في تلك المدينة التي يعمها السكون..
شقت صرخةٌ مدويةٌ تملؤها اللوعة
صمت ذلك المكان
فهرعنا إلى ذلك المكان ..
فإذا بها امرأةٌ يعلو وجهها الشحوب
وتقول بصوتٍ مرتجف:
لقد ضاع ولدي ..
لم يتجاوز بضع سنواتٍ من العمر ..
قد يكون ذهب إلى اللعب مع الأطفال
أو ذهب للبحث عن طعامٍ لأخوته الصغار
أو ذهب للعمل مع والده في المتجر..
وانطلقنا للبحث عنه في كل مكان
الشوارع ..
الأزقة ..
المتاجر..
السوق ..
الحدائق ..
وهطل المطر غزيراً ..
فحثثنا الخطى للبحث عنه
فقد يصاب بالبرد..
وهناك بعيداً ..
وجدوه ..
كان له وجه ملائكيٌ صغير
تملؤه البراءة في كل ملامحه
وشعره المنسدل على جبهته
وماء المطر يقطر من جبهته
وفي كفه الصغير وردةٌ بيضاء
مضرجةٌ بدمائه ..
مازال ممسكاً بها بقوة رغم أنه فارق الحياة..
وعلت شهقةٌ قويةٌ في المكان
واحتضنته أمه وهي تبكي بلوعة ..
لم أدر ِ كم ذرفت عيناي من الدمع
وتلك القبضة الباردة تعتصر قلبي
ومشاعر الغضب اختلطت بمشاعر الحزن والآسى
والناس من حولي يذرفون الدمع بسكون
وأشتد هطول المطر
فانفض الناس من حولها بهدوء
وهي تحتضن الطفل وتبكي بحرقة وصمت..