عرض مشاركة واحدة
قديم 01-23-2012, 10:46 AM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
نقلا عن القدس العربي على الرباط التالي:
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fn...2-17-01-37.htm


عطر يتجدد في الميلاد وفي الرحيل: الفضائيات تحتفل بعيد ميلاد جمال عبد الناصر


2012-01-22

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

القاهرة – القدس العربي – من كمال القاضي ـ يأتي ميلاد الزعيم جمال عبدالناصر هذا العام مشحوناً بالعواطف، فقد بلغ الرجل الاستثنائي المولود في 15 كانون الثاني (يناير) 1918 والمتوفى في 28 ايلول (سبتمبر) 1970 – 94 عاما .
وللاحتفال بيوم ميلاده دلالة كبرى، حيث لا زالت الجماهير تعتبر أن عبدالناصر يعيش بينهم، فاستمرار مسيرته النضالية يعني استمراره على قيد الحياة، وتشهد بذلك انجازاته العظيمة التي من بينها السد العالي وهو صرح قضت المصادفة أن يتم الاحتفال به أيضا في هذا الشهر باعتبار تاريخ التشييد عيدا قومياً لمحافظة أسوان.

وربما تعود خصوصية الاحتفال بميلاد رئيس الجمهورية العربية المتحدة، وأحد إنجازاته العملاقة الى الزخم الثوري الذي تعيشه مصر منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن، إذ تستحضر الملايين روح الزعامة الملهمة للثورات والملهبة للحماس فيزداد ألق الثوار وتعلو حناجرهم بالهتاف ويجهرون بمطلبهم الرئيسي (الحرية) ليرفعوا رؤوسهم عالية كما علمهم الزعيم الخالد، وقد كان لافتاً هذا العام أن تحتفي جميع وسائل الإعلام بالمناسبة الوطنية القومية وتنقل مقاطع من احتفال أسرة جمال عبدالناصر بذكرى الميلاد لأول مرة، من دون قيود أو محظورات وتنوه بحضور شخصيات سياسية وعسكرية بارزة، من بينها اللواء محسن الفنجري ممثلا عن المجلس العسكري، وحمدين صباحي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية وعدد من الكوادر المهمة الأخرى مثل عمرو موسى المرشح المحتمل أيضا للرئاسة ونخبة متميزة ممن لهم ميول ناصرية، وهي مؤشرات تعطي ملمحاً دالا على أن ثورة 25 يناير لم تؤثر سلباً على رموز ثورة يوليو وزعيمها، بل أنها عززت ذكريات الماضي وأعطت فرصة أكبر لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة لتلقي الضوء على المشوار الطويل لصاحب الرسالة القومية وحامي البوابة الشرقية الذي أهدر النظام السابق والرئيس المخلوع حقه طوال الثلاثين عاماً الماضية.

من الفضائيات التي أفردت مساحة مطولة للاحتفال بميلاد ناصر كانت قناة دريم، وبالأخص برنامج (العاشرة مساء) الذي تقدمه الإعلامية النشيطة منى الشاذلي، إذ مزج التقرير الذي أذيع في نفس الذكرى السنوية ليوم عيد ميلاد جمال عبد الناصر 15 يناير بين مقتطفات من بعض الخطب السياسية التي تحدث فيها الزعيم عن آمال ثورته وطموحاتها، وبين دفاعه عن مشروعه العربي الوحدوي، فضلا عن حديثه الدائم عن حقوق العمال والفلاحين من عموم الشعب، فيما لمحت فضائيات أخرى مثل روسيا اليوم الى انجازات يوليو بشكل عام وما أحدثته من تغييرات جذرية في المحيط العربي، مع عرض لصور نادرة لجمال عبدالناصر في مراحل مختلفة من حياته، ولم تكن هذه المرة الأولى التي احتل فيها المشروع الناصري مساحات واسعة على القناة الروسية، غير أن الإذاعة من جانبها كانت أكثر وضوحاً في هذا الصدد، فعلى مدى يوم كامل تجاوبت المحطات كلها مع مشاعر الجماهير فأذاعت مختارات من الأغاني الوطنية لعبدالحليم حافظ وأم كلثوم وعبدالوهاب فسمعنا على عدة موجات "نشيد وطني الأكبر، كلمة شعب، ريسنا ملاح، لفي البلاد ياصبية، جمال ياحبيب الملايين" فعادت إلى ذاكرتنا أيام من المد الثوري والمجد الغنائي والفني وتنسمنا عبير الأيام الخوالي التي لعب فيها الإبداع دوراً ريادياً موازياً للدور السياسي على صعيد المواجهة ضد القوى الإمبريالية، التي كثيراً ما أشار إليها الزعيم عبدالناصر وحذر من مخططاتها الاستعمارية ومحاولاتها إجهاض وتقويض أي مشروع نهضوي بالمنطقة العربية ودول العالم الثالث.

ما تم تقديمه من إبداعات غنائية وموسيقية وسينمائية ومسرحية كان رجعاً لصدى الثورة وانعكاساً لأحلام قائدها العريضة في إحراز التفوق بجميع المجالات، وها هي أحلامه ومنجزاته لاتزال مختزنة في عقول ووجدان أحفاده الذين صنعوا ثورة يناير، وهو المعنى ذاته الذي أشار إليه نجله عبدالحكيم عبدالناصر في الاحتفال بذكرى والده بمنزل العائلة، عندما أعرب عن سعادته بقيام الثورة الشعبية وامتنانه للشعب المصري المناضل الذي خرج من كل صوب الى الميادين بأنحاء الجمهورية قاطبة ليعلن تحرره من العبودية والتمرد على نظم القهر الاجتماعي وما آلت إليه البلاد، في ظل سيطرة العصبة الحاكمة على مقدرات البسطاء وأرزاقهم ثمة إحساس بالفخر كان يطل من عيني حكيم وهو يدلي بشهادته التاريخية امام عدسات التلفزيون والمصورين الصحافيين بما يشي بانه كغيره من الملايين طال انتظاره لبلوغ هذه الغاية ومعايشة الحلم الكبير بالحرية، ولم يغب صوت عبدالحليم حافظ الذي رافق رحلة كفاح الرئيس عن المشهد الاحتفالي، ولكنه كان خلفية ثابتة لكل ما ورد من صور ساكنة ومتحركة لرحلات ناصر وجولاته في الداخل والخارج، كأنه العنصر التأثيري لسيمفونية الشجن والإحساس الغامر بوجود رب العائلة العربية الغائب الحاضر بين أبنائه يسمح ويرى ويتكلم، وكذا كان رفاق الدرب والمسيرة صلاح جاهين وبليغ حمدي وجلال معوض حاضرين ايضا، فهم شركاء في صناعة الملحمة الوطنية مع عبدالرحمن الأبنودي، ذلك الوتد الراسخ على أرض الوطن الحبيب يشد بصلابة أطراف خيمته ويمنحه من إبداعه المزيد فتتبدى آياته الجميلة في سجاياه النبيلة، إذ هو جزء أصيل من ملامحه وذكرياته وآلامه وانتصاراته وانكساراته.

إن ما يستهوي الناس في الاحتفال بذكرى ميلاد جمال عبدالناصر ليس "البروباغندا" وإنما رغبة صادقة في استعادة مجد فائت يشكل في مجمله تفاصيل صغيرة وكبيرة في حياة كل مواطن مصري عاصر الزعيم أو لم يعاصره، حيث من عاصره رآه رؤية مباشرة واستفاد من تجربته وتربى على شعاراته، ومن لم يعاصره اشتم رائحته وتداول سيرته وتعرف على خصاله وامتلأ وجدانه بفائض نبله وعطره، فقد أدركت الأجيال عظمة الرجل من مفارقات المقارنة بينه وبين غيره ومن جلسوا على مقعده وورثوا مهامه وسلطاته وانجازاته فبددوها وأهدروا ثرواتها.

من هنا جاء الانحياز لمن انحاز إليهم وعمل من أجلهم ودافع عن حقوقهم وكرامتهم.

وهج من الاحتفال بذكرى ميلاد الزعيم ليس رفاهية ولا إفراطا في الحب، ولكنه الوفاء لا يكون إلا لمن حكم فآمن فعدل فمات مطمئناً وبقيت ذكراه عزيزة غالية في الميلاد وفي الموت.