الموضوع
:
قصة ليلى يوسف "شَهْدُ الْكُوبْرَا "
عرض مشاركة واحدة
احصائيات
الردود
8
المشاهدات
5872
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
المشاركات
3,719
+
التقييم
0.72
تاريخ التسجيل
Feb 2011
الاقامة
رقم العضوية
9742
02-19-2012, 04:12 AM
المشاركة
1
02-19-2012, 04:12 AM
المشاركة
1
Tweet
قصة ليلى يوسف "شَهْدُ الْكُوبْرَا "
كَالطِّفلةِ الشَّغوفَةِ، رَاحَت تَستَوقِفُ كلَّ مَارٍ مُستَفسِرةً عَن اِسمِ شجرةٍ اِحتَارتْ فِي أَمرِها. بَعدَ بُرهَةٍ، أَيقَنت أنَّها لَيسَت الوَحِيدة الجَاهِلة. لِحسنِ الحَظِّ، دلَّها مَارٌ فِي النِّهايَة علَى اِسمِها، فَهيَ شَجرةُ الطَقسُوس، أحَد أَفرَاد أُسرَة الصُّنوبَر العَتيقَة. لقَد كَان، فِي الوَاقِع، عَليمًا بِتفَاصِيل الشَّجرةِ كَامِلة، إذْ مَا لَبثَ وَأنْ أَضَاف: "مِن المَعرُوف عَن هَذه الشَّجرَة أنَّ كلَّ جُزءٍ فِيهَا سَامٌ للغَايَةِ ..."!
شَعرَت بِالأَرضِ تَميدُ بهَا، ثَمَّ مَا لَبَثت وَأنْ تَعجَّبَت فِي ذِهنِها: هَل هيَ السُّمُّ اللَذِيذ الَّذي إلَيْهِ نَمِيلُ؟!
لَجمَها صَّمتٌ مفاجئ، مَا لَبثَت وَأنْ كَسرَته بِهَمسِها:
"لكَنَّها لَذِيذة!"، وَكأنَّها تَستَبعِد أنْ يَكونَ مَا سَمِعتُه حَقِيقَةً.
لَم يَكُن غَريبًا عَليْها التَّوقُّف عِند كلِّ شَجرةٍ وَمُناجَاتهَا. فَلهَا معَ كلِّ شَجرةٍ حِكايَة؛ لَكن سِحرَ الحبَّايَة الصَّغيرَة المُعلَّقَة علَى تِلكَ الشَجرةِ هُو الَّذي نَادَاها. لَم ترَ مَثيلًا لهَا قَبلَ هَذه الزِّيارَة. الحبَّايَة معَ أخوَاتهَا، كَجَواهِر شَجرةِ المِيلَاد، تُنمِّق وَجهَ أمِّها وَتتبَاهَى. تَوقَّفت عِندَها لتُناجِيهَا رَغم جَهلِها باِسمِها. كلّ مَا كَانَت تَعرفُه عنهَا هُو أنَّها ثَمرةُ شَجرةٍ مِن أَفرَادِ عَائلَةِ الصُّنوبَر العَتيقَة، لكنَّها عَائلَة مُتشعِّبة، يَصعُب تَصنِيفُ أَفرادِهَا.
تَعلَّقَت نَفسُها بِالحبَّايةِ الصَّغيرَة، وَلِشدَّة وَلعهَا بهَا، اِمتدَّت يَدهَا لتَحتَضنهَا. دُون أنْ تَدرِي، مِن أمِّها، اِقتطفَتهَا. بِمجرَّد أنْ لَمسَتها، سَالَ دمعُ الحبَّايةِ علَى يَدهَا! هيَ جَوْهرةٌ مِن القَلبِ رَقيقةٌ، تَنتَمي إلَى كَوْنٍ مُتعَالٍ عَن كَوْننَا.
سِحرُ الحبَّايةِ وَرقَّتهَا المُتنَاهيَة لَم يَبرَحا مَخيلَتهَا تِلكَ الليْلةِ. فِي اليَومِ التَّالِي، قَادهَا قَلبُها إلَى نَفسِ الشَّجرَةِ؛ وَبمُجرَّد أنْ رَأتْ وَاحدَةً مِن جَواهِرهَا، قَبَّلتهَا بِلهفَةٍ وَراحَت تُناجِيهَا. حَاوَلتْ مُقاوَمة إِغرَاء اِقتنَائهَا كَي لَا يَسِيل دَمعُها؛ لَكن، فِي غَيْبةٍ مِن عَقلِها، اِمتَدَّت يَدُها وَاقتطفَتهَا.
الْجوْهرَة فِي يَدهَا بَرقَ سِحرُها وَزَاد شَغفُها بهَا، فَهمَّت بِتذوّقهَا. الشَّهدُ كانَ طَعمَهَا.
بِمُجرَّد أنْ فَاقَت مِن ذُهولِها، جَرَت إلَى أَقربِ صَيدَليَةٍ وَالأسئِلَةُ عَن سرِّ الشَّجرَة وَجوَاهرِها المُغرِية تَتلَاطَم فِي ذِهنِهَا. هَكذَا، أَدرَكتْ كَم كَانَت مَحظُوظة. فَكمَا اِكتَشفَت، علَى الرَّغمِ مِن أنَّ كلَّ جُزءٍ مِنهَا سَام لِلغَايةِ، خَاصَّة النُّواة المُختَبئَة دَاخلَ الحبَّايةِ الجَذَّابةِ، الجُّزء الَّذي تَذوَّقَته هُو الوَحِيد الخَالِي مِن السُّمِّ.
هَل هيَ شَهادةُ بَراءَةٍ للشَّجَرةِ الَّتي تَمنَح شَهدَ قَلبِها للْكَوْن رَغمَ سمّ عَقلِها؟! علَى أي حالٍ، لَم تنسَ حَمدَ اللهِ الَّذي أَلهَمهَا التَّخلُّص مِن النُّواةِ السَّامَّة قَبلَ فَواتِ الأَوانِ؛ لَكن، هَل سَتتُوب عَن اِستِكشَاف تِلك الغَابة المُسمَّاه، حَيَاة؟! الطِّفْلة فِي نَفسِها، أَبدًا، لَا تَنَام.
الآن، فَتِّشوا عمَّن تُشَاركُ الطَّيرَ أَكلَ الزَّهرِ فِي "المَنَام" أَدنَاه:
http://www.mql.cc/NewsDetails.aspx?id=134
وَإنِ طَالَ غِيابِي هَذِه المَرَّة، سَلُوا عنِّي الشَّجرَةَ!*
***
-------------------------------------------
* يَوْمَ الْإِثْنَيْن الْمُوَافِق لِلْعَاشِرِ مِنْ شَهْرِ أُكْتُوبَر، عَامَ 2011.
http://odaba2.blogspot.com
رد مع الإقتباس