عرض مشاركة واحدة
قديم 01-08-2012, 03:05 AM
المشاركة 30
علي عبدالله
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي إضافة لطرح الأستاذ الوراق
المبدع .. الأستاذ أحمد الوراق
أحببت أن أضيف لطرحك الرائع , بأن دقة العقل تأتي نتيجة لتكرار التجربة , لذلك فالإنسان يحتاج للممارسة من أجل الإتقان , فالخبرة هي عبارة عن محاولات متكررة تقل فيها نسبة الخطأ تدريجياً , والإنسان في كل محاولة يتجنب الأخطاء السابقة من أجل الوصول للوضع السليم , ونجد الإنسان في كل محاولة يحس بوجود خطأ ومن ثم يحاول اكتشافه عقلياً , وبعد الاكتشاف العقلي للمشكلة يبدأ العقل بالبحث عن حلول ثم يعرضها على الشعور , والشعور هو من يحدد له أفضل الحلول التي توصل إليها العقل , وعلى قدر مهارة العقل في البحث والعرض على الشعور وتحسس الأفضل بموجب اختيار الشعور , على قدر مستوى الإبداع الذي سيصل إليه الشخص , وهذا ما يميز أصحاب الحرفة الواحدة عن بعضهم مع أنهم يمتلكون أفضل الأدوات , فنجد رساماً يدمج الألوان بشكل أفضل من غيره , والسبب هو أن درجات الألوان التي يستخدمها في الرسم كانت موافقة الشعور عليها أكبر , مع أن العقل البشري لا يستطيع أن يخبرنا بدقة ما السبب في أن ألوان هذا الرسام أفضل من ألوان الرسام الآخر ؟ ولماذا اللون الأحمر في هذه اللوحة أفضل من اللون الأحمر في اللوحة الأخرى ؟ حتى في اختيارنا لملابسنا , فنحن نختار الألوان بلا مبرر عقلي سواء في الأثاث أو الملابس .. الخ . وندفع المال من أجل لون أعجبنا مع أن سعره قد يكون أعلى , ولو كانت المسألة عقلية لاشترينا أي لون مادام سعره أقل , وهذا يدل على أن الشعور سابق للعقل , وأن الشعور له قيمة لدى الإنسان أكبر من العقل , وعلى العقل أن يبحث عن الأسباب التي جعلتنا نختار هذا دون ذاك , وقد يعرف العقل أحياناً ولكن حجم ما لا يعرف أكبر من حجم ما قد يعرف . وإذا كان العقل هو الذي يفعل , فعليه أن يخبرنا عن أسباب كل ما نفعل , فأحياناً نرى شخصاً لأول مرة ونكرهه بلا مبرر عقلي , والكراهية هي شعور لأن الإنسان يحس بالكراهية وليس يفكر بها , ونكتشف مع مرور الوقت بأن هذا الشخص سيء . إذا الشعور سابق وهو يعطي تقييمات لكل شيء قبل أن يفكر فيها العقل , فلو ذهبنا إلى بلد لم نزره من قبل , نجد تقييمات الشعور تسبق العقل , فقد نحس بأن هذا البلد مريح ولا نعرف السبب , ثم يأتينا إحساس بأن سكان هذا البلد طيبين مع أننا لم نعرفهم جميعاً , وغيرها من الأحاسيس التي تسبق العقل , ثم يبدأ العقل في البحث عن إثبات لتلك الأحاسيس لينتج له أفكار جديدة لم يكن يعرفها من قبل , وبذلك فالشعور هو عقل يحتاج إلى ترجمة , ونجد الفيلسوف يُنتِج فكرة من مثال , أي يرى موقف إنساني مثلاً , ويحس بأن هذا الموقف يحتاج فهم ليأتي بعد ذلك دور العقل فيفسر ذلك الموقف , وبذلك أنتج الفلاسفة نظريات في لفهم الإنسان بدأت من مثال , أما الإنسان الذي لا يحترم شعوره في هذا الجانب , فهو بحاجة إلى مثال لكي يفهم الفكرة , أي كأنه يرى بالحركة البطيئة كل ما فعله الفيلسوف .

الطفل دقيق في معرفة الأمن والحب مع أن عقله في بداية النمو ـ كما ذكرت أستاذي ـ مع أنها أمور معنوية دقيقة من أين حصل الطفل على الاتقان في معرفة أمور معنوية دقيقة , والسبب في هذا لأن الطفل لا زال يعتمد على شعوره بشكل أكبر من اعتماده على عقله , وعندما يكبر الطفل ويصبح شاباً نجد أن هذا الإحساس في كثير من الشباب يقل لأنه ابتعد عن شعوره وأخذ التقييم من الخارج أو المجتمع , وبذلك يفقد دقة التقييم التي كان يمتلكها وهو طفل . ودقة الطفل تكونت بلا خبرة عقلية وهذا يثبت أن الإنسان لا يولد صفحة بيضاء , بل أن شعوره متكامل , أما عقله فهو الذي ينمو تدريجياً , بل حتى عندما يكبُر فهو لا يستطيع أن يفسر عقلياً لماذا أحب فلاناً ولماذا كره الآخر بدقة , ولو سألته عن سر دافع الحب أو الكره لما استطاع أن يجيبك , وهذه الأمور حيرت الفلاسفة عقلياً مع أن البشرية تحب وتكره بلا تفسير عقلي , ومن ذلك فالعقل يعتبر آلة بطيئة مقارنة بالشعور الذي يقف وراء كل دوافع الإنسان بما فيها أفكاره .

الأستاذ الوراق .. أنرت فكري بكل ما طرحته .. لك أرق تحية

وكل الشكر للزملاء في هذا المنتدى الراقي لقبولي معهم وكريم أخلاقهم .