عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
9

المشاهدات
4133
 
يعقوب العبادي
من آل منابر ثقافية

يعقوب العبادي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
167

+التقييم
0.04

تاريخ التسجيل
Aug 2011

الاقامة

رقم العضوية
10352
02-23-2012, 03:08 PM
المشاركة 1
02-23-2012, 03:08 PM
المشاركة 1
افتراضي الاسْتِنهَاضِيّة
(الاستنهاضية في استنهاض البرية)


صروف الدهــر بين العالمينــا === تقلب صرفهـــــا حينـــــا فحينـــــــا
وأيام تمــر علـــى البرايـــــــــا === كومضـة بارق أو مـــــا ترينــــــــا
فلا تعمى عيون فـي البرايـــــا === ولكن في قلـــــــــوب الناظرينـــــــا
لعمري فالزمان لـــه سهــــــام === وشوك من قتــــــاد الطاعنينــــــــا
إذا أبدا سرورا فيــك حينـــــــا === يضاعف بطشــــــه كالموغلينــــــا
فيعبس قمطريرا في عـــــــداء === يكشر في وجــــــوه الطامحينا
فإنك ذو صــروف قاهـــــــرات === وإنك ذو انقـــــــلاب المجتلينــــــــا
فهل نرجو حيـاة فـي رخــــــاء === فلا سقما ولا كـــــدرا وطينـــــــــــا
وهل دنياك هذي فــي أمـــــــان === فتمرح في ســـــرور الخالدينـــــــا
على نعش سنحمــل ميتينــــــــا === وكنا بالأكـــــــف الحاملينـــــــــــــا
لمن مال تجمعه الأيـــــــــــــادي === تكون غدا لأيــــدي الوارثينــــــــا
لمن نبني قصورا باسقـــــــــات === ونحن غدا نكـــــون الراحلينـــــــا
وليس مصيرنا إلا المنايـــــــــــا === فأمر الله كـــــــــــل يحتوينـــــــــا
نصير إلى رغام في رغــــــــــام === وكنا قبل عنـــــــــــد الدافنينــــــــا
وما عيش الفتى إلا ثـــــــــــوان === تمر كبرهـــــة ليســــت سنينــــــا
فعش فيها كمن يمشي سبيـــــلا === على أقدار من أهـــــداك دينـــــــــا
وعش فيها وفيا في حيــــــــــاء === أمينا في رحــــــاب المؤمنينــــــــا
فدع ما لا سبل له لـــــــــــــــدار === تخلد في نعيـــــم الذاخرينــــــــــــا
فما زاد النفوس إلى جنـــــــــان === سوى التقوى وخيــــر الفاعلينــــا
متى أقصرت من قيل وقــــــــال === فأنت حكيم دهــــر الفانيينــــــــــــا
رويدك أيها الطين الحقيــــــــــر === تأن فأنت أصــــل المحشرينــــــــا
فقد رانت قلوب في البرايـــــــــا === وزاغت أعيــــن المستكبرينــــــــا
زمان إنسه جاروا بظلـــــــــــــم === أساءوا في البرايــــا مرغمينــــــا
زمان حول الأخيار صرفــــــــــا === أشر الناس أنى قــــد عمينــــــــــا
أخير الناس أكثرهم فســــادا === وشر الناس خيــــر المؤمنينـــــــا
فليس الدهر إنســـانا بعقــــــــل === نعاتبه وقلــــــــب رادعيينــــــــــا
وليس الخوف من ذئب البراري === كخوف من رفــــــاق أقربينـــــــــا
إذا ما كنت في البيداء ذئـــبـــــا === يغور عليك ذئــــــب الماكرينـــــــا
إذا دارت عليك الأسد يومــــــــا === فكن ليث الليــــــوث لمعتدينـــــــا
وكن جلدا طموحا للمعالـــــــــي === ولا يثنيك حقـــــــد الحاقدينــــــــا
وكن علما على جبل شمـوخ === كميــا في محـــــــاوره مكينـــــــا
وكن مجدا على أرض تليــدا === تدير الخطب بالشورى رزينــــــــا
وكن جبلا تصد الريح صــدا === فلا ريح تهـــــــز ولا تلينــــــــــا
ولا مجد يقوم بجهل قــــــــــوم === فهبوا للمعـــــــــــالم مقبلينــــــــــا
ولا بنيان قوم دون خلـــــــــــق === يقوم وهم أســـــاس القائمينـــــــا
ولا زمن سيورثك المعالــــــــي === بلا كد ومجــــــد الناهضيـــــــــــا
فلا أم النجوم بلغت ترقـــــــــى === ولــكن في مـــــلاط الأرض طينــا
ولست ببالغ منه الثريـــــــــــا === وأنت ربيع قـــــوم مارقينـــــــــــا
إذا لم تعطك الأيام درســـــــــا === فأنت جهول قـــــوم جاهلينـــــــــا
إذا ما أنت تقنع في قليــــــــــل === فلن يكفيك بحـــــر المالكينــــــــــا
فاعمل في دناك لكســــب رزق === كأنك في حيـــــــــاة الخالدينــــــــا
واعمل للمعــــــــاد كأن مــوتا === كطرف العين عنـــــد الناظرينــــــا
وأنى كيف ينصرنا زمــــــــان === وإنس الدهر كانوا الماكرينــــــــا
وكيف بنا يناصرنا زمــــــــان === وقل الصدق عنـــــد القائلينــــــــا
فهل من مبلغ بالصدق قـــــولا === فلا إفكا كــــــــإفك الآفكينــــــــــا
وقوم قد مشوا بين البرايـــــــا === بألسنة حـــــــــداد طاعنينـــــــــا
أنمشي نقدح الأخيـــار منــــــا === لعمري هم قلــــوب العارفينــــــا
أنغتاب البرايا كـل حيــــــــن === وهم أحبابنا منـــــــــا وفينـــــــا
أيأكل بعضنا من لحم بعـــــض === ونطعن في ظهور المحسنينـــــا
أيغدر بعضنا بعضـــا ريــــــاء === ونصطنـع التصافـــي ماكرينــــا
أنمشي بالنميمة في دهــــــاء === ننـم الناس نحلفهــــم يمينـــــــا
أيسخر بعضنا من بعض قـوم === ونقدح فيهـــــم مصتصغرينـــا
أنتبع كل حــــــــلاف مهيــــن === ونأخذ قولـــــــــه متملقينـــــــا
وهل ذئب سيأكل لحم ذئب === ونأكل لحم بعض غادرينـــــــــا
فلا تأكل لحوم الناس ميتا === فقلب الليث لن يبقى رهينــــــا
فذد عن كل ظن فيه سوء === ولا تك في دروب الممترينــــا
ولا تسلك سبيل الغي عميا === تحيد عن الكرام المبصرينــــا
ولا تترك هواك بلا دليل === فتهوي في قعور الساقطينـــا
ولا تغررك ألسنة ضحاك === خفايا من سموم اللاسعينـــــا
ولا تذكر أخاك بسوء قول === فترمى من كلام اللائمينــــــا
ولا تكثر كلاما عند قوم === بلا فكر وعلم الوارثينــــــــا
ولا تنطق بما لا علم فيه === ستروي من معين الجاهليــنا
ولا تأمن زمانا لان يومـا === سيرمي من سهام الطاعنينـا
ولا تذهب زمانك في الهواجـي === وتبقى دون زاد الراحلينـــــا
ولا تغفل عن الرحمن ذكــــرا === وحلق في سماء الذاكريينــا
ولا تترك جميلا دون فعــــل === تسر به بدار الخالدينـــــــــا
ولا تأسف على زمن تقضــــى === وبادر في زمان القادمينــــا
ولا تفرح لمدح فيك وجهــــا === وإن أدبرت كانوا القادحينـا
ولا تصحب من الجهال قومـــا === فشر ما صحبت الجاهلينـــا
ومن بات انتقادا في البرايـــــا === سيبقى دون صحب تاركينـا
ومن يترك فضول القول صمتا === سيؤتى حكمة في الناطقينـا
ومن يترك فضول الأكل زهـــدا === سيؤتى لذة المتعبدينــــــــــا
ومن ترك الدنا ورعا وتقـــوى === سيؤتى حـب آخراه يقينـــــــا
ومن يقلل من الضحك احترازا === سيؤتى هيبــة المتوكلينــــــــا
ومن يقلل مزاحا في أمـــور === سيؤتى من بهاء المشرقينـــا
وهل تدعى حكيما في البرايـــا === وتلهو مثل لهو المترفينــــــــا
فلن يزن الحياة سوى حكيــــم === يسايس أمرها شدا ولينــــــــا
فلين دون ضعف في البرايـــا === شديد دون عنف الجابرينـــــا
سلوا الأيام هل أبقت أناسا === تراب كلهم صاروا دفينــــــــا
فأين ملوك أرض في قصور === بأسوار وجند حارسينـــــــــا
لقد سقيتهم كأس المنايــا === جميعا في قبور الميتينـــــــــا
أتاهم هادم اللذات جهـــرا === وأفنى حلمهم متصارعينــــــا
غزاهم غفلة فتكا وقهـــرا === وهم ضنوا بدار آمنينــــــــــا
مضوا والكل ليس يروم تركـا === لمال أو لزوج أو بنينــــــــــا
فليس لهم خيار في حمام === وليسوا من حمام آبقينـــــــــا
وهذا حال دهر في أناس === يغير عليهم متضاحكينـــــــــا
ليالي الموت ليس لها مجيــــر === يدبرها حكيم العالمينــــــــــــا
كأن حياتهم كانت خيـالا === وما عاشوا على أرض سنينا
فمن ذا خالد يحصي الليالــــي === ومن ذا دائــم فيها مكينــــــــا
فكم بالموت من عبر توالت === كفى بالموت خير الواعظينــا
فما لك غير قبر في تراب === نعيم أو عذاب الخالدينــــــــــا
فلن يبقي لنا الدهر حبيبا === ولا كانت حياة الخالدينــــــــــا
ولو كان الخلود فأين رسل === من الرحمن فينا مرسلينـــــــا
ولكن البرايا في غــرور === قلوب كالحجارة لا تلينـــــــــا
وكل قد تهاون والمنايــا === إلى الحلقــوم للمتغافلينـــــــــا
فكل يدعي إخلاص حـــــــب === ولكن أين حــب المخلصينـــــا
وكل يدعي وصلا لرحــــــم === ولكن أين وصل الأقربينــــــــا
وكل يدعي نصحا ورشــــــدا === ولكن أين نصح الواعظينــــــا
وكل يدعي صدقا لقـــــول === ولكن أين صدق القائلينـــــــــا
وكل يدعي علما ودينـــــــا === ولكن أين علم الوارثينــــــــــا
وكل يدعي تقوى وزهـــــــدا === ولكن أين زهد الزاهدينـــــــــا
وكل يدعي دمعا لبيـــــــن === ولكن أين دمع الفاقدينـــــــــــا
وكل يدعي إخلاص فعـــــــل === ولكن أين فعل المخلصينـــــــا
وكل يدعي صدق التآخــــــــــي === وأين إخاء صحب أكرمينـــــا
وكل يدعي الإصــــــــلاح نهجا === ولكن أين نبض المصلحينــــا
فهذا حال طين في زمــــــــــان === تكدر صفوه دنيا ودينـــــــــــا
فهذا يفتك الأعراض فتكا === وهذا يلمـــــز الألقاب حينـــــا
ويفسد في التآخي وصل صحب === قد اعتصموا بحبل الله دينـــــا
كأن الناس قد أمنوا فعاشوا === وعاثوا يفسدون الناشئينـــــــا
كأن الأرض لن تطوى عليهم === ولن يحثوا بترب نازلينــــــــــا
قد اتخذوا الفساد لهم شعارا === وإبليس اللعين لهم قرينـــــــا
ويخفون النفاق بلا ضمير === ويبدون التآخي سالمينـــــــــا
يدسون التحاسد في نكوب === ويبدون الصفاء مخادعينـــــا
فقد باعوا ضمائرهم ببخس === إلى شيطان دهر خاسرينـــــــا
فأين مكارم الأخلاق ولت === وأين فضائل في الأفضلينــــــا
أكل فضيلة ولت وماتـت = == مع الخلصاء خير الفاضلينــــا
فليس الفقر في مـــــال وجــاه === ولكن في نفوس الخلق دينــــا
إذا مات الوفاء فلا حــياء === ولا شيم تصد المارقينــــــــــــا
وإن مات الحياء فلا أمـــان === وهز الخوف دار الآمنينــــــــــا
فقد مكروا وقد ظلموا وعابـوا === وإن الله خير الماكرينــــــــــــــا
وعم الظلم بينهم جهــــارا === وناموا ليلهم متظالمينـــــــــــــا
وما في وعدهم إلا خــــداع === ومكر من صروف الماكرينـــــا
وصمت المرء خير من سفيـــه === وخير من لسان الشامتينــــــــا
فهم في غيهم ظلما بظلــــــــم === وهم في لغوهم يتفكهونــــــــــا
وصمت فيك يورثك المعالــي === وأنت به حكيــــم الناطقينـــــــا
وصمت منه تهوي في حضيض === إلى درك كأسفـل سافلينــــــــــا
وكن صما وبكما في ديـــــــــار === أتى فيها سفيه الفاحشينــــــــا
إذا جاريته سيزيد قبــــــــحا === وفحشا في محاوره مشينـــــا
يبش لكل ملتفت إليــــــــــه === بسوء القول يغوي السامعينـا
إذا جاريت في قول سفيهـــــا === تكون ومن معاك الأمثلينـــــــا
وهل في الناس من لا عيب فيه === فلسنا من عيوب سالينــــــــــا
نفتش عن عيوب الدهر سترا === ونحن ذوو العيوب وقد بلينــا
كمال المرء في الدنيا محال === وليس سوى لرب العالمينـــــا
وليس يكون دون النقص شيء === ولا خلق الإله الكاملينـــــــــا
وليس المرء يسلم من معيب === ولو يرقى برقي الراقيينـــــــا
نفاق في نفاق من برايـــــــــــا === وكبر في نفوس الطالحينا
فظاهرهم صلاح وهو مكـــــــر === وباطنهم خلاف ساترينا
فهل غدر الزمان أم البرايـا === بما اقترفوه ظلما ماكرينـــــا
وهل وصل يكون إلى حبيـــب === وقد ولى زمان الواصلينــــــا
وطبع الدهر تفرقة وجمـــع === سرور ثم حزن الفاقدينــــــــا
فصار الحب خبا في البرايـــــا === وصار الود لغم الكاشحينـــــا
فحب الجاهلين على قشــــــور === وصاف منه حب العاقلينـــــــا
فقد ولى زمان في نقــــــاء === طهور من قشور المارقينـــــا
فأين رعيل قوم في صفــــــاء === وهم بالحق كانوا الصادعينــا
وهم أجيال ماض في يقيــــــن === وبالإسلام شرع المسلمينـــــا
هم القرآن يمشي في ضيـــــاء === على أرض الملا مستبصرينـا
وهم بالعدل ساروا في قضـــاء === بحكم في البرايا عادلينـــــــــا
وهم قوم هدوا هديا قويمـــــا === صراطا مستقيما ناهجينـــــــا
وهم ماء الحياة وهم معيــــــن === وهم شريان دهر راويينــــــا
هم الأنوار في ظلم الليـــــــالي === وأسد الغاب صدوا المعتدينـا
وهم نظموا عقود المجد سمطا === وهم للمجد كانوا العاشقينـــا
وهم قرعوا المنابر في حبــور === قياما في البرايا خاطبينـــــــا
أصاخوا نحوهم صمتا وسمعـا === أفاضوا من إناء ناضحينــــــا
وهم خاضوا عباب البحر دهرا === وغاصوا في بحور العالمينـا
فهم رحمات من رب البرايــــا === كما تروي السماء الضامئينا
فكم روت السماء عطاش قوم === بماء من غمام الذاكرينـــــــا
وكانـوا كالنجـوم تنير ليـــــلا === كأقمار الدياجر نيرينـــــــــــا
لهم غرر كوجه البــــدر نـورا === كشمس في ضحاها مشرقينا
أضاءوا دهرهم نورا وفكـــرا === وعلما من معين المرسلينـــا
إذا نطق اللسان بكل قـــــــول === من الأقوال كانوا الصادقينـــا
فعاشوا دهرهم مجدا وعـــدلا === وماتوا بعد حبل واصلينــــــا
فلا شق الغبار لهـــم سبيـــلا === ولا كانوا بدهـــر قانطينــــــــا
وقالوا ربنا اللـــــه بحـــــــق === يقينا فاستقامــــوا متقينــــــــا
ولم يرضوا لأمتهم هوانــــــا === فهبوا للعـلا متداركينــــــــــــا
وزهد في حياتهم إبــــــاء === وكانوا دهرهم متورعينـــــــا
وكانوا سادة في كل شبـــــــر === تهابهم الأسود مشمرينــــــــا
يقول المرء كان أبي وجـــدي === أباة لا تراهم خامدينــــــــــــا
فما يجدي من الماضي افتخار === وأنت علـى دروب السافلينــا
فدع عنك الفخار وكن طموحا === إلى العليــا كسير الماجدينــــا
فما بلغ العلا إلا طمــــــــــوح === يجد السير نحو الطامحينــــا
فلست تسود بالماضي رقيــا === إذا ما كنت مثل الناهضينــــا
إذا ما الجهل خيـم في بــــلاد === فلن ترقى بلاد الراقدينــــــا
ولكن من سيصغي باستمــاع === لقول فيه حق الناطقينــــــــا
وقوم في ملاهيهم سكــــارى === وقوم في عنــاد كاشحينـــــــا
فهم فيها ذباب حــــــط داء === ولهوا في المعاصي مترفينـــا
فيا خير الشعوب إلى معـــال === إلى عليائكــــم متسابقينـــــــــا
فهبوا يا شباب الجيل مجــدا === كفاكــــم من سبات راقدينـــــا
وقوموا ياشباب الجيل جمعا === إلى آمالكــــم مستنهظينـــــــــا
وقوموا يارجال العلم فكرا === إلى أجيالكـــــم متدارسينـــــــــا
وقوموا يارجال الدين وعظا === إلى الأجيال فيهــــم ناصحينــــا
فلا نصر من الرحمن حتـى === تكونوا للنفوس مغيرينـــــــــــا
فمن للدهر في إحياء جيل === ومن للدهر من للمسلمينــــــــا
فنار الجور في لهب سعير === فمن يطفي سعير الظالمينــــــا
فإن صب الإله لهـم عقابـــــا === لأضحوا في ديار جاثمينـــــــــا
فهم في الدرك في نار تلظــى === أسفل في جهنم سافلينــــــــــــا
شرابهم حميم مـن حميـــــــم === وغسلين طعام الآكلينــــــــــــــا
إذا نضجت جلود من جحيـــم === أعيدت في جسوم الهالكينـــــــا
يعضون الأيـادي فـي بكــــاء === أنيـن في صراخ نادمينـــــــــــا
فلا فيها مغيــث أو مجــيـــــر === وهم فيها خلـود الآبدينــــــــــا
فإن الله يهلك مــــن تعــــــــدا === ويبدلهم بقوم آخرينــــــــــــــا
ألم يأن النهــوض علـى عـدو === بلى صدوا الطغـاة مكبرينــــــا
إلهي إن أرض اللــه تشكــــي === وليس سواك يهـدي المشتكينا
عدو الله جار بكـــل قبــــــــح === وكفــر في ديار المسلمينـــــــا
وقتل في البرية دون ذنــــــب === وسفــك بعد فتك غاصبينـــــــا
فشتت شملهـم في كـل دور === وأدرك جمعهم متمزقينـــــــا
ودمرهـم وأهلكـم هلاكــــــــا === أدر دهرا عليهم صاغرينـــــا
وشردهـم ونكلهــم دمـــــارا === وعذبهم كما عاثوا سنينـــــــا
واسحقهم ببطش منك قطعــــا === واستأصل جذور الأولينـــــــا
وشدد وطأة وأغر عليهـــــم === وذللهم ضعافا صاغرينــــــــا
وزلزل أرضهم شبرا فشبـــرا === واغمرهم بهم غارقينــــــــــا
وصب عليهم سوطا بقهــــر === وأنزلهم مقام الأسفلينـــــــــا
ونق الأرض من أرجاس كفـر === ومن أنجاس قوم مشركينـــا
وعجل أمر دين الله نصـرا === على قوم عتوا متآمرينــــــــا
ولا تذر الكفور يجور بطشـــا === ولا ديار في دور مكينـــــــــا
وأدرك أمة الإسلام عــــزا === كما كانت أصـول القائدينـــــا
فهل فينا حكيم في زمــان === سيرشد في ظلام الحائرينـــا
فشبت فتنة في الدين تتــــرى === فمن للدين مـن للمسلمينــــــا
وشبت فتنة في المال حبــــــا === وعن مد المعونة مانعينـــــــا
وشبت فتنة في العـــلم جهــلا === فأضحوا مدعين وكاتمينـــــــا
وتحسبهم جميعا وهو وهـــــم === وهم بقلوبهـــم متفرقونـــــــا
وهل فينا ولي في زمان === يكون لنا أميـر المؤمنينـــــــا
وقــــور لا بلغـــو أو بــزور === بلا ران وضغـــن الضاغنينــا
كمــــي في عزيمتـــه أبـــي === حكيــم الرأي بين السالكينـــا
سليم القلب ذو صدق وبـــر === وصاف مثل مـاء الشاربينــا
إذا جن الظلام على ديــار === يكون الشمس نور التائهينــا
يغار على بلاد أن يراهــا === مهددة مــن المتطمعينــــــــــا
يقود المجد داعية بفكــر === ويعلو فـوق هـام الحاكمينـــا
يجمع شمل كل المسلمينــا === لصــد طغاة كفـر معتدينـــــــا
فيوقض أمة باتت رقــادا === ونامــت في فراش العاجزينـا
وصارت في أراضيها شتاتــا === تحركها بنــان الكافرينــــــــــا
فجاروا في أراضيها بقهـــر === وهم صاروا لها المستعمرينـا
وترجع أمة الإسلام تخشـى === كعهد محمـــد والراشدينـــــــا
وتغدو أمة أرقى مكـانا === وأرفع من مقام المشركينـــــا
وتخمد ظلم كفر في زمــان === تصدر فيه بغي اللملحدينـــــا
ويغرس في تراب الأرض حقا === لتزهر سنة المختار فينــــــــا
ويمضي يملأ الأكوان نــورا === ومنه دوي ذكر القارئينــــــــا
وينشر عدله في كل ربــع === ويقضي الحكم بين المسلمينــا
وينهض بالبرية من دناهــا === ويبني المجد صرح الشامخينا
يجدد نهضة في العرب حتـــى === يهز الأرض صوت الناهضينا
ويطوي بدعة في الدين شبـت === ويخرس كل مبتدع عزينـــــا
وينصر ديننا جهرا بجهــر === فتعلو راية الإسلام دينــــــــا
ويحي كل ميت في زمــان === أمات الدهــر فيه الفاضلينـــا
ويسطع نور فجر بعد ليـل === فنور الحــق لا يخفى دفينـــا
فتشرق شمس جيل في ضياء === تبث النور منها المستبينــــا
وتعلو كل روح في سمـــــــاء === تعانق في سماها الواصلينـا
وتمرح في المجرة في سـرور === سوابح في فضاء الحائمينا
فللأرواح زاد في نفــــــــوس === وخيرالزاد تقوى المخلصينا
به تسموا النفوس إلى مناهــا === ترفرف في سموط الذاكرينا
وتمطرنا السماء طهـور مـاء === وتنبت كل أرض مؤمنينـــا
ويصفو كل قلب فـي وداد === يعود الماء في مجراه زينــا
ويرعى الذئب والأغنام فيهــا === سويا في ربوع العادلينـــــا
يكون الحق أصلا في زمــــان === سهام في العدا لا تستكينــــا
تسير شريعة الإسلام تتــرى === بقرآن وشــرع الحاكمينـــــا
ويبقى كل شعـــب في أمــــان === عزيزا مستقـــلا مستبينــــــا
وكل في مواطنـــــه ســــــواء === يعين الشرخ فيها المستكينـا
فلا لون ولا جسد وعــــــــرق === بتقوى اللــــه كل مرتقينــــا
متى تصحو العروبة من رقـاد === فقد طالت قرون الراقدينــــا
فتنقاد الليالي في انحنــــــاء === وتقصر من نوازي الماكرينا
فقوموا كبروا الرحمن ذكــــرا === أسودا لا تهاب مزمجرينــــا
فلا يعتل بالأقدار قـــــــــــوم === هم جند لــــــرب العالمينــــا
قضاء الله والأقدار حــــــــق === فما يجد التأسف باكيينـــــــا
فما زاد التأسف غير هــــم === وحزن صير القلب حزينـــا
أنعترض القضاء وهو أمـــر === ولسنا في الحياة مسيرينــا
فسلم أمر أقدار الليالـــــــــي === إلى رب الخلائق أجمعينــا
وما أمر القضا إلا ابتـــــــــلاء === وسر في غيوب العالمينـــا
وحكمة خالق الأكوان تجـري === على ما شاء لسنا الحاكمينا
فكل بلائه تدبير أمـــــــــــر === وكل عطائه حسن رضينــــا
فكم في الغيب من أمر خفــــي === لحكمة خالق الأكوان فينــــا
فلا ليــل يــــدوم ولا نهـــــار === ولا حزن ولا فرح سنينــــــا
ولا ماض يعود ولا زمــــــان === ولا شيب كشرخ أو بنينـــــا
ولا عسر يكــــون علـــى دوام === فبعد العسر يسر الموسرينـا
ومن يك في زمان عاش قرنـا === يرى فيه عجاب المخبرينـــا
عـزيـز ذل فيهـا فـــي صغــار === ذليــل عـــز مثـل الأكرمينـــا
شريف القوم ينكس من علــو === يساق إلى سجون المجرمينا
ويرقى من ثرى ترب وضيــع === إلى آفاق شمس المشرقينـــا
فللدنيا دوائر في مـــــــــــدار === بأفلاك هـــــدى المتأملينـــــا
هي الدنيا وساكنها فنــــــاء === وليس تجير أيــدي المالكينـا
هي الدنيا تدور ولست تـدري === ولن يدري جهــول الجاهلينا
هي الدنيا تدور وأنت تلهو === مع الأيام لهـو الزائغينـــــــا
هي الدنيا تدور وكـل حـــي === يذوق مرارة الأيــام حينــــا
هي الدنيا كزرع من ثمـــار === ويوم الدين حصد الزارعينا
هي الدنيا إذا أمعنت فيهـــــــا === كسجن أو جنان الغاشمينــا
فإما في جنـــــان مثل كفــــــر === وإما أن تكون بها سجينــا
فسجن المؤمنين إذا استقاموا === وجنات الطغاة الكافرينـــــا
وما الدنيا سوى دار ابتـــلاء === بأفراح وأتــــراح بلينــــــا
فظاهرها الوسامة والتحلـــي === وباطنها قبيـــــح لا تبينـــا
فلا تك في نوائبها هلوعــــــا === كقوم فـــي هـــلاك خائضينـــا
ولا كالنفس في صد لوعـــظ === تفــر مــن الكرام الواعظينـــا
شهودا سخر الرحمــــن فيـنا === ملائكـــة كرامــــــا كاتبينــــــا
فمن لزم التقى في كل بـــاب === سيؤتى مــخـــرجـا كالمتقينـــا
فبادر بالمتاب وكن شريفــــا === يحـــــب الله خيــــر التائبينــــا
ألسنا نحن من ماء مهيــــن === ألسنـــا نحن خلــــق الله طينـــا
ونركن في ذرى الأيام ذنبـــا === ونغفـــل غفلــــــة المتغافلينــــا
ونلهو بالغرور بلا حيـــــــاء === وتأخذنا شمــــالا أو يمينـــــــــا
لهونا بالملاهي في تــــــوان === ونحن على ذنـــــوب راكبينــــا
هي الداء العضال ولـيس داء === كداء مثـــــل داء المذنبينــــــــا
إلى حتى متى سهـــو ولهـو === سمود في الملاهــــي غارقينــا
ننام تظل تحرسنا المنايــا === أنصحو أم رقـــاد الهالكينـــــــا
تمر بنا الليالي في دهـــاء === نسير إلى هـــلاك عابرينـــــــا
وينقص عمرنا في كل يـــــوم === وندنو من قبور الراحلينــــــــا
هي الأيام تظهر فعل قــــــــوم === وإن كانت فعائلهــــم دفينــــــا
ويوما سوف ينكشف الغطــاء === ويظهر فعل قــــوم ظالمينــــــا
وإن طال الظلام بأرض قــــوم === سيشرق فجر ليل الحائرينــــا
وإن الليل بحر من خيــــــــــال === وأنس في قلوب السامرينـــــا
وصمت الليل يحكي في سكون === ويسمع من هموم الشاكيينــــا
ألا يا ليــــل كـــم آنست قومــا === وكم سامرت قوما آخرينـــــــا
فسامر عاشقين الليــــل حبـــا === من الأشواق قد صرخوا حنينا
وهز الشوق أرواحا تلاقـــــت === وذابت في نكـــوب العاشقينــا
وتعرج في فضا الأكوان ذكـرا === فتاهت في سمــــاء الآمنينــــا
لقد آنست عبـــــادا فباتـــــــوا === بذكر الله قرآنــــــا مكينـــــــــا
إذا ما جن ليـــــل في ركــــوع === يخروا في خشوع ساجدينــــا
فقد أحيـــــوا لياليهم بذكـــــــر === وقرآن ينير القلــــب دينــــــــا
فآيات الجنــــان تزيد شوقـــــا === وإن كانت عذابــــا شاهقينــــا
جنوبهــــم تجافت لا نيـــــــــام === دعو الرحمن خوفـا طامعينــا
فقل هجوعهم ليـــلا فقامـــــوا === وفي الأسحار هم يستغفرونــا
فكم من مقلــة ثجـت دموعــــا === بالعبرات باتـــــوا الدامعينــــا
وترتاع القلوب مــــن ادكـــــار === من الزلات خوفــــا باكيينـــــا
فهم رهبان ليلهــــم وكانــــــوا === لفرسان النهـــار مشمرينـــا
ولو عرف الزمان حقوق قــوم === لناصرهم وقبلهـــــم جبينـــا
وكل سوف تدركـــــه المنايــــا === ولسنا في الحيــــاة معمرينـا
سيفنى الخلق كلهــــم جميعــا === ويبقى وجه رب العالمينـــــا
وأنفسنا نعاتبهــــا مـــــــــرارا === ونخشى زلــــــة المتغافلينا
وتدمي العين مدرارا وشوقـــا === إلى الفردوس والقلب حنينـا
فروح ثم ريحــــــان نعيـــــــم === وحور العين دار الخالدينـــا
وريق الشهد أنهار مصفـــــى === وخمر لـــــــذة للشاربينـــا
فليس لنا سوى رب البرايـــا === بدا خلق الورى ماء وطينـا
هو الملك العليم بكل شــــيء === يد الرحمن فوق المالكينـــا
فترزق من تشاء بلا حســـاب === وتمنع إن تشاء الآخرينــــا
فإنا راجعون إليـــــك ضعفــــا === وإنا ظالمـــــون ومعتدونــــــا
ظلمنا أنفسا نفســـــا فنفســــا === وفي العصيان كنا المسرفينــا
أتينا الذنب في ســـر وجهــــر === ولم تردع عظات الواعظينــــا
عيون المخطئين تسيل دمعـــا === أتوك عن الخطايا نادمينــــــــا
إلهي أنت أعلـــــم بالخفايـــــا === وما كنت صدور العالمينــــــــا
فكم باك إليك وكــــم منيــــــب === وكم شاك زمان المعتدينــــــــا
فكم أغنيت من رجل فقيــــــــر === وكم أخصبت أرض الزارعينا
وكم عافيت من مرض سقيـــم === وكم أظهرت حق المشتكينــــا
وكم ألفت بين قلوب قـــــــــوم === وكم أقهرت ظلم الظالمينــــــا
وكم أهلكت يا قهار قومــــــــا === وكم أجزيت قوما آخرينـــــــــا
فرب غمامة كانـت هلاكــــــــا === لقوم في ربوع المفسدينـــــــا
أقل عنا ركاما مــن ذنـــــوب === حلاكا في زمـان الحائرينـــــــا
ونسألك السلامة من شــــرور === وفيضا من ســلام آمنينــــــــا
وآمن روعة في كـل قلــــــــب === ويسر أمر كـل المعسرينـــــــا
فلا ملك سواك ولا مــــــــــلاذ === سواك إليك كـل السالكينـــــــا
أيا رحمــن ألفنـــــــــــــــا ودادا === وأدركنا بــــــودك آمنينــــــــا
أيا رحمن تبنا مــن ذنـــــــــوب === عظام مثـل تـــرب الراحلينـــا
أيا رحمن ثبتنــا كرامـــــــــــــا === وعبـادا بفضلــــك مهتديتــــا
أيا رحمن وارحمنــا جميعـــــــا === فأنت الـلـه خيـــر الراحمينــا
فحطنا بالهداية فــي ســــــــلام === وأكرمنــا كرامــــا أكرمينــــا
صلاة الله والتسليــم يتلـــــــــو === لنور الخلق خيـــر المرسلينـا
وآل البيت والأطهــار منهــــــم === مع الأصحاب بل والراشدينا
ومن يدعوا إلى الرحمــن طــرا === ولا يثنيه لــــــوم اللائمينــــا
ومن ورثو علــوم المرسلينــــا === وكانوا بالعلـوم العاملينـــــا
ومن في روضة الجنات درســا === تحفهـم الكرام مكرمينـــــــا
ومن والاهــم في نهــج خيـــــر === وسار على طريقتهــم أمينا

يعقوب أحمد العبادي
نزوى