أنت وجريدتي ... والمقهى
أنتِ وجريدتي ... والمقهى
ليت هذا الصبر يمنحني قليلاً من الوقت حتى يتسنى لي أن أغمض عيني
عن رؤية هذا السواد الأليم
ما عدت أحتمل المكوث خلف هذه النوافذ التي يغشوها التراب
والتي ينأى عنها الريح والمطر ... كلما استفقدت مدينتك العائمة فوق صفائح الزجاج
وحدي أقف على ناصية الوقت ... أتامل عقارب الساعة وهي تغوص في جوف الثواني
وحدي هنا ... أرتدي معطف المطر
ألملم عن وجه الليل سواده
أبتاع جريدتي اليومية من حانوت يقبع في آخر شارع تصل إليه الخطى
أدخل مقهى ... شبه مظلم
مصابيحه ... لا تضيء
أسمع الوجوه ... أتحسس الأصوات
وكأني أسمع التنهدات تخرج من المقهى إلى
أدنى شجرة مغروسة فوق الرصيف المحاذي لمجرى لاشيء به.
أفرد الجريدة في النور المنبعث من آخر زاوية في المقهى
لا استطيع رؤية الحروف
فلا أقرأ ...
اكتفي بتأمل الصور ...
وعيني تلاحق الصور ... كأنها تخشى أن تفر من صفحات الجريدة
أفتش عن ملامح أناس أعرفهم بين الصور ... أو ربما رأيتهم في نشرة أخبار التلفزيون المسائية ... أو في مسلسل يعرضه التلفزيون الساعة العاشرة كل مساء
أعود وأتذكر بأني لست من هواة مشاهدة المسلسلات
فأنا مكتفٍ بمشاهدة مايطلق عليه تلفزيون الواقع
Real television
وكم كنت مشدوداً حين قرأت لأول مرة في إحدى الصحف الأجنبية عن برنامج الأخ الأكبر
Big Brother
وعن خروج إحدى أخواتنا من بنات المغرب العربي من المسابقة
وكم قامت الدنيا ولم تقعد ... ليس لأنها لم تنجح في إكمال البرنامج إلى نهايته
بل للأوضاع الفاضحة التي قالوا أنها ظهرت بها في البرنامج ...
هذا لا يهم البته ...
ما يهم يا حبيبتي (لا حظي كلمة حبيبتي هذه المرة)
انني مشغول ... في عز هذا الظلام الذي يكتنف المقهى ويكتنفني
أن أجد صورتك
أو أن أجد أثراً يدلني إليك
لم أجد إلا ظلاما ً سادرا ً يغطي زوايا المكان
وأنا وحدي هنا قابع أسترق الوقت كي يأتي النور
وتأتين أنت.
"البستاني"
محمد الخضري
التعديل الأخير تم بواسطة حميد درويش عطية ; 03-20-2012 الساعة 09:37 PM