عرض مشاركة واحدة
قديم 02-25-2012, 10:11 PM
المشاركة 2
طارق الأحمدي
أديــب وقاص تونسي
  • غير موجود
افتراضي
كم هي ممتدة صحراء هذه النفس وكم هي قاحلة ..
كم هي موحشة مساحات هذه الروح التي تحضن الخراب والذكرى ..
بالأمس القريب تفتحت زهرة في ركن قصي من تلك النفس فانتشر الدفء وأفاق الربيع من خلف الأماني ورفرف عصفور يهفو لبناء العش ..
بالأمس القريب كانت تلك الروح نابضة بالحياة ترتفع عرصاتها شامخة على كثبان الأمل والأحلام ..
وشتّان بين الأمس واليوم .. بين الأمل والألم .. بين الصحراء والخضرة .. بين العمران والخراب ..
لك الله يا قلبه ..
بالأمس جرى فيك دم العشق واليوم تنزف ألما ..
بالأمس حاولت جاهدا تحطيم الضلوع لتطير إليها حاملا الفرحة واليوم تحطّمت ضلوعك لتئد قلبك المسكون فزعا ..
لك الله يا قلبه ..
بالأمس كان لصباحك طعم آخر .. لم تكن الشمس لتنثر خصلاتها الذهبية قبل أن تمرّ على نبض القلب تحمل بعضا من لهفته لشرفتها العالية .. لم تكن النسمات لتجرأ على الذهاب بعيدا قبل أن تدقّ على أبواب القلب الذي يهفو لعطرها ..
واليوم غزاك ظلام الوحدة يا قلبه .. سكنك الجمود وتوقّفت فيك الحياة .. هجرك ذاك الطير بعد أن جفت أعواد العش في منقاره .. هجرتك شمس الأماني الدافئة .. هجرك الصباح فلا تنتظر رسالة بعد اليوم ..

بل لك الله يا قلمي ..
لمن تخط هذه السطور الحزينة وهي لن تصله عند الصبح .. لن ينتظرها عند المساء ..
لقد سافرت روحه يا كلماتي ..
ذوت روحه .. لم تطق بعدها فراقا .. ذبلت بتلاتها .. دخلتها صفرة .. سافر عنها الدفء ..
لقد تعذب كثيرا .. عذّبه موتها .. صار يعشق الفناء بعدما كان يتمنى العيش معها طول العمر ..
لقد مات العاشق ..
ذهب يبحث عنها في مكان أرحب وأكثر أمانا وأكثر إشراقا ..
لقد لحقت بها روحه ذات فجر بعد أن تخلصت من الجسد الذي يعيق اللقاء ...

ذهب بعيدا وبقينا نحضن بقية من حزنه والكثير من أمله ..

الكاتبة الرائعة : أنين أحمد

لقد غاص قلمك عميقا في أرض الواقع يستنبط منها حكايا العشاق ومآسيهم ..
وقد أبدع في ذلك .. وإبداعه يكمن في قسوته ..
سعدت جدا أني كنت هنا ..
سلمت وسلم مدادك .

ودمت بود .