجام، وربما يميل إلى الخروج عن النظام، لا بل وأحيانا يعبر عن نفسه بصورة صارخة، ويسعى للفت الانتباه من خلال تصرفات، وسلوك غير مقبول اجتماعيا مثل التدخين. وقد تؤدي تصرفاته الشقية وغير المقبولة، والخارجة عن السائد والمألوف إلى طرده من المدرسة.

أيضا قد يُظهر الطفل مشروع العبقري بأنه لا يفهم شيئا في مجال معين، وتكون نتائجه الدراسية في مبحث معين متدنية، لكنه يظهر في وقت لاحق براعة غير متوقعة ويصبح مع الزمن عبقري في ذلك المبحث بالذات، كما حصل مع اينشتاين الذي كان يبدو عليه في طفولته انه لا يفهم شيئا في الرياضيات، لكنه أصبح أعظم عقلية في مجال الرياضيات، والعبقري الأول في المجال في وقت لاحق.

- فما سر العبقرية؟ بمعنى: كيف يعمل الدماغ عند الإنسان العبقري؟ وما هي الآلية التي يعمل بها الدماغ العبقري؟

يتبع،،،