الموضوع
:
قراءة في قصيدة "إلى البحرِ أطوي كُلَّ مَوجٍ..." للشاعر عبد اللطيف غسري
عرض مشاركة واحدة
01-16-2012, 03:23 PM
المشاركة
19
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,768
تابع ،،،
قراءة في قصيدة "
إلى البحرِ أطوِي كُلَّ
مَوجٍ
...
" للشاعر الاستاذ عبد اللطيف غسري:
ضِفَافُ الصَّدى تنزَاحُ.. أمْسِكْ ذُيُولهَا = إذا الصوتُ
مَعْنًى لِلصَّدى وَمُرَادِفُ
يعود الشاعر في هذا البيت لاستنهاض الهمة، همة نفسه الشاعرة طبعا، ونسمعه وهو يخاطب ذاته من جديد، حاثا إياها على أن تُقدم دون تردد على الكتابة الشعرية ، ومخاطبا ذاته بقوله "لا تقف هناك جامدا، وأنت تداعب حلمك، غير مدرك لسرعة مرور الزمن".
وفي هذا البيت الجميل والذي يشتمل على صورة شعرية معقدة وجميلة، نجد أن الشاعر يحث نفسه على الإسراع في العمل، والتصرف قبل أن يتلاشى صدى ما حققه من نجاحات في مجال الكتابة الشعرية، حيث شبه الشاعر صدى ما حققه من نجاح بنهر جارف، جاري، لكن الشاعر يرى ضفاف ذلك النهر من المجد والشهرة تنزاح بعيدا عنه، وفي ذلك كناية عن تلاشي صدى ما حققه من نجاح... لذلك فهو يخاطب ذاته حاثا أيها على الإمساك بذيول ما حققه من نجاح، قبل أن تتلاشى تماما كما يتلاشى الصدى.
وفي استخدام كلمة ذيولها ما يشير إلى صفة الاستعجال التي يضمنها الشاعر لهذا الشطر من البيت فهو يرى بأن توقفه عن ألكتابه جعل صدى ما حققه من نجاح يكاد يختفي وفي ذلك حثٌ على الاستعجال في التصرف والعودة إلى الكتابة، وهذا ينسجم مع حالة الاستعجال التي ضمنها الشاعر في البيت الأول من القصيدة.
ونجد أن الشاعر قدم الصدى على الصوت لان التلاشي هي صفة الصدى، الذي يقع كنتيجة للصوت، ويتلاشى تدريجيا.
ومن هنا نفهم الشطر الثاني من البيت على انه مخاطبة للذات من اجل الاستمرار في قول الشعر الجميل، الذي يمثل رفع الصوت والجهر به، مما يؤدي إلى وقوع الصدى.
وعليه فأن مخاطبة الشاعر لذاته بأن يستعجل في الإمساك بذويل الصدى قبل أن تتلاشى هي في الواقع استنهاض للهمة على الاستمرار في قول الشعر، الذي هو الصوت والذي ينتج عنه الصدى الذي يكاد أن يتلاشى.
فخوف الشاعر الذي يدعوه إلى الاستعجال في التصرف نابع في الواقع من خشيته أن يتلاشى صوته الشعري الذي ترك صدى عظيما...وذلك إذا ما استمر في الوقوف جامدا كالظل بينما الوقت يمر مسرعا.
ونجد أن لهذا البيت وقع عظيم على المتلقي، ناتج أولا من تشبيه الشاعر لصدى ما حققه من نجاح بالنهر الجارف العظيم ودليل عظمته تلك الضفاف التي كادت أن تتلاشى لأنه توقف عن الكتابة.
ثم من استخدامه لكلمات توقظ حواس المتلقي، وأهمها حاسة السمع باستخدام كلمات (الصوت و الصدى)، وفي استخدام كلمة ( امسك ) إيقاظ لحاسة اللمس عند المتلقي. وفي الشطر الأول تشخيص لضفاف النهر وكأنه كائن له ذيل. وفي استخدام كلمات ( الصوت والصدى ) استثمار للتضاد الذي له أعظم اثر على ذهن المتلقي.
والصورة الشعرية المتمثلة في ( ضفاف وتنزاح ) ما يوحي بالحركة،وهو ما يجعل البيت ينبض بالحيوية والحياة.
وفي هذا البيت ما يشير بوضوح إلى قدرة الشاعر عبد اللطيف غسري المهولة على تطويع الكلمات ليوصل لنا ما يريد أن يقوله عبر صورة شعرية غاية في الجمال والتأثير رغم ما يشوبها من تعقيد ظاهر هنا، وتقديم للصدى على الصوت.
ولا عجب إذا أن يفتخر بقدرته ويمدح ذاته الشاعرة.
رد مع الإقتباس